في باكستان، سار ضياءُ الحق في سياستِهِ الأوَّليَّةِ باتجاهينِ يكادانِ يكونانِ متناقضينِ: اتجاه بالتقرُّب إلى أمريكا، واتجاه إسلاميٌّ، فدعَّم المجاهدين الأفغانَ، وهذا ما كانت أمريكا راضيةً عنه ثأرًا لها من روسيا التي دعَّمت الفيتناميين ضِدَّها، ثم إنَّ ضياء الحق في أواخر أيَّامه بدَت رغبتُه في تطبيق الشريعة، حيث أخذ يُصرِّح مُتسائِلًا: بماذا يُجيب اللهَ يوم القيامة، إذا سأله عن عدم تطبيقه للشريعة، وأخَذ يعمل لذلك، وقرَّر إجراء استفتاء عام 1990م ليعرف ثقة الشعب وتجاوبَهُ السياسيَّ، ولكن هذا ما لا يرضي أمريكا، وخاصَّة أن أزمة أفغانستان انتهت، فعرضت أمريكا على ضياء الحق شِراءَ دبَّابات أمريكية وأحضرَتْها لباكستان لرؤيتها، ومعرفة مزاياها على أرض الواقع، وتحدَّد الموعد وكان سِرِّيًّا جِدًّا، فخرَجَ الرئيسُ ضياء الحق، ومعه السفير الأمريكي في باكستان، والمُلحَق الأمريكي لشؤون الدفاع، والخبيرُ بسلاح الصواريخ، ولم يخطُرْ ببال ضياء الحق أيُّ مكيدةٍ بما أنه برُفقة هَذينِ الأمريكيَّينِ، ثم بعد انتهاء العُروض استقلُّوا الطائرةَ التي ستتوجَّه إلى مطار راولبندي، وما إن أقلعتِ الطائرةُ حتى سقطت مُنفجرةً محترقةً بمن فيها، وذلك في 5 محرم 1409هـ / 17 آب 1988م وكان المتهمون كُثُرًا، فالرُّوس، والهنودُ، والأفغانُ الشيوعيُّون بسبب مُساعدة ضياء الحق للأفغانِ، وإيرانُ بسبب الخلاف في تطبيق الإسلام، أو الشيعة وخاصَّة بعد مقتل عارف حسين الحُسَيني رئيس حركة تنفيذ الفقه الجعفري في باكستان، واليهودُ بسبب مواقف ضياء الحق ضدَّ دولتِهم، والباكستانيُّون العسكريُّون الذين يُريدون السُّلطة، وأمريكا، ثم وحسب الدُّستور الباكستاني تسلَّم الرئاسة رئيسُ الجمعيَّةِ الوطنيَّةِ غلام إسحاق غلام.