تأسَّس مجلس إسلامي فلسطيني عام 1922 لإدارة المحاكم الشرعية والأوقاف والشؤون الإسلامية، وقد تألَّف المجلس من مجموعة العلماء الذين رشَّحوا الحاج أمين الحسيني مفتي القدس رئيسًا لهذا المجلس الذي سُمِّي (المجلس الإسلامي الأعلى) الذي أصبح على مرِّ الأيام أقوى قوة وطنية فلسطينية إسلامية في البلاد، وقام بعددٍ من الأعمال والإنجازات الهامة؛ منها: إنشاء دار الأيتام الإسلامية الصناعية في القدس، وفَتْح عشرات المدارس في البلاد، وقام باسترجاع أراضي الوقف الإسلامي التي كانت حكومةُ الانتداب تسيطر عليها، وتولى إدارتَها، وأنشأ العشراتِ مِن المحاكم الشرعية، وعيَّن المئاتِ من الوعَّاظ والمرشدين، فضلًا عن إنشاء فِرَق الجوَّالة والكشَّافة الإسلامية والجمعيات الخيرية والنوادي الأدبية والرياضية، وإصلاح المسجد الأقصى المبارك ومسجد الصخرة، وإنقاذهما من الأخطار التي كانت تهدِّدُهما بالانهيار، وقد تمَّ ذلك بأموال الأوقاف وتبرُّعات المسلمين في شتى أنحاء العالم، وكان المجلِسُ يعقد مؤتمرًا سنويًّا من العلماء والدعاة؛ لتنظيم وسائل مقاومة بيع الأراضي لليهود، ويُصدِرُ فتاوى بتكفير من يبيع أرضه لهم، أو يقوم بعملية السمسرة لبيعِها. وقد ذكَرَت تقارير حكومة الانتداب السنوية إلى اللجنة الدائمة للانتدابات في عُصبة الأمم في جنيف أنَّ سبَبَ قلة انتقال الأراضي إلى اليهودِ هو المجلس الإسلامي الأعلى.
استمرَّت حركة المقاومة في ليبيا حتى نشوب الحرب العالمية الأولى سنة (1332هـ / 1914م)، ودخلت إيطاليا الحربَ إلى جانب الحلفاء، بينما كانت تركيا حليفًا لألمانيا، ومن ثمَّ فقد جاهرت تركيا بمساندتها وتأييدها للِّيبيين بقيادة أحمد السنوسي، ومناصرتهم في حربهم ضِدَّ عدوهم المشترك. ولكنْ ما لبثت العلاقاتُ أن تعقَّدت بين السنوسي والأتراك الذين نجحوا في الوقيعة بينه وبين الإنجليز فأغلقوا بدورهم طريق مصر في وجهه، وازداد الأمر حرجًا مع سوء الأحوال الاقتصادية وحدوث المجاعة التي أودت بحياة مئات الليبيين نتيجة انتشار الأمراض، وتفشِّي وباء الطاعون، الأمرُ الذي اضطر السنوسي إلى التفاوض مع القوتين المتحالفتين: إنجلترا وإيطاليا في (24 من جمادى الآخرة 1335هـ / 16 من إبريل 1917م). وقد أسفرت تلك المفاوضات عن اتفاق "عكرمة" الذي حدد مناطِقَ نفوذٍ لكلٍّ من السنوسيين والإيطاليين، كما نصَّ على إيقاف الحرب، وأتاح حريةَ التنقل بين كلتا المنطقتين. وتمَّ عقدُ اتفاق آخر بعد ذلك، عُرِفَ باتفاق "الرجمة"، تم بموجِبِه الاعتراف بالسنوسي حاكمًا مدنيًّا وزعيمًا للقسم الداخلي من برقة، ومُنِحَ لقب أمير، وأصبحت تلك المنطقة تخضع لنظامِ حُكمٍ وراثي ينحصر في السنوسي وأولاده من بعدِه.
