بدأت فِتنةُ بابك الخرمي صاحِبُ البذ عام مائتان وواحد، وهم أصحابُ جاويدان بن سهل، وادَّعى بابك أنَّ روحَ جاويدان دخَلَت فيه، فأخذ في العَيثِ والفساد، فكان يُخشى من أمْرِه؛ لأنَّه في أطرافِ الرُّومِ، ويُمكِنُ أن يتحالَفَ معهم ضِدَّ المسلمين، وكان قبل ذلك حصَلَت عِدَّةُ محاولاتٍ لإخماد فتنتِه؛ لكِنَّها لم تنجَحْ، فوَجَّه المأمونُ محمَّدَ بن حميد الطوسي إلى بابك الخرمي لمحاربتِه، وأمَرَه أن يجعَلَ طريقَه على الموصِلِ ليُصلِحَ أمْرَها ويحارِبَ زريقَ ابنَ علي، وكان المأمونُ ولَّى عليَّ بنَ صدقة المعروف بزُريق، على أرمينية، وأذربيجان، وأمره بمحاربةِ بابك، وأقام بأمْرِه أحمدَ بنَ الجنيد الإسكافي، فأسَرَه بابك، فولَّى إبراهيمَ بنَ اللَّيثِ بن الفضل أذربيجان، فسار محمَّدٌ إلى الموصل، ومعه جيشُه، وجمع ما فيها من الرجالِ مِن اليمن وربيعة، وسار لحَربِ زُريق، ومعه محمَّدُ بن السيد بن أنس الأزدي، فبلغ الخبَرُ إلى زريق، فسار نحوَهم، فالتقَوا في الزاب، فراسَله محمَّدُ بن حميد يدعوه إلى الطاعةِ فامتنع، فناجزه محمَّد واقتتلوا واشتَدَّ قتال الأزدي، فانهزم زريقٌ وأصحابه، ثم أرسل يطلبُ الأمان، فأمَّنه محمَّد، فنزل إليه، فسَيَّرَه إلى المأمون. ثم سارَ إلى أذربيجان، واستخلف على الموصلِ محمَّدَ بن السيد، وقصد المخالفينَ المتغَلِّبينَ على أذربيجان فأخَذَهم، منهم يعلى بنُ مُرَّة ونظراؤه، وسيَّرَهم إلى المأمون وسار نحو بابك الخرمي لمحاربتِه.