جاء التوقيعُ على وثيقةِ جنيفَ من أجْلِ السلام في الشرق الأوسط في أول ديسمبر 2003م، ليواكبَ خريطةَ الطريق الأمريكية، وهي الوثيقةُ التي ظلَّ وزيرُ الإعلام الفِلَسْطيني ياسر عبد ربه، ووزير العدل الإسرائيلي يوسي بيلين يتفاوَضان حولهَا على مدى ثلاث سنوات، حتى تمَّ التوقيعُ عليها بحضور مئات الشخصيات الدولية، وتَدْعو هذه الوثيقة إلى إنهاء النزاع الإسرائيلي - الفِلَسْطيني، وإحلال السلام بين الطرفَينِ، وقيام علاقات دبلوماسيةٍ وطبيعيةٍ كاملةٍ بين فلسطينَ وإسرائيلَ، وتضَعُ هذه الوثيقةُ -غيرُ الرسميَّة- برنامجًا زمنيًّا لتسوية النزاع، وتُشكِّلُ بديلًا لقرارات الأمم المتحدة ذاتِ الصلة بالصراع في حالة إقرارِها رسميًّا من الحكومَتَينِ الفِلَسْطينية والإسرائيلية. وأكَّدت ديباجة الوثيقة على ضرورة وضع حدٍّ لنزيف الدماء بين الشعبين الفِلَسْطيني واليهودي، واحترام حق الجانبَينِ في العيش داخلَ حدودٍ آمِنةٍ ومُعتَرَفٍ بها دوليًّا، وفيما يلي أبرزُ النقاط التي تضمَّنَتْها الوثيقةُ:
1- اعترافُ دولة إسرائيلَ بدولة فِلَسْطينَ فَورَ قِيامِها على مُعظمِ أراضي الضِّفة الغربية، وقطاع غزَّةَ، وقيام عَلاقات دبلوماسيةٍ، وقُنصليةٍ كاملةٍ فورًا، وتبادل السفراء في مدة أقصاها شهر من دخول الاتفاق حيِّزَ التنفيذِ.
2- تحتفظُ الدولتان بعاصمتَيْهما في مدينة القُدسِ على أنْ يكونَ ذلك في المناطق الخاضعة لكل طرفٍ، ويُسيطرُ الفِلَسْطينيون على القُدسِ العتيقة (الشرقية)، باستثناء الحي اليهودي، وحائط البراق (المبكى)، وسوف يخضَعُ المسجدُ الأقْصى للسيادة الفِلَسْطينية، على أنْ تكون حُريةُ الوصول إليه مكفولةً للجميع، تحت إشراف قوة دولية للمراقَبة.
3- يُمنَعُ اليهودُ من الصلاة بالمسجدِ الأقْصى، وتُمنَعُ جميعُ الحفائرُ الأثريةُ تمامًا فيه، ويتخذُ الطرفانِ إجراءاتٍ لضمانِ حريةِ وُصولِ اليهودِ إلى مزاراتهم الدينية المقدَّسة، ومنها بئرُ راحيلَ في بيت لحم، ومقبرةُ إبراهيمَ في مدينة الخليل.
4- تحتفظُ إسرائيلُ بحقِّ تمركزِ قواتٍ أمنيةٍ في تكتُّلِ مستعمَراتِ جوش عتصيون، بجنوب الضفة الغربية، والمستعمرات الواقعة في ضواحي القُدسِ.
5- تنتقِلُ السيادةُ إلى الجانب الفِلَسْطيني في مستعمَراتِ آرييل، وعفرات، وجبل أبو غنيم (حارحوما).
6- يتبادَلُ الجانبانِ السيادةَ في عدَّةِ مناطقَ منها مناطقُ في صحراء النقبِ تُتاخِمُ قطاع غزَّةَ، وسوف يتسلَّمُها الفِلَسْطينيون مُقابلَ مناطقَ بالضفة الغربية تحتفظُ إسرائيلُ بها، بدلًا من إعادتها للفِلَسْطينيين.
7- لم تنصَّ الوثيقةُ في أيٍّ من بنودِها على عبارةِ: "حق العودة للاجِئينَ الفِلَسْطينيين"، وبدلًا من ذلك سوف يتمُّ السماحُ بعودة عددٍ رَمزيٍّ من الفِلَسْطينيينَ، وتعويض اللاجئين عن ممتلَكاتٍ فَقَدوها من جرَّاء الاحتلال من خلال صندوقٍ خاصٍّ تتبرَّعُ إسرائيلُ برأس ماله.
8- يُقِرُّ الطرَفانِ الفِلَسْطيني والإسرائيلي بعدم المطالَبة بأي تعويضاتٍ، أو رفع دعاوى قضائيةٍ عن أحداثٍ وقعَت قبلَ توقيع الاتفاقِ.
ويمكِنُ القولُ: إنَّ وثيقةَ جنيفَ قد تناوَلَت مشروعَ التسوية الدائمة لقضية القُدس بتفصيلاتٍ أكثرَ من أيةِ وثيقةٍ، أو اتفاقيةٍ، أو إعلانِ مبادئَ سابقٍ، وذلك في سياق تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بكافَّة جوانِبِه.