حدثت أزمة حدودية بين نجد والكويت حول واحة البلبول جنوب الكويت والتي تبعد عن ميناء الجبيل عشرين ميلا عند ما بنى فيها سالم الصباح حاكم الكويت حصنا فاحتج الملك عبدالعزيز وكتب لابن الصباح يؤكد فيها أن البلبول ضمن أراضيه ويطلب منه وقف التوسع في بناء الحصون لكن ابن صباح رفض هذا التحذير فبنى الملك عبدالعزيز قرية بالقرب من البلبول وعلى الرغم من حدوث سلسلة من المراسلات والاتصالات التي توسطت بها بريطانيا بين الطرفين إلا أن المواجهة العسكرية قد حدثت بين الطرفين في الجهراء عندما هجم فيصل الدويش زعيم مطير وأحد قادة الإخوان (إخوان من أطاع الله) على الجهراء -قرية كبيرة في الكويت- ومعه أربعة آلاف مقاتل من الإخوان ووصل الدويش إلى الصبيحة شمالا وهجموا على قوات ابن الصباح الذين تقهقروا إلى القصر الأحمر، وقرر الإخوان الانسحاب والعودة إلى الصبيحة وعدم التوغل في الكويت، فطلب ابن الصباح نجدة السلطات البريطانية فوصلت طائرات بريطانية من العراق وحلقت فوق قوات الإخوان وألقت عليهم المنشورات تأمرهم بالتراجع عن الصبيحة فانسحب الدويش بقواته لما أدرك تصميم السلطات البريطانية على حماية الكويت، وأرسل برسي كوكس المعتمد البريطاني في الخليج إلى الملك عبدالعزيز يحتج على اعتداء الإخوان على الكويت وطلب منه أن يسحب قواته إلى أراضيه فوافق الملك عبدالعزيز وتعهد بعدم الهجوم على الكويت إذا ما كف سالم بابن الصباح عن التآمر على نجد والتعاون مع خصومه وخاصة ابن رشيد. ثم ارسل الملك عبدالعزيز إلى كوكس يؤكد له أنه لم يأمر الدويش بالهجوم على الجهراء وإنما تحشد سالم ابن الصباح قواته زاد من توتر الموقف ثم أغارت قوات ابن الصباح على أتباعه وسلبت الأموال والجمال وقتلت الرجال ثم عادت إلى الجهراء.
كانت لجنةُ الحلفاء العليا المجتَمِعة في باريس والمؤلَّفة من رؤساء وزارات كلٍّ من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا واليونان والحكومة التركية أصدرت قرارًا يقضي بنزول الجيوشِ اليونانية في أزمير، وحذَّر القرارُ الدولةَ العثمانية من المقاومة، وأن أيَّ مقاومة تعني نقضَ الهدنة وعودة الحرب، وقد نزل اليونانيون فعلًا في اليوم الثاني من مطلع صيف 1338هـ، ثم دفعت إنجلترا باليونانيين فتقدَّموا من ناحية الغرب، وجرى القتال بين الأتراك واليونانيين؛ حيث شنَّ اليونانيون هجومَهم وأحرزوا نصرًا على الأتراك في معركة إينونو الأولى، ثم عاد اليونانيون في رجب / مارس، وكان مؤتمر لندن قائمًا، فسار اليونانيون نحو أسكي شهر وأفيون قره حصار لكنَّهم هُزِموا وارتدوا إلى بورصة، فصمموا على الهجوم على استانبول، لكن بريطانيا وقفت في وجههم، فانكفأ اليونانيون نحو الشرقِ فالتقوا بالقوات التركية، واستولوا على أفيون، ثم وصل مصطفى كمال إلى جبهة القتال الذي أمر القوات التركية بالانسحابِ، وفعلًا تم ذلك وتجمَّعت القوات في سقاريا، ورجع مصطفى إلى أسكي شهر على الجبهة الأولى، وكان اليونانيون قد وصلوا إلى غرب نهر سقاريا، وبدأ الهجوم اليوناني في شوال 1339هـ وتراجع الأتراكُ بفوضوية، وسدَّ الفدائيون الثغراتِ، ثم بدأ اليونانيون أيضًا بالانسحاب بعد أن رأوا عدمَ جدوى الهجوم الذي دام عشرةَ أيامٍ، وكانوا يحرقون القرى ويدمِّرون الآبار، ويسوقون المواشيَ، ويقتلون الأهاليَ، ثم عُقِدت الهدنة مع اليونان، وبرز مصطفى كمال يومَها بأنه استطاع إجبار اليونان من الانسحاب من تركيا عام 1340ه.
بعد مقتَلِ سعود بن عبد العزيز أمير حائل غزا الملك عبدالعزيز حائل، واستطاع أن يهزم شمر، ووصل إلى أسوارها، وقرر أميرُها الجديد عبد الله بن متعب أن يحتميَ بأسوار حائل المنيعة، ولما بدأت المؤَنُ تنفَدُ أرسل إلى الملك عبدالعزيز يعرِضُ عليه التفاوضَ، على أن تبقى إمارة جبل شمر على حائل، ولكنَّ الملك عبدالعزيز طلب منه الاستسلامَ بالكامِلِ، واستمرت المعركة عدة أشهر دون أن يتمكَّنَ من فتحِ حائل على الرغم من ظهور خلافٍ في حائل على حاكِمِهم، عندما خلعوا عبد الله بن متعب ونصَبوا محله محمد بن طلال، فاستجار عبد الله بن متعب بالملك عبدالعزيز.
أفرجت السلطاتُ الفرنسيةُ عن الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي بعد سجن استمرَّ 9 أشهر. وعبد العزيز الثعالبي زعيمٌ تونسي حاول التخلُّصَ من الاستعمار وظُلمِه، والرفعة بالمجتمع في الوقت ذاته. وقد تعرَّض الثعالبي للنفي والتَّرحال في سبيل دعوته ومبادئه. وقد تولى الثعالبي رئاسةَ الحزب الحر الدستوري التونسي الذي كان من أهدافِه: الفصلُ بين السلطات الثلاث. ضمانُ الحريات والمساواة. إجباريَّةُ التعليم.
وُضِعَت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وكلَّفَت بريطانيا الصهيونيَّ هربرت صموئيل كمندوب سامي لها في فلسطين، وقد مكَّن هذا الوضعُ من ازدياد الهجرة اليهودية إلى فلسطين في موجاتٍ متتابعة، والتمكين لهم، ثم انتهى الأمرُ بقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين سنة 1947م.
كان الجنرالُ الإسباني سلفستر قائِدُ قطاع مليلة يزحَفُ نحو بلاد الريف؛ لِيُحكِمَ السيطرة عليها، ونجح في بادئ الأمر في الاستيلاء على بعض المناطق، وحاول الأميرُ محمد بن عبد الكريم الخطابي أن يُحَذِّرَ الجنرال سلفستر من مغبَّةِ الاستمرار في التقدُّمِ والدخول في مناطق لا تعترف بالحماية الإسبانية الأجنبية، لكنَّ الجنرال المغرور لم يأبهْ لكلام الأمير، واستمرَّ في التقدُّمِ ممنِّيًا نفسه باحتلال بلاد الريف، ولم تُصادِفْ هذه القواتُ في زحفها في بلاد الريف أيَّ مقاومة، واعتقد الجنرال أن الأمرَ سهلٌ، وأعماه غرورُه عن رجال الخطابي الذين يعملون على استدراجِ قوَّاتِه داخل المناطق الجبلية المرتفعة، واستمرَّت القوات الإسبانية في التقدُّمِ وتحقيق انتصارات صغيرة، حتى احتلَّت مدينة أنوال في رمضان، ثمَّ في شوال وقعت معركة أنوال الشهيرة التي سميت باسم المكان الذي جرت فيه، وهي قرية أنوال، وإن كانت أحداثُها قد شَمِلت عدةَ مواقع، بحيث عُدَّت من أكبر المعارك التاريخية التي جرت بين المغرب وإسبانيا، كمعركة الزلاقة أيام المرابطين، ومعركة الأرك في عهد الموحِّدين، وكان لها صدًى كبير في العالم الغربي؛ لأنَّها لقَّنت جنودَ الاحتلال الإسباني دروسًا لن تنسى. خاض المجاهِدون الريفيُّون المعركةَ بقيادة المجاهد الأمير المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي، وهم بضع مئات في كلِّ موقع، بحيث لم يكن يتعدَّى العددُ الإجمالي ثلاثة آلاف مقاتل، في حين كان عددُ جيش الاحتلال بقيادة الجنرال سلفستر ستين ألفَ جنديٍّ مدجَّجين بأحدث الأسلحة الفتَّاكة. واعتمد المجاهدون على الغنائِمِ التي ربحوها من المحتَلِّ، كالأسلحة المتنوِّعة والذخائر والمؤَن الكثيرة، إضافةً إلى نحو ألف أسير من مختلف الرُّتَب العسكرية، وتكبيدهم 15 ألف جندي ما بين قتيل وجريح و570 أسيرًا، وكان الجنرال سلفستر على رأس القتلى. ما إن انتشر خبَرُ انتصار الخطابي ورجاله في معركة أنوال، حتى هبَّت قبائِلُ الريف تُطارِدُ الإسبان أينما وُجدوا، ولم يمضِ أسبوعٌ إلَّا وقد انتصر الريفُ عليهم، وأصبح وجودُ الإسبان مقتصرًا على مدينة تطوان وبعض الحصون في منطقة الجبالة.
كان غورو قد أرسل إلى المَلِك فيصل كتابًا يشيرُ فيه إلى استغرابه من بدءِ الفساد والتمرُّد منذ دخول جيوش فرنسا للمنطقة بعد رحيل إنجلترا، وذلك في تموز 1920م، ثم أرسل إليه إنذارًا أو بلاغًا يدور حولَ خمسِ نقاطٍ، أهمُّها: قَبولُ الانتداب الفرنسي، وإلغاءُ التجنيد الإجباري. رفَضَ وزيرُ الحربية يوسف العظمة قرارَ التسريحِ للجيشِ ولكنَّه اضطرَّ للتوقيع على القرار مُكرهًا بحضور الملك فيصل، وكتب الملك فيصل برقيةً لغورو بأنَّ مطالِبَه قُبِلَت، لكن غورو زعم أنَّ البرقية تأخَّرت وأنَّه أرسل جيشًا نحو دمشق واستطاع هذا الجيشُ أسْرَ فوجين من الجيشِ السوري بدون إطلاقِ رصاصة واحدة، وأراد الملِكُ أن يعود للدفاع لكِنَّ الجيش كان قد سُرِّح وخلت الكتائِبُ مِن معظم الجنود فذهب الوزير يوسف العظمة إلى ميسلون، وأخذ يُعِدُّ المعدَّاتِ مُنتظِرًا ما وعد به من النَّجدات، ولكن لم يَزِد عددُ الجنود مع المتطوِّعين على الأربعة آلاف، وكان القائم مقام "جميل الألش" -الذي كان على صلاتٍ جيِّدةٍ مع الفرنسيين- قد اطَّلع على الجيش في ميسلون، وقام بتعريف الجيش الفرنسي على مواضِعِ الضعف فيه، وكان الفَرقُ كبيرًا جدًّا في العَدَد والعُدَّة، وبدأت المعركة التي استُخدِمَت فيها الدَّبابات والطائرات، وقاتل العظمة ومَن معه ببسالةٍ، ولكن بوجود الخَوَنة حُسِمَت المعارك لصالحِ الفرنسيين؛ فقد قام رجلٌ درزي من المتطوِّعين مع بعضِ الفرسان بالوثوبِ على أحد المساير السورية من الخلف، وفتحوا النارَ عليها ونهبوا السلاحَ منهم، ورغم ذلك بقي العظمة يدير المعركةَ بإمكانيَّاتِه المتوفرة حتى قضى نحبَه بقذيفةِ إحدى الدبابات الفرنسية، وذلك في السابع من ذي القعدة 1339هـ / 24 يوليو. دامت المعركة ثماني ساعات انتهت بالقضاء على الجيش السوري المقاوِم، ودخولِ الجيش الفرنسي إلى دمشق بقيادة غوابييه، أما الملك فيصل وأعوانُه فقد كانوا خرجوا من دمشق إلى الكسوة (قريبًا من دمشق) ثم عادوا بعد دخول القوات الفرنسية إلى دمشق للتفاهمِ، إلَّا أن الفرنسيين رفضوا رفضًا باتًّا بقاء فيصل في البلاد، وأقلُّوه قطارًا خاصًّا هو وأعوانه، وتبعثر رجالُ الثورة العربية في مختَلِف الأقطار بعد أن عَرَفوا الفرق بين ما كانوا فيه وما أصبحوا فيه، أمَّا الفرنسيون فلم يُخفُوا أبدًا حِقدَهم الصليبي ولا أخفَوا أبدًا أنَّ حَربَهم هذه صليبيةٌ؛ فقد قال غورو أمام قبر صلاح الدين: ها قد عُدنا يا صلاحَ الدين! وقال: إنَّ حضوري هنا يقدِّسُ انتصارَ الصليبِ على الهلالِ.
كان فيصل بن الحسين ثالثُ الأبناء قد نُصبَ ملكًا على سوريا الجزءِ الأكبر من بلاد الشام، لكِنَّه لم يلبث أن طُرِدَ في العاشر من ذي القعدة 1338هـ / 25 تموز 1920م عندما دخل الفرنسيون إلى سوريا، وكانت إنجلترا بعد أن نكَثَت كلَّ العهود التي أعطتها للشريف حسين ظنَّت أنَّ فيصلًا أنسب أبنائه لحُكمِ العراق التي كانت تحت سيطرتها، فكتب وزيرُ الخارجية الإنجليزي كرزون إلى نائب الحاكِمِ الملكي في العراق يسألُه عن هذا الرأي، فرد النائب باقتراح أحدِ هؤلاء: هادي العمري، نقيب أشراف بغداد، عبد الرحمن الكيلاني، أحد أبناء الحسين بن علي، أحد أفراد الأسرة الخديوية في مصر. مع ترشيحِه هو لهادي العمري، كان تفضيل بريطانيا لفيصل ابن الشريف حسين ليكونَ ملكًا على العراق لعدَّةِ أسباب: منها تهدئة خواطر العرب الذين أُصيبوا بخيبةِ أملٍ بعد عزم دول الحُلَفاء بفرضِ سياسة الانتداب على البلاد العربية التي كانت تحت حُكمِ الدولة العثمانية، ووعد بلفور الذي يهدِّدُ مستقبل فلسطين، وكذلك اطمئنان الإنجليز من شِدَّةِ ولاء الشريف حسين وأبنائه للإنجليز واستعدادهم لتنفيذ سياساتها في المنطقة بكلِّ إخلاص. لذلك دعت الحكومةُ البريطانية فيصلًا لزيارة لندن، وقابل الملك جورج الخامس الذي عَرَض عليه مُلكَ العراق، لكن فيصل أبدى اعتراضًا، وهو أن أخاه عبد الله رشَّحه الشاميون لمُلك العراق، فقام لورنس بالتفاوض مع عبد الله على أن يكون هو ملكًا على شرق الأردن، ويترك مُلْك العراق لأخيه فيصل، فوافق، ثم قام برسي كوكس ممثِّل الحكومة البريطانية في العراق بتشكيل حكومةٍ وطنية، فكُوِّنت بمساعدة عبد الرحمن الكيلاني، وكُوِّن مجلس شورى، ثم قَبْلَ تنصيبِ الملك فيصل على العراق ساومه ونستون تشرشل على أن يكونَ بينهما معاهدة -يعني بين العراق وإنجلترا- تقوم مقامَ الانتداب وتؤدِّي غرضَه، يعني: في تحقيق مصالح إنجلترا في العراق، ثم ليبدوَ الأمر ليس مفروضًا على العراق؛ لأن المرشَّحين لمنصب الملك على العراق كُثُر، ومع أنه اقترح غير النظام المَلَكي، لكنَّ إنجلترا رأت أنَّ النظام الملكي حاليًّا أنسب لوضع العراق، ثم أخذت بإشاعةِ الخبر والدعاية لفيصل في العراق، ثم صرحت الحكومةُ البريطانية بموافقتها على ترشيحه، وبعد أن انتهت التمهيداتُ سافر فيصل إلى العراق على متنِ الباخرة البريطانية نورث بروك في ميناء البصرة في السابع عشر من شوال 1339هـ / 23 حزيران 1921م فاستُقبِلَ استقبالًا حارًّا، ثم سافر إلى بغداد، وكلما مرَّ على قرية عُمِلت له الاحتفالات، ووصل إلى بغداد في 23 شوال 1339هـ / 29 حزيران 1921م وبايعه مجلس الوزراء في الخامس من ذي القعدة من العام نفسه / 5 تموز، وأعدت وزارة الداخلية صورةً لمضبطه يُعلِنُ فيها الأهالي تأييدَهم، وتُوِّجَ مَلِكًا على العراق في يوم 18 ذي الحجة 1339هـ / 23 آب 1921م.
عندما أنشأت بريطانيا عرشينِ ملكيَّينِ للهاشميين خصومِ الملك عبد العزيز، في العراق وشرق الأردن عام 1921م، غَضِبَ الملك من سياسة بريطانيا تجاهَه بعد أن أحاطوه بالأعداءِ، وأقاموا دويلاتٍ من حولِه ونَصَبوا من أعدائِه ملوكًا وقدَّموا لهم المساعداتِ المالية والسياسية، فدعا إلى عقد مؤتمر في الرياض حضره القادةُ العسكريون والشيوخُ والعلماء من نجدٍ وما حولها، وأُعلِنَ في هذا المؤتمر عن مبايعة الملك عبد العزيز ومَنحِه لقبَ سلطان نجد وملحقاتها، ثم أعلنت الحكومةُ البريطانية اعترافَها الرسميَّ بلقب ابن سعود الجديدِ سُلطانًا على نجد وملحقاتها هو وخلفائه من بعده.
ارتبط تأسيسُ إمارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن الحسين (الذي كان يشغَلُ منصب وزير خارجية الدولة العربية في الحجاز) إليها بناءً على الدعواتِ التي وُجِّهَت للشريف علي بن الحسين من قِبَل أعيان ووُجهاءِ مناطِقِ شرقي الأردن، وكذلك أعضاء حزب الاستقلال الذين جاؤوا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920، وبعد طَردِ الملك فيصل من سوريا على يد الفرنسيين جاء أخوه عبد الله طالبًا للثأر، فلما وصل إلى مدينة معان في 21/11/1920 بعد رحلةٍ شاقة لمدة 27 يومًا مع حاشيته، و 500 من الحرس بالقطار، بدأ بدعوةِ أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحليَّةِ للالتفافِ حولَه؛ مما حدا بالفرنسيين إلى اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن أمرًا خطيرًا يهدِّدُ وجودَها في سوريا؛ وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله أنه جاء لإحياء الثورة التي أُخمدت في حوران، وأنَّ قُدومَه للمشاركة في الدفاعِ عن أوطانهم، وأعلن نفسه وكيلًا للأمير فيصل. وخاطبت الحكومةُ الفرنسيةُ الحكومةَ البريطانية لممارسة ضغوطها على الملك حسين؛ لاتخاذ الخطوات الكفيلة بإيقافِ ابنه الأمير عبد الله واستعدادها للدخول إلى الأردن إذا اقتضى الأمرُ ذلك، وفعلًا قامت بريطانيا بالتوسُّط لدى الملك حسين لمنع الأمير عبد الله من القيام بأي شيء، مقابِلَ أن تحقِّقَ بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكمًا لأنفُسِهم تحت حكم الأمير عبد الله، وكانت بريطانيا لَمَّا عرضت على فيصل عرشَ العراق أبدى اعتراضًا أن أخاه عبد الله قد رشَّحه الشاميون لمُلْك العراق، فقام لورنس بالتفاوضِ مع عبد الله على أن يكونَ هو مَلِكًا على شرق الأردن ويترُكَ مُلك العراق لأخيه فيصل، فوافق؛ لذلك اجتمع عبد الله مع تشرشل في القدس في نيسان 1921م وعقد معه اتفاقًا لم يغِبْ عن الفرنسيين بأن تقوم في شرقي الأردن إمارةٌ ذاتُ حكومة تتمتَّعُ بالاستقلال الإداري، وتسترشد برأي المفَوَّض السامي الإنجليزي في القدس وتتقاضى من إنجلترا معونةً سنوية، ولكِنَّهم لم يعيِّنوا حدود الإمارة في صك الانتداب الذي وقَّع عليه عبد الله بن الحسين في هذه السنة، ولم يعترفوا بحدودِ إمارة شرق الأردن إلا في تصريحِ سنة 1923م.
استطاعت فرنسا أن تدخُلَ دِمشقَ بعد معركةٍ ميسلون، فقامت بتمزيق سوريا الكبرى واصطنعت بينها الحواجِزَ الجمركية والحدودَ المصطنعةَ، فأول ما قاموا به هو فصلُ لبنان عن سوريا باسم لبنان الكبير، وضمُّوا فيه جبل لبنان ومدن طرابلس وصيدا وصور بأقاليمها وأغلبيتها المسلمة، إضافة إلى بيروت وسهل البقاع وأغلَبُه أيضًا من المسلمين، وهذه أوَّلُ خطوة في محاباة فرنسا؛ حيث إن غورو كاثوليكي متعصِّبٌ، ثم قُسِّمت سوريا الباقية إلى دُوَل حلب ودمشق، ودولتي الدروز والعلويين، أمَّا فلسطين وشرق الأردن فلم يدخلا في تقسيم فرنسا؛ لأنَّهما كانا من نصيب الإنجليز حسب اتفاقية سايكس بيكو، وكان الفرنسيون قد ركَّزوا في سوريا على الأقليَّاتِ، مثل الدروز والعلويين؛ لعِلمِهم بجدوى مثل هؤلاء في تمزيق شَملِ المسلمين، وجعلت على كلٍّ مِن حلب ودمشق حاكمًا محليًّا يساعده عددٌ مِن المستشارين الفرنسيين، ثمَّ في عام 1922م أُعلِنَ جبلُ الدروز وحدةً مُستقلةً إداريًّا تحت الحماية الفرنسية، وعُيِّن سليم الأطرش الدرزي أوَّلَ حاكمٍ له، ثم أعلنت الدولة العلوية وجعلوا لها نظامًا إداريًّا خاصًّا أيضًا، وعُيِّن لها حاكمٌ فرنسي، وفي عام 1922م أيضًا أعلن غورو قيامَ اتحاد فيدرالي سوري يتضمَّنُ دويلات حلب ودمشق والعلويين، ثم حلُّوا هذا الاتحادَ في عام 1924م أيامَ المندوب فيجان، وحَلَّت محلَّه دولة سوريا التي تشمَلُ حلب ودمشق وسنجق الإسكندرون، واستبعدوا منها دولةَ العلويين، وأصبح التنظيمُ الجديد يطلَقُ عليه دولةُ سوريا.
بعد أن تسلم محمد السادس الخلافةَ بأشهر استسلمت الدولةُ في الحرب العالمية الأولى واحتَلَّ الحلفاء أكثَرَ أجزاء الدولة وسيطروا على استانبول والمضائق، واحتلت اليونانُ الأقسامَ الغربية وضاعت البلدانُ العربية، فوضع السلطانُ ثِقتَه بمصطفى كمال فخاب ظنُّه؛ لأنه أصبح يعمل لنفسِه، فلما وجد السلطانُ محمد ذلك اعتزل السلطةَ وتنازل عن الخلافة في هذا العامِ، وبعد أقل من أربع سنوات من توليه للحكمِ؛ حيث رفض أن يكونَ مَلِكًا رمزيًّا لا علاقةَ له بالحكم، فاعتزل ورحل إلى جزيرة مالطة ونودِيَ بابن عمه عبد المجيد الثاني بن عبد العزيز الذي أصبح الخليفةَ، والذي جُرِّد من السلطاتِ السياسية كافةً.
بعد ثلاثةِ أيام من تسلُّم عبد المجيد الثاني الخلافةَ افتُتِحَ مؤتمر لوزان الذي حضره وفدُ أنقرة فقط، ووضَعَ رئيسُ الوفد الإنجليزي كرزون أربعةَ شُروطٍ للاعتراف باستقلال تركيا، وهي إلغاء الخلافة الإسلامية، وطردُ الخليفة من بني عثمان خارِجَ حدود تركيا، وإعلانُ علمانيةِ الدولة، ومصادرةُ أملاك وأموال بني عثمان، وربطُ نجاحِ المؤتمر على ذلك، فأخفق المؤتمَرُ، ورجع إلى البلاد الوفدُ التركي برئاسة عصمت إينونو
تأسَّست في 18 سبتمبر 1921 عندما ثار سكان منطقة الريف (شمال المغرب) على إسبانيا، وأعلنوا استقلالَهم عن الحماية الإسبانية للمغرب. عاصمة الجمهورية كانت أجدير، وعملتها كانت الريفان، وقدر عدد سكانها بـ 18، 350 نسمة. وقد أُعلِنَ محمد بن عبد الكريم الخطابي أميرًا للريف. وتم تشكيلُ الجمهورية رسميًّا في 1 فبراير 1923. وكان الخطابي رئيسَ الدولة ورئيس الوزراء في البداية، ثم تمَّ تعيينُ الحاج الحاتمي كرئيس للوزراء من يوليو 1923 حتى 27 مايو 1926، ثم حُلَّت الجمهورية في 27 مايو 1926 بقوة فرنسيةٍ إسبانية تَعدادها 500.000 مقاتل، وباستخدام مكثف للأسلحة الكيماوية.
بعد أن أعلنت بريطانيا تنصيبَ فيصل بن الحسين في العراقِ، وعبد الله بن الحسين في شرق الأردن، زادت مخاوفُ الملك عبدالعزيز من تحالفهما مع ابن رشيد؛ فقرَّر المسارعةَ لضَمِّ حائل، فعاد لغزوها بقواتٍ كبيرة من ضِمنِها قواتُ الإخوان (إخوان من أطاع الله) بزعامة فيصل الدويش، وبعد شهرين من الحصار استسلمت المدينةُ للملك عبدالعزيز، وأسَرَ معه محمد بن طلال إلى الرياض، وتزوج الملك عبدالعزيز من ابنةِ محمد بن طلال.
على الرغمِ من انتهاء الأزمة بين الملك عبدالعزيز والشريف حسين، وتبادل الطرفين المبعوثين، والتأكيد على إحلال السلامِ بينهما، إلا أن الشريف حسين في هذا العام حدَّد عددَ حُجَّاج نجد، فاعترض الملك عبدالعزيز على هذا التحديدِ، ووجَّه خِطابًا إلى المعتَمد البريطاني في بغداد، فوجَّه الإنجليز خطابًا للشريف للدخولِ مع الملك عبدالعزيز في مباحثاتٍ لحَلِّ هذه المشكلة، فرفض الشريف وكتب للإنجليزِ بعدم استقباله لحجَّاج نجدٍ هذا العام إلَّا إذا تخلى الملك عبدالعزيز عن مناطِقِ الجوف، وبيشة، ورانية، وتربة، وخيبر، والمناطق الأخرى التي احتلَّها في السنوات الأخيرة، وأنَّه سيدخل معه في معاهدةٍ إذا وافق على الانسحابِ مِن هذه المناطق والعودة إلى حدود والِدِه السابقة في إمارة نجد، ورغمَ الضغوطِ البريطانية على الشريف من أجلِ تغيير موقِفِه والسماحِ للحُجَّاج النجديِّين بدخول مكة لأداء مَنسَكِ الحجِّ إلَّا أنه كان مصَمِّمًا على رأيِه، وفشلت بريطانيا في التوفيق بينهما، ولما أدرك ابنُ سعود عدَمَ جدوى الحلول السلمية والدبلوماسية مع الشريف حسين، قرَّر أن يصفي حساباتِه معه في ميادينِ القتالِ، وهذا ما أوضحه في رسالة إلى برسي كوكس المعتمد البريطاني في الخليجِ في نهاية عام 1923م بقوله: "حَقَّ لي فيما أظنُّ أن اتَّبِع السياسة التي أريدُها، وأن أعملَ على تقرير مصيري بالطريقةِ التي أراها، وهذا ما أفعَلُه الآن".