حربٌ كونيَّةٌ مُدَمِّرة شاركت فيها معظَمُ دول العالم، استمَرَّت ست سنوات من 1 سبتمبر 1939م إلى 2 سبتمبر 1945م انطلقت شرارةُ هذه الحرب مع هجومِ ألمانيا على بولونيا في 17 رجب 1358هـ/ 1 سبتمبر 1939م؛ ليتسع ذلك الخلاف بإعلانِ كُلٍّ مِن فرنسا وإنجلترا الحربَ على ألمانيا، ثم تشكَّلَ طرفا النزاع من حِلْفَين: الأول دُولُ الحُلَفاء على رأسِها كُلٌّ من بريطانيا وفرنسا وروسيا الشيوعية، ثم انضمَّت إليهم أمريكا وغيرها من دول أوربية أخرى، والطرف الثاني دُوَل المحور وأبرز من يمثِّلُها ألمانيا النازية بقيادة هتلر، وإيطاليا الفاشية بقيادة موسوليني، والنمسا واليابان ومن التحق بهم من دول أخرى أو شعوب تبحث عن الخلاصِ مِن نِيرِ الاستعمار الأوربي، وقد تعددت أسبابُ ومراحل هذه الحرب الكونية التي بدأت بغزو ألمانيا لبولندا، وانتهت بإلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان، وشَمِلَت الحرب معظمَ أراضي القارات الأربع، وشارك فيها أكثر من 100 مليون جندي، وسَخَّرَت الدول الكبرى كلَّ طاقتها الاقتصادية والعسكرية والتقنية والبشرية، كما أسهم استخدامُ سلاح الجو وتطوره المحموم أثناء الحرب بين الدول الكبرى -لتحقيق أكبر قدر من النصر والمكاسب- في مضاعفة الخسائر البشرية والمادية أثناء سنوات الحرب وبعدها؛ حيث بلغت الخسائِرُ في الأرواح أكثر من 60 مليون قتيل، وعشرات الملايين من الجرحى والمشوَّهين والمشرَّدين الذين تم تدمير مدُنِهم بالكامل، ومن أبرز أسباب الحرب: أسبابٌ غيرُ مباشِرة للحرب، منها: 1/ الأزمة الاقتصادية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وما خلَّفَتْه من تدهور لاقتصاديات الدول الأوربية خاصة ألمانيا. 2/ معاهدة فرساي بشروطها القاسية التي استهدفت إضعاف ألمانيا عسكريًّا. 3/ خرق هتلر منذ وصوله إلى السلطة سنة 1933م لشروط فرساي عندما رفع عددَ جنود بلاده عن المتاح له باعتمادِ التجنيد الإجباري، وتطوير عتاده الحربي. 4/ ضمُّ هتلر لعدة مناطق بأوربا، كإقليم السار سنة 1936م، النمسا سنة 1938م. 5/ قيامُ تحالف بين الديكتاتوريات الثلاث ألمانيا وإيطاليا واليابان منذ سنة 1937م؛ لتنفيذ برنامج الحزب النازي. 6/ انسحاب الدول الثلاث ألمانيا وإيطاليا واليابان من عصبة الأمم 7/ توسُّع اليابانية في جنوب شرق آسيا (الصين). وأمَّا الأسبابُ المباشرة فأهمُّها: زيادة توتُّر العلاقة بين ألمانيا وفرنسا بعد عقد الأخيرة تحالفًا عسكريًّا مع الاتحاد السوفييتي والذي اعتبرته ألمانيا موجَّهًا ضِدَّها، فصَمَّم هتلر على استعادة عدة مناطق كانت قد انتُزِعَت منه بدعوى أن أغلبيةَ سكانه ألمان، فأعلنت فرنسا وإنجلترا الحرب على ألمانيا، فتضافرت العوامِلُ غير المباشرة مع المباشرة فاندلعت حربٌ كونية ثانية. وقد مرَّت الحرب في مرحلتين: الأولى: بين عامي 1939م و1942م، وتميَّزت هذه المرحلة باعتماد الحرب الخاطفة وشَمِلَت عدة جبهات في آسيا وأوربا، كالهجوم الإيطالي الألماني على فرنسا واكتساحها وتوقيعها هدنة مع دول المحور، وشَنِّ دُوَل المحور هجومًا جويًّا على المدن الإنجليزية بما فيها لندن، دام ثلاثة أشهر نتج عنه خسائر بشرية ضخمة، واحتلال إيطاليا ألبانيا ويوغسلافيا واليونان ودخولها مصر، لكن الإنجليز تمكَّنوا من طرد الإيطاليين من مصر رغم تركُّز الألمان في عدة مناطق من مصر، والهجوم الألماني على الاتحاد السوفييتي وتدميرها للسلاح الجوي السوفييتي على الأرض ووصول الألمان إلى مشارف موسكو، وعجزهم في التقَدُّم بسبب قساوة المناخ والمقاومة السوفيتية، وخلَّف هذا الهجوم خسائِرَ مادية وبشرية هائلة، والهجوم الياباني على القواعد الأمريكية بالمحيط الهادي عام 1941م، وإعلان روزفلت الحربَ على اليابان, وبفضل اعتماد ألمانيا أسلوبَ الحرب الخاطفة واستعمال دول المحور أسلحة جديدة متطورة جوًّا وبرًّا وبحرًا حققت ألمانيا وحليفاتها انتصارات كبيرة خلال هذه المرحلة. أما المرحلة الثانية من الحرب فقد تميزت بشمولية الحرب لأراضي القارات الأربع، وبحار ومحيطات العالم خاصة بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحربَ، ورغبة كلِّ معسكر في الانتصار؛ فقد انتصر الحلفاء في معركة العَلَمين بمصر عام 1942م, وتقَدَّمت القوات الإنجليزية نحو طرابلس حيث التقت بجيوشِ الحلفاء القادمة من الدار البيضاء، وبالتالي طرد قوات المحور من ليبيا ومصر وتونس سنة 1943م، وانتصار المقاومة السوفييتية في ستالينغراد على ألمانيا، وتحرير الجيش الأحمر للأراضي السوفيتية، وتشكيل التحالف الأكبر بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وإنجلترا، وشن هجوم على الألمان حُرِّرَت بموجبه فرنسا وتسلمت ألمانيا، وإعلان الحرب على اليابان، فكثفت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي هجومهما على اليابان برًّا وبحرًا وجوًّا ما بين 1944م و1945م نتج عنه هزائم متتالية لليابان وإغراق 4 حاملات طائرات يابانية، واستعاد الحلفاء عدةَ مناطق في غينيا الجديدة، والفلبين، ولَمَّا رفضت اليابان الاستسلامَ بعد الإنذار الموجَّه لها من الولايات المتحدة تم إلقاءُ قنبلتين ذريتين على هيروشيما في 6 أغسطس، وناجازاكي في 9 أغسطس سنة 1945م ما أسفر عن استسلام اليابان. كان استخدام القنبلة الذرية آخِرَ فَصلٍ من فصول هذه الحرب، وقد ساهم التفوق اللوجستيكي الأمريكي والمقاومة السوفييتية في تغيُّرِ الحرب لصالح الحلفاء، وكان من أبرز نتائج هذه الحرب: تغيُّرُ موازين القوى على الصعيد العالمي، وتغيُّرُ خريطة أوربا حيت توسَّعت مساحةُ عدة دول كبولونيا، بلغاريا، فرنسا، ويوغسلافيا، وكذلك الاتحاد السوفييتي، في حين فقدت دول أخرى جزءًا من أراضيها، كالنمسا، وألمانيا، واليابان، كما تم تقسيمُ ألمانيا إلى أربع مناطِقِ نفوذ خاضعة للدول الأربعة المنتَصِرة في الحرب: إنجلترا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي، وبنفس الطريقة قُسِّمَت برلين وفيينا؛ ومن أجل تجاوُزِ مخلَّفات الحرب الضخمة أنشأت الدولُ العظمى أثناء عقد مؤتمر سان فرانسيسكو سنة 1945م هيئةَ الأمم المتحدة.