بعد تولِّي الملِكِ فاروق عرشَ مصرَ قام بحل مجلسِ النواب الذي كان يتمتَّعُ فيه حِزبُ الوفد بأغلبية كبيرة، وكان الوفديُّون قد أحرزوا هذه الأغلبيةَ في الانتخابات التي أُجرِيَت في مايو 1936م، وكانت الحياةُ السياسية في مصر في تلك الفترة تعتَمِدُ على ثلاث قوى رئيسية فاعلة، هم: الإنجليز، والقصر، وحزب الوفد. قبل أن يدخُلَ الجيش إلى المعادَلةِ ويقلِبَ توازنات القوى فيها، جلس فاروق على العرش مع اهتزازِ وتراجُعِ شعبية حزب الوفد بعد توقيعِه على اتفاقية 1936 والتي كانت مكروهةً ومرفوضةً شعبيًّا. وعلى الرغم من حداثة سنِّ فاروق في تلك الفترة إلا أنَّه أدرك ضرورة اكتساب تلك الشعبية المفقودة من الوفد، قأقال حكومة النحاس الوفدية في 30 ديسمبر 1937، أي: في نفس العام الذي تسلَّم فيه سلطاتِه الدستوريةَ كمَلِكٍ على البلاد، وكلَّف محمد محمود الذي كان رئيسًا لحزب الأحرار الدستوريين المُوالي للقصر بتشكيل الوزارة. وكان أوَّلُ ما استصدرته الوَزارة الجديدة مرسومًا بتأجيل انعقاد البرلمان شهرًا، ثمَّ حَلِّ مجلِسِ النوابِ ذي الأغلبية الوفدية، إلى أن تمَّت الانتخابات في 1938 ولم يحصُلِ الوفدُ إلا على 12 مقعدًا فقط، والملاحَظُ في تلك الفترة هو التعددية الحزبية السياسية القائمة، حتى ولو بشكلٍ صوريٍّ؛ حيث سُمِح في انتخابات 1938 مثلًا بأن يتِمَّ ترشيح المستقلين، والذين حصلوا على 55 مقعدًا بجانب أحزاب الأحرار الدستوريين، والهيئة السعدية برئاسة أحمد ماهر المنشَقِّ عن حزب الوفد، بالإضافة إلى الحزب الوطني، وحزب الوفد.