قام العقيد حسني الزعيم بأول انقلاب عسكري في سوريا، ويعَدُّ الانقلاب الذي قاده العقيد "حسني الزعيم" في سوريا في 29 شعبان سنة 1368هـ/ 30 مارس هو الانقلابَ الأوَّلَ في تاريخ الدول العربية الحديثة. فبعد رحيلِ الفرنسيين عن سوريا كان الأمريكيون يخشون من تنامي التيارات العقائدية داخِلَ البلاد، خاصة الشيوعية واليسارية، ورأى الأمريكيون أنَّ تَرْكَ المسرح السوري للقوى السياسية للتفاعل فيه سيقود حتمًا إلى أن يوجد السوفييت في سوريا؛ ولذا رأوا ضرورةَ إحداث انقلاب عسكري للمحافظة على الأوضاع القائمة. فشجعت المفوضية الأمريكية في دمشق الجيشَ السوري على القيام بانقلاب. وقد رأى الأمريكيون أن حسني الزعيم أفضَلُ الخيارات المطروحة أمامهم؛ حيث كان يتَّفِقُ معهم في العداء للسوفييت، ومن ثم عقَد الأمريكيون معه عدةَ لقاءات عام 1948م. وكانت الأوضاعُ في سوريا قلقةً مضطربة خاصةً بعد نكبة فلسطين؛ حيث اتُّهِم بعض قيادات الجيش بالفساد، وجرى التحقيق مع بعضهم، واتُّهِم بعض السياسيين بسرقةِ المجهود الحربي للجيش، فاستقال وزير الدفاع، ثم استقالت الوزارة، واحتدمت النقاشاتُ بين السياسيين في البرلمان، حتى إن الشرطة تدخَّلت أكثر من مرة لفَضِّها، وانهارت الحكومةُ للمرة الثانية خلال فترة وجيزة. استغل حسني الزعيم الذي عُيِّن قائدًا للجيش في ذي القعدة 1367ه / سبتمبر 1948م هذه الظروف للقيام بانقلابه، فقام بإصدارِ أوامره إلى وحدات من الجيش بمحاصرةِ مبنى الرئاسة والبرلمان والوزارات المختلفة، وتمَّ اعتقال الرئيس "القوتلي"، ورئيس الوزراء، وعدد من القيادات والشخصيات السياسية. ثم قام حسني الزعيم عَقِبَ نجاح انقلابه بحَلِّ البرلمان، وشكَّل لجنة دستورية لوضع دستورٍ جديد، وقانون انتخابي جديد، وأعلن أنه سيتِمُّ انتخابه من الشعب مباشرة، وبدأ بخوضِ الانتخابات الرئاسية كمرشح وحيد، وفاز فيها بنسبة 99.99% في يونيو 1949م!! وقد نمت في عهدِه أجهزة المخابرات والأمن بطريقة غير مسبوقة، وتم استخدامُ أساليب الاعتقال والتعذيب مع المعارضين. أمَّا أخطر سياساته فهي اتجاهُه للتعاون مع الغرب بطريقة مبالَغ فيها، ووقَّع على اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، وبدأ يعتَمِدُ على الأقليات في المخابرات والجيش. رضي الشعب عن الزعيم بادئَ الأمر، ولكِنَّه بعد ذلك أخذ يرصُدُ أخطاءه الكثيرة، واستنكَرَ سياسته القائمة على كمِّ الأفواه وخنق الحريات، وحَلِّ البرلمان وتعليق الدستور. وكانت التجربةُ الاستبدادية القصيرة لحكم الزعيم كافيةً لتغذية السَّخط والتبرم بين صفوف الضبَّاط والمثقَّفين، فلم يلبَثْ أن حدَث الانقلابُ الثاني ليلة 14 أغسطس 1949، وذهب ضحيَّتَه الزعيمُ ورئيس وزرائِه.