استولى الفِرنجُ على مدينة تطيلة بالأندلس، وسبب ذلك أنَّ الحَكَمَ بن هِشامٍ صاحِبَ الأندلُسِ استعمَلَ على ثغورِ الأندلُسِ قائدًا كبيرًا من أجنادِه، اسمُه عمروس بن يوسف، فاستعمل ابنَه يوسُفَ على تطيلة. وكان قد انقلب على الحَكَم بنِ هشام بيتٌ من بيوت الأندلُسِ أولُو قوَّةٍ وبأس؛ لأنَّهم خرجوا عن طاعته، فالتحَقوا بالمُشرِكين، فقَوِيَ أمرُهم، واشتَدَّت شوكتُهم، وتقَدَّموا إلى مدينة تطيلة فحَصَروها ومَلَكوها من المسلمين، فأسَروا أميرَها يوسُفَ بن عمروس، وسجَنوه بصخرة قيس. واستقَرَّ عمروس بن يوسف بمدينةِ سرقسطة ليحفَظَها من الكُفَّار، وجمَعَ العساكِرَ، وسيَّرَها مع ابنِ عَمٍّ له، فلَقِيَ المشركين، وقاتَلَهم، ففَضَّ جَمعَهم، وهزَمَهم، وقتل أكثَرَهم، ونجا الباقون منكوبين، وسار الجيشُ إلى صخرة قيس، فحصروها وافتتحوها ولم يقدِر المشركون على مَنعِها منهم؛ لِما نالهم من الوَهَنِ بالهزيمة، ولَمَّا فَتَحَها المسلمون خلَّصوا يوسُفَ بن عمروس أميرَ الثغر، وسيَّروه إلى أبيه، وعظم أمر عمروس عند المشركين، وبَعُد صوتُه فيهم.