بدأت الدَّعوة السنوسية في الجزائر على يدِ مؤسِّسِها محمد بن علي المعروف بالسنوسي الكبير، وبدأت هذه الدعوةُ تنتشِرُ داخِلَ أفريقيا من الصومال إلى السنغال وعلى طول الطريق إلى تشاد، وفي المغرب، وكانت أكثر المناطق التي انتشرت فيها بقوة هي ليبيا، وخاصةً منطقة الجبل الأخضر؛ حيث كان فيها أكثر من 300 زاوية سنوسية تعيشُ على الزراعة، وهم أوَّلُ من قاوم المحتلين الإيطاليين في ليبيا، وكان من أبرَزِ رجال هذه الدعوة عمر المختار، المعروف في الجبل الأخضر، كما انتشرت في برقةَ.
استعمرت فرنسا جُزُرَ القمر الكبرى وأنجوان ومايوت وموهيلي، ما بين عامي 1843 و1920م، وقد وضعَتْها فرنسا تحت إدارةِ الحاكم العام في مدغشقر. وفي سنوات لاحقةٍ أقام فيها المقيمون الفرنسيون والشركاتُ الفرنسية وبعضُ التجار العرب الأغنياء اقتصادًا زراعيًّا يعتَمِدُ على المزارع التي كانت تصدِّرُ ثلث الإنتاج. وفي سنة 1947م أصبحت جزرُ القمر واحدةً من الأقاليم الفرنسية فيما وراء البحار، وأعطيت تمثيلًا في البرلمان الفرنسي. وقيل: عُرِفَت جزر القمر دوليًّا لأول مرة عندما ظهرت على خريطةِ العالم التي رسَمَها الرحالة البرتغالي ديوجو ريبير عام 934هـ 1527م، ورغم سيطرةِ النفوذ الإسلامي والعربي على الجزرِ، فإنَّ الاضطرابات كانت تسودها، واستطاعت فرنسا أن تفرِضَ سيطرتها على جزيرة مايوت هذا العام، وقام وفدٌ من سكان جزيرة أنجوان بمقابلةِ قائد القوات المصرية في شرق إفريقيا رضوان باشا في 1292هـ 1875م، وطلبوا منه دخولَ الجزيرة تحت الحمايةِ المصرية، إلَّا أن الحكومة المصرية كانت مشغولةً بتدعيم سيطرتها على مناطِقَ أخرى أكثَرَ مِن اهتمامِها بتلك الجزر الصغيرة؛ لذلك لم تعطَ هذه الدعوةُ أيَّ اهتمام، فوقَّع حكام أنجوان معاهدة مع الإنجليز سنة 1300هـ 1882م نصَّت على إلغاء تجارة الرقيق في الجزيرة، فثار تجَّارُ الرقيق على هذه المعاهدة، واندلعت حروب أهلية، فطلب حكامُ الجزيرة فَرْضَ الحماية الفرنسية عليهم، ووقِّعَت معاهدة بذلك في 1304هـ 1887م، أما جزيرة موهيلي فاحتلتها فرنسا سنة 1303هـ 1886م. ورغم وجودِ أغلبية مسلمة في الجُزُر الأربع فإنَّهم لم يكن لهم دور فعَّالٌ في مقاومة النفوذ الفرنسي، كما لم يحاولوا تنظيم أنفسهم، وانشغلوا بالحروبِ الأهلية فيما بينهم. وصدر قرارٌ فرنسي سنة 1330هـ 1912م أصبحت بموجِبِه هذه الجزر مستعمرةً فرنسية، وأُلحِقَت بمدغشقر، وبَقِيَت تتبعها عامين، ثم انفصلت وأصبحت مستعمَرةً مستقلةً حتى الحرب العالمية الثانية. وفَرَضَت بريطانيا سيطرتَها على الجزر أثناء الحربِ بعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا، واتخذتها قاعدةً لسفنها الحربية في المحيط الهندي، ثم عادت هذه الجزرُ إلى فرنسا بعد انتهاء الحرب.
بعد أن استقَرَّ الإمام فيصل بن تركي في الرياض وبايعه رؤساءُ القبائل وأمراء بلدان نجد، تطلع إلى الخليج، وبدأ باستعادة قَصرِ الدمام من آل خليفة حُكَّام البحرين، وجعل فيه قوةً سعودية، وحاول أكثَرَ مِن مرة ضَمَّ البحرين ولكِنَّه لم يتمكَّنْ من ذلك؛ بسبب التدخُّلات البريطانية التي كانت تخشى على مصالحِها ونفوذها، فعَمَدت إلى ضرب ساحل الأحساء، وانتهى الأمرُ بأن توسط سعيد بن سحنون حاكِمُ أبو ظبي بين الطرفين، على أساس أن تقوم البحرين بدفعِ الزكاة للدولة السعودية سنويًّا.
هو عيسى بن محمد السعدون رئيس المنتفق، احترق في منزلِه، وسببُ ذلك أنَّ بيوتَهم التي يأوون إليها من قَصَبٍ يتَّخِذونها في وقت القيظ على شاطئ الفرات، فاتَّفق في ليلة نام مع أهله، ونسيت الخادِمُ الفنر أن تطفِئَه وتركته معلقًا على القصب المحكَم شَدُّه كالجدار، فعَلقَت النارُ فيه فاضطرمت في البيتِ وهو في نومِه مع أهله على سريره، فما استيقظ إلا وقد شملت النار جميعَ البيت وليس له مَهربٌ، وعليه بابٌ مُحكَمٌ، فهرب إلى أسفل البيت بين صناديقَ رجاءَ أن ينجو أو يأتيَه من يخرجه، فلما ظهرت النارُ في البيت واجتمع الناسُ لها، فلما أطفؤوها بالماء، وجدوه قد احترق إلى مجمعِ فخذيه، فأخذوا باقيَه ودفنوه، واذا بزوجته نائمةٌ على سريرها قد احترق جانبُها الأعلى، وكانت سيرتُه فيما ظهر غيرَ ما كان عليه أسلافُه من محبة أهل السنة والجماعة وكراهة الرافضةِ وغيرهم من أهل البِدَع، بل كان يُكرِمُ الرافضةَ ويحتَرِمُهم ويُدنيهم، وهو في الظاهِرِ على طريقة أهلِه وعشيرتِه فيما يَدَّعي.
ألَّف البرلمان الإنجليزي لجنة "إعادة أمة اليهود إلى فلسطين", وفي العام نفسه تألَّفت في لندن "الجمعية البريطانية والأجنبية للعمل في سبيل إرجاع الأمة اليهودية إلى فلسطين". وألحَّ رئيسها القس كريباس على الحكومة البريطانية كي تبادِرَ للحصول على فلسطين كلِّها من الفرات إلى النيل ومن المتوسِّط إلى الصَّحراء.
تمكَّن الإمام فيصل بن تركي من الهروبِ مِن سِجