بدَأَت الصِّداماتُ في السُّودان بين حُكومة النميريِّ الاشتراكيةِ وأنصارها مِن جِهةٍ، وبين حَرَكة المقاوَمة الشَّعبيةِ مِن جِهةٍ أخرى، وكان أوَّل الصِّداماتِ دُخول قُوَّات الأمْن إلى مَسجدِ عبدِ الرحمن المهدي الذي يَتجمَّع فيه الأنصارُ عادةً، فقُتِل ثلاثونَ رجلًا مِن الأمن في حِين قُتِل ألْفُ رجلٍ مِن الأنصارِ جَماعةِ المهديِّ، ثم رفَض الهادي زِيارةَ النميريِّ لجِزيرة "أبا" الواقعةِ في النِّيل الأبيض جَنوب الخرطومِ ويَملِكُها المهديُّ، وتجمَّعت قوَّاتُ جبهْة المقاومة الشَّعبيةِ في الجزيرةِ، قامت قُوَّات الحكومةِ بمُداهَمة جَزيرة "أبا" بالمدفعيةِ والمدرَّعات والطائراتِ، واشترَكَ فيها الطيرانُ المصريُّ، فقتَلَت أعدادًا كبيرةً من قُوَّات الجبهةِ، بل ومِن السُّكَّان أيضًا، حتى وصَل عددُ الضَّحايا إلى خمسةٍ وعشرين ألفَ قَتيلٍ، ثم أُذِيعَ بعدَ خمْسة أيامٍ عن مَقتلِ الهادي المهديِّ عندَ الحدودِ الشَّرقية مع الحبَشةِ أثناءَ مُحاولتِه الهربَ من البلادِ، وكانت القُوةُ العسكرية التي أرسَلَها النميريُّ إلى الجزيرةِ بقِيادةِ العميد أبي الذهب، ومعه قائدُ حامية كوستي، وبرُفْقته سِتُّ مائة جُنديٍّ، وبعد هذه المعركةِ عمِلَ الشُّيوعيون في الحكومةِ على جَرِّها لتَصفيةِ أعدائهم تَصفيةً جَسديةً؛ فعَمَّ القتْلُ في البلادِ وساد الخوفُ والذُّعرُ.