لَمَّا هزَمَ هَرثمةُ بنُ أعين أبا السرايا ومن كان معه من وُلاة الخلافة، وهو محمد بن محمد، وشَى بعضُ الناس إلى المأمون أنَّ هرثمة راسلَ أبا السرايا وهو الذي أمره بالظُّهور، فاستدعاه المأمونُ إلى مروٍ فأمر به فضُرِبَ بين يديه ووُطِئَ بطنُه، ثمَّ رفع إلى الحبس ثم قُتِلَ بعد ذلك بأيام، وانطوى خبَرُه بالكلية. ولَمَّا وصل بغدادَ خبَرُ قتلِه عَبَثَت العامَّة والحربيَّة بالحسن بن سهل نائب العراق، وقالوا: لا نرضى به ولا بعمَّاله ببلادنا، وأقاموا إسحاقَ بن موسى المهدي نائبًا، واجتمع أهلُ الجانبين على ذلك، والتفَّتْ على الحسَنِ بن سهل جماعةٌ من الأمراء والأجناد، وأرسل من وافق العامَّةَ على ذلك من الأمراء يحرِّضُهم على القتال، وجرت الحروبُ بينهم ثلاثةَ أيام في شعبان من هذه السنة، ثم اتفق الحالُ على أن يعطيهم شيئًا من أرزاقهم يُنفِقونها في شهرِ رمضان، فما زال يَمطُلُهم إلى ذي القعدة حتى يُدرِك الزرع، فخرج في ذي القَعدة زيدُ بن موسى الذي يقال له زيدُ النَّار، معه أخو أبي السرايا، وقد كان خروجُه هذه المرة بناحية الأنبار، فبعث إليه عليُّ بنُ هشام نائبُ بغداد عن الحسَنِ بن سهل- والحسَنُ بالمدائن إذ ذاك- فأُخِذَ وأُتِيَ به إلى عليِّ بنِ هشام، وأطفأ اللهُ ثائِرتَه.