تمكن العثمانيون من الاستيلاء على قلعة "أويفار" الواقعة شمال غرب بودابست بعد 37 يومًا من الحصار. وقد كانت القلعة خاضعة للألمان، وتعدُّ أقوى وأحصن قلاع أوربا، وكان الاستيلاء عليها فاتحةً لاستسلام 30 قلعة ألمانية للدولة العثمانية!
كان وجود الأشراف في المغرب قديمًا, لكن لم يتسنَّ لهم تسلم القيادة إلا في هذه الفترة التي مثَّل الشرفاء فيها سلالة السعديين، والتي جاءت من الجزيرة العربية أواخر القرن الثامن الهجري، وأول من وصل العرش منهم هو محمد المهدي القائم بأمر الله بن عبد الرحمن بن علي، وهو الذي أخرج الوطاسيين نهائيًّا من فاس، ومن جهة أخرى لم تنقطع الهجمات الصليبية من البرتغال والأسبان على السواحل، ومع ذلك استطاع السعديون الحسنيون أن ينشروا نفوذهم في جميع أنحاء المغرب مانعين العثمانيين من مدِّ نفوذهم إليها، ثم إن أمر الأسرة بدأ يضمحل، وخاصة بعد وفاة أحمد العباس بن عبد الملك سنة 1064هـ وكان هناك فرع آخر في المغرب من الأسرة نفسها أعلن دعواه في العرش، ثم إن ولدي محمد الثاني بن محمد الشريف، وهما الرشيد وأبو النصر إسماعيل، أنقذا المغرب من الفوضى وأعاد ثانيهما على الأخص سلطة الشرفاء إلى جميع البلاد بعد أن قضى على سلطات الحكام الصغار وعلى تمردات البربر.
بعد استيلاء العثمانيين على قلعة نوهزل النمساوية، وسَّطَ ليوبولد إمبراطورُ النمسا البابا إسكندرَ السابِعَ في طلبه المساعدة له من ملك فرنسا- الذي كان قد عرض على ليوبولد قبل حصار العثمانيين لقلعة نوهزل إمدادَه بأربعين ألفًا من الألمان المحالفين له، فأبى خوفًا من إظهار الضعف- فسعى البابا جهدَه لدى ملك فرنسا حتى قَبِلَ بإرساله ستة آلاف جندي فرنساوي وأربعة وعشرين ألفًا من محالفيه الألمان، وانضم هذا الجيش إلى الجيش النمساوي تحت قيادة الكونت دي كوليني، وابتدأت المناوشات بين الجيشين المتحاربين، فقُتل الكونت دي القائد العام النمساوي، وخلفَه القائدُ مونت كوكوللي، وكان قد انضم إلى الجيش الفرنساوي عدد عظيم من شبان الأشراف, وفي بداية القتال كان النصر حليفًا للعثمانيين فاحتل كوبريلي أحمد باشا مدينة سرنوار وعسكر على شاطئ نهر يقال له نهر راب والأعداء معسكرون أمامه، وبعد أن حاول كوبريلي عبور النهر صده الجيش النمساوي الفرنساوي, فجمع كل قواه في يوم 8 محرم سنة 1075 وعبر النهر عنوة وانتصر على قلب جيش العدو، ولولا تدخل الفرنساويين وخصوصًا الأشراف منهم، لتم النصر للعثمانيين, وانتهى اليوم بدون انتصار تام لأحد الفريقين؛ فإن العثمانيين حافظوا على مراكزهم بدون تقدم للأمام، وسميت هذه الواقعة بواقعة سان جوتار نسبة لكنيسة قديمة حصلت الحرب بالقرب منها، وبعد تبادل المخابرات بين الطرفين توصلا للصلح وأُبرمت معاهدة بينهما أهم ما نصت عليه إخلاء الجيش العثماني لإقليم ترنسلفانيا وتعيين أبافي حاكمًا عليها تحت سيادة الدولة العثمانية، وتقسيم بلاد المجر بين الدولتين بأن يكون للنمسا ثلاث ولايات، وللباب العالي أربعة، مع بقاء حصني نوفيجراد ونوهزل تابعين للدولة العلية العثمانية!
يعتبر حصار قلعة كاندية المنيعة في جزيرة كريت أطول حصار في التاريخ، كان العثمانيون قد قضوا سنة 1055 ثلاثة أشهر لفرض الحصار على مدينة كاندية، بقطع إمدادات المياه، وتعطيل الممرات البحرية البندقية إلى المدينة، وقاموا بقصف المدينة دون تأثير يذكر. البنادقة بدورهم حاصروا الدردنيل لمنع وصول الإمدادات العثمانية لجزيرة تكريت, وتلقَّت جمهورية البندقية المزيدَ من المساعدات من الدول الأوروبية الغربية الأخرى خلال مدة الحصار التي تجاوزت ثلاثًا وعشرين سنة قتل خلالها 8 آلاف جندي من البنادقة, وفي هذا العام تمكن القائد العثماني رئيس الوزراء فاضل أحمد باشا من رفع الحصار عن القلعة بعد أن قَبِلت البندقية بتسليم المدينة وخروج قواتها منها بدون أسلحة أو ذخيرة.
هو العلَّامةُ الفقيهُ الشيخ أبو محمد سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف الوهيبي الحنظلي التميمي، جَدُّ الإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهاب, وعالمُ الدِّيار النجدية في عصره ومُفتيها. قيل إنه وُلد في بلدة أشيقر ونشأ فيها وقرأ على علمائها, واشتهر بالورع والتواضع وغمط النفس, والعدل في أقضيته، وكان قويًّا في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، وبعد أن برز وبرع في العلم واشتهر، طَلَبَه أهالي روضة سدير؛ ليكون قاضيًا لديهم، فأجابهم، وانتقل من مسقط رأسه أشيقر إلى روضة سدير، وأخذ في تعليم الناس، والقضاء بينهم، فحُمِدَت سيرته، وانتفع به أهلُها كثيرًا. ثم انتقل بعد ذلك إلى العُيينة، حيث تولى القضاء فيها، وحُمِدَت سيرته فيها أيضًا, وصنف المنسك المشهور به، وكان عليه اعتماد الحنابلة في المناسك. وله فتاوى تبلغ مجلدًا ضخمًا.
وقعت الدولة العثمانية معاهدة من 18 مادة تم بمقتضاها انتقال قلعة "كاندية" الحصينة في جزيرة كريت إلى الدولة العثمانية، إضافة إلى 1100 مدفع كانوا في القلعة، وأن تحصل تركيا على كامل جزيرة كريت، وبذلك تنتهي الحرب العثمانية مع البندقية التي استمرت 24 عامًا.
كان النظامُ في الدولة العثمانية في هذه الولايات التابعة لها أن يكون هناك والٍ عثماني هو الباشا، يحكم تلك الولايةَ ويكون تحته أعوانٌ ويكون التصرفُ للباشا، ثم تغيَّرَ الوضع فأصبح نظامُ الباي، وذلك أن الرجل الذي يكون واليًا ممثلًا للخليفة في هذه الولاية هو الباي (بيلرباي) وليس شرطًا أن يكون عثمانيًّا، ويساعده ديوانٌ استشاريٌّ مؤلَّفٌ من عسكريين يمثِّلون الفِرَق العسكرية في الولاية، ويلقَّبُ كل منهم بالداي، إضافة إلى موظف الشؤون الماليَّة. وقد طبق هذا النظام من قبل في تونس عام 1017 هـ.
هو الملك أبو العز الرشيد بن محمد بن علي الحسني أول ملوك شرفاء مراكش من العلويين، وكان قد قاتل أخاه محمدًا الذي كان قد تسلم بعد وفاة أبيهما عام 1069هـ وكانت قاعدتهم سجلماسة، فلما أصبح الأمر للرشيد نقل العاصمة إلى مراكش؛ ولهذا عُدَّ هو أولَ ملوك العلويين في مراكش وتولى أخوه إسماعيل الملك خلفًا له.
حاولت فرنسا التقرب من الدولة العثمانية، وتجديد الامتيازات، غيرَ أن الصدر الأعظم رفض ذلك، ثم حاولت فرنسا التهديدَ؛ حيث أرسل "لويس الرابع عشر" ملك فرنسا السفيرَ الفرنسي مع أسطول حربي، وهذا ما زاد الصدر الأعظم إلا ثباتًا، وقال: إن الامتيازات كانت منحة، وليست معاهدة واجبة التنفيذ, فتراجعت فرنسا أمام تلك الإرادة الحديدية واستعملت سياسة اللين والخضوع للدولة العثمانية، حتى جددت لها المعاهدات القديمة وأعادت لها امتياز حماية البيت المقدس عام 1084هـ.
رغب القوزاق في التبعية إلى الدولة العثمانية فأعلنوا ذلك، وكانوا يقيمون في أوكرانيا والمناطق التي تقع إلى الشرق منها، وهذا ما أغضب بولونيا فأغارت على أوكرانيا التي طلبت النجدة من العثمانيين، وسار الخليفة محمد الرابع بنفسه على رأس جيش انتصر على البولونيين الذين طلبوا الصلح، فعقد ولم يمضِ على الحرب أكثر من شهر واحد، وقد اعترفت بولونيا فيه بأن أوكرانيا للقوزاق وأن إقليم بووليا في غرب أوكرانيا للدولة العثمانية، وفوق هذا الاعتراف تدفع بولونيا جزية قدرها مائتين وعشرين ألف بندقي ذهبًا، فتضايق الشعب البولوني من هذه المعاهدة التي عرفت باسم بوزاكس، فأعلن رفضه لها وسار القائد البولوني سوبيسكي بجيوش جرارة وقاتل العثمانيين، واستمرت المعارك سِجالًا بين الطرفين، ثم عادت المفاوضات فعُقد الصلح بين الطرفين وتنازل فيه ملك بولونيا إلى العثمانيين عما تنازل له سلفه باستثناء بعض المواقع.
استطاع القائد العثماني قبلان مصطفى باشا أن يفتح منطقة بودوليا، ويؤسِّس فيها إيالة "كامانيجة"، وكانت هذه المنطقة تابعة لبولونيا، لكنها تقع الآن في جمهورية أوكرانيا. وقد استمرت السيطرة العثمانية عليها حتى نوفمبر 1180م.
أعلنت الدول الأوربية الحربَ على الدولة العثمانية، واستمرَّت هذه الحرب حتى عام 1686م، وعُرفت هذه السنوات في التاريخ العثماني بسنوات المصيبة, وكان هدف هذه الحملات هو إخراج المسلمين الأتراك من أوربا إلى آسيا, وأطلق البابا على هذه الحرب "الحملة الصليبية الـ14 ضد الأتراك".