في هذه السنةِ ملَكَ المُسلِمونَ سَرقوسة- وهي من أعظمِ مُدُنِ صَقَليَّة- وكان سببَ مِلكِها أنَّ جعفرَ بنَ محمد أميرَ صقليَّة غزاها فأفسَدَ زَرعَها وزَرْعَ قطانية، وطبرمين، ورمطة، وغيرِها من بلاد صقليَّة التي بيَدِ الروم، ونازل سرقوسة، وحصَرَها برًّا وبحرًا وملَكَ بعضَ أرباضها، ووصَلَت مراكِبُ الرومِ نَجدةً لها، فسيَّرَ إليها أسطولًا فأصابوها وتمكَّنوا حينئذٍ مِن حَصرِها فأقام العسكرُ مُحاصَرًا لها تسعة أشهر، وفُتِحَت، وقُتِلَ من أهلها عِدَّةُ ألوفٍ، وأصيبَ فيها من الغنائِمِ ما لم يُصَبْ بمدينةٍ أخرى، ولم ينجُ مِن رجالِها إلا الشاذَّ الفَذَّ، وأقاموا فيها بعدَ فتحها بشهرين، ثم هَدَموها ثمَّ وصل بعدَ هَدمِها من القسطنطينية أسطولٌ، فالتقَوا بالمسلمين، فظفِرَ بهم المسلمون، وأخذوا منهم أربعَ قِطَع، فقَتَلوا من فيها، ثم انصرف المسلمون إلى بلدِهم آخِرَ ذي القَعدة.