هو أبو العبَّاس- وقيل أبو جعفر- أحمد المعتَمِدُ على الله بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد. ولِدَ سنة تسع وعشرين ومائتين بسُرَّ من رأى، وأمُّه روميَّة اسمها فتيان. كان أسمرَ رقيق اللون، خفيفًا، لطيف اللِّحية، أعْيَنَ جميلًا, كان مربوعًا نحيفًا, فلما استُخلِفَ سَمِنَ وأسرع إليه الشَّيبُ، استُخلِفَ بعد قتل المهتدي بالله في سادس عشر رجب سنة 256ه. مكث في الخلافة ثلاثًا وعشرين سنة وستة أيام، كان المعتَمِد أوَّلَ خليفةٍ انتقل من سامرَّا إلى بغداد، ثمَّ لم يعُدْ إليها أحَدٌ من الخلفاء، بل جعلوا إقامتَهم ببغداد، كان سبَبَ هلاكِه- فيما ذكره ابن الأثيرِ- أنَّه شَرِبَ في تلك الليلةِ شَرابًا كثيرًا وتعشَّى عشاءً كثيرًا، وكان وقتُ وفاته في القصر الحُسَيني من بغداد، وحين مات أحضَرَ المعتضِدُ القضاةَ والأعيانَ وأشهَدَهم أنَّه مات حتْفَ أنفِه، ثمَّ غُسِّلَ وكُفِّنَ وصُلِّيَ عليه، ثم حُمِلَ فدُفِنَ بسامِرَّاء، ثم كانت خلافةُ المُعتَضِد أبي العباس أحمدَ بن أبي أحمد الموفَّق بن جعفر المتوكل، كان من خيارِ خُلَفاء بني العباس ورجالِهم، بويعَ له بالخلافةِ صبيحةَ مَوتِ المُعتَمِد لعشرٍ بَقِين من رجبٍ منها، وقد كان أمرُ الخلافةِ داثرًا فأحياه الله على يديه بعَدْلِه وشهامَتِه وجُرأتِه.