بعد حادثةِ المحمَلِ في حَجِّ العام الماضي بمَنْعِ دخولِه مكَّةَ، أمر المَلِكُ فؤاد بقطع إرسالِ كِسوةِ الكعبة وريعِ أوقافِ الحرمين في الديار المصرية، وقَطْع العلاقة مع مملكةِ ابن سعود، وعلى الرَّغمِ أنَّ المَلِكَ عبد العزيز أرسل ابنَه سعودًا لمعالجة المشكلة وتصفية الجوِّ مع القصر الملكي إلَّا أنَّ الجفوةَ استمَرَّت بين مصر والسعودية، فدعا الملك عبد العزيز عام 1354 في حديثٍ له مع صحفيٍّ مصريٍّ إلى تحكيمِ الشَّرعِ في قضيةِ المحمَل، فقال: ولا خلافَ بيني وبين مصرَ، وأمرُ المحمَلِ متروكٌ إلى الدينِ وإلى حُكَّامِ الشَّرع.. وفي مِصرَ عُلَماءُ علينا أن نستفتيَهم، وأنا معهم فيما يأتونَ به من الكتابِ والسُّنَّة، وأبلِغْ مِصرَ عني أن حكومتي على استعدادٍ لكلِّ تساهل تطلبُه الحكومة المصرية يتَّفِقُ مع الشَّرعِ" وظل البلدان متقاطعين رسميًّا إلى آخر أيام فؤاد، ودخل عليه رئيسُ ديوانه علي ماهر وهو يُحتَضَر، فقال: ألا تجعَلُ في صحيفتك عمَلَ الدخولِ في مفاوضة مع بلاد الحرمين الشريفين؟ فأشار: لا بأس، وبعد وفاة فؤاد سنة 1355هـ عُقِدَت معاهدةُ صداقة بين البلدين، وانقَشَعت غمامةُ الجفاء، وتبادل المَلِكُ عبد العزيز مع الملك فاروق بن فؤاد الزيارةَ بينهما.