خرج المعتضِدُ إلى المَوصِل، قاصدًا حَمدانَ بنَ حمدون التغلبيَّ؛ لأنَّه بلغه أنَّ حَمدانَ التَّغلِبيَّ مال إلى هارون الشاري الخارجي، ودعا له، فلمَّا بلغ الأعرابَ والأكرادَ مَسيرُ المعتَضِد تحالَفوا أنَّهم يُقاتِلونَ على دمٍ واحد، واجتمعوا وعَبَّوا عسكرَهم، وسار المعتضِدُ إليهم في خَيلِه، فأوقع بهم، وقتل منهم، وغرِقَ منهم في الزابِ خَلقٌ كثير. ثم تابع المعتَضِدُ سَيرَه إلى الموصل يريد قلعةَ ماردين، وكانت لحمدانَ بنِ حمدون، فهرب حمدانُ منها وخَلَّفَ ابنَه بها فنازلها المعتَضِد، وقاتل مَن فيها يومَه ذلك، فلما كان من الغدِ ركبَ المعتَضِدُ فصَعِد إلى باب القلعة، وصاح: يا ابنَ حَمدانَ, فأجابه، فقال له: افتَحِ الباب، ففَتَحه، فقعد المعتَضِدُ في الباب، وأمر بنقلِ ما في القلعةِ وهَدمِها، ثم وجه خلفَ ابنِ حمدون، وطُلِبَ أشدَّ الطَّلَبِ، وأُخِذَت أموالٌ له، ثم ظفرَ به المعتَضِد بعد عودتِه إلى بغدادَ.