خطَّطت فرنسا -بعد أن انتهت الثورةُ العربية الكبرى ضِدَّ العثمانيين- لما ستفعله في سوريا، فأول ما قامت به هو فَصلُ لبنان عن سوريا، وخاصة أن فيه كثيرًا من الموارنة النصارى، وقد سنَّت دستورًا خاصًّا للبنان الكبير، ومع أنَّ الدستور لم ينُصَّ على ديانة الرئيس إلَّا أن فرنسا كانت مصممة على ألَّا يليَ الرئاسة إلا نصراني، فعُيِّنَ أولًا شارل دباس، وحاول حبيب باشا السعد أن يجعل اللهجةَ العامية هي اللغة الرسمية للبلاد؛ ليقضيَ على اللغة العربية الأصيلة، وبدأ التمييز الديني بين النصارى والمسلمين؛ من هضم للحقوق، وتدني في المستوى الاجتماعي والمعيشي، وعمَّقَت فرنسا هذا الموضوع الطائفي، وفي أول سنة 1936م تسلَّم الرئيس إميل إدة مهامَّ رئاسة لبنان الكبير، وتزايدت في عهده حِدَّةُ الصراعات الطائفية، ثم بدأت المفاوضات اللبنانية الفرنسية التي حذت حذو المفاوضات السورية الفرنسية، وكانت الكتلة الدستورية برئاسة بشارة الخوري قد تقَدَّمت بالمطالبة بأن تحلَّ محلَّ الانتداب، ثم تداعت القوى الإسلامية والقومية الوحدوية من مختَلِف الطوائف إلى عقدِ مؤتمر الساحل والأقضية الأربعة في مارس 1936م، وكانوا يطالبون بالوحدة مع سوريا، ثم عُقِدَ مؤتمر آخر هو المؤتمر القومي الإسلامي في أكتوبر 1936م، وطالبوا بالاتحاد مع سوريا وأن تكون هناك بنودٌ واضحة لحقوق وواجبات الطوائف، ثم بعد المفاوضات والأخذ والرد وُقِّعَت المعاهدة في 13 نوفمبر 1936م من قِبَل رئيس الجمهورية إميل إدة، والمفوض الداني دي مارتل الفرنسي، وكانت مدتها خمسة وعشرين عامًا اعترفت فيها فرنسا باستقلال لبنان، وتعهَّدت بمساعدته للانضمام للأمم المتحدة على أن يبقى جنود فرنسيون في لبنان، وتمثِّلُ فرنسا لبنان في الشؤون الخارجية والعسكرية.