الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 291 العام الميلادي : 903
تفاصيل الحدث:

أمرَ محمَّدُ بنُ سليمان- الذي ولَّاه المكتفي قتالَ القرامطةِ- بمناهضةِ صاحِبِ الشامة القرمطيِّ الحسين بن زكرويه - المُدَّعي أنَّه أحمد بن عبد الله- فسار إليه في عساكِرِ الخليفة، حتى لَقُوه وأصحابَه بمكان بينهم وبين حماة اثنا عشرَ ميلًا، فقَدَّمَ القرمطيُّ أصحابَه إليهم، وبقِيَ في جماعةٍ مِن أصحابه، معه مالٌ كان جمعه، وسوادُ عَسكرِه، والتحمت الحربُ بين أصحاب الخليفةِ والقرامطة، واشتَدَّت وانهزمت القرامطةُ وقُتِلوا كلَّ قِتلةٍ، وأُسِرَ مِن رجالهم بشَرٌ كثير، وتفَرَّق الباقون في البوادي، وتَبِعَهم أصحابُ الخليفة،فلما رأى صاحِبُ الشامة ما نزل بأصحابِه، حمَّلَ أخًا له يكنَّى أبا الفضلِ مالًا، وأمره أن يلحَقَ بالبوادي إلى أن يظهَرَ بمكانٍ فيسيرَ إليه، ورَكِبَ هو وابنُ عمه المسمى بالمَدَّثر، والمطوق صاحبه، وغلام له رومي، وأخذ دليلًا وسار يريدُ الكوفة عرضًا في البريَّة، فانتهى إلى الداليَّة مِن أعمالِ الفُرات، وقد نفِدَ ما معهم من الزادِ والعَلَف، فوجَّه بعضَ أصحابه إلى الداليَّة المعروفة بدالية ابن طوق ليشتريَ لهم ما يحتاجونَ إليه، فدخلها فأنكروا زيَّه، فسألوه عن حالِه فكتَمَه، فرفعوه إلى متولِّي تلك الناحية الذي يُعرفُ بأبي خبزة خليفةِ أحمد بن محمد بن كشمرد، فسأله عن خبَرِه، فأعلمه أنَّ صاحِبَ الشامة خلْفَ رابيةٍ هناك مع ثلاثةِ نفَرٍ، فمضى إليهم وأخَذَهم، وأحضرهم عند ابنِ كشمرد، فوجَّهَ بهم إلى المكتفي بالرقَّةِ، ورجعت الجيوشُ مِن الطلب، وفي يوم الاثنين لأربعٍ بَقِينَ من المحرم أُدخِلَ صاحِبُ الشامة الرقَّة ظاهرًا على فالجٍ- وهو الجملُ ذو السَّنامينِ- وبين يديه المدَّثِّر والمطوق؛ وسار المكتفي إلى بغدادَ ومعه صاحبُ الشامة وأصحابُه، وخلَّفَ العساكِرَ مع محمد بن سليمان، وأُدخل القرمطيُّ بغدادَ على فيلٍ، وأصحابُه على الجمل، ثم أمرَ المكتفي بحَبسِهم إلى أن يَقدَمَ محمَّد بن سليمان، فقَدِمَ بغداد، وقد استقصى في طلَبِ القرامطة، فظَفِرَ بجماعةٍ من أعيانهم ورؤوسِهم، فأمر المكتفي بقَطعِ أيديهم وأرجُلِهم، وضَرْبِ أعناقهم بعد ذلك، وأُخرِجوا من الحبس، وفُعِلَ بهم ذلك، وضُرِبَ صاحب الشامة مائتي سوطٍ، وقُطِعَت يداه، وكُوِيَ فغُشِيَ عليه، وأخذوا خشبًا وجعلوا فيه نارًا ووضعوه على خواصِرِه، فجعل يفتَحُ عينه ويُغمِضُها، فلما خافوا موتَه ضربوا عنُقَه، ورفعوا رأسَه على خشبة، فكبَّرَ الناس لذلك، ونُصِبَ على الجِسرِ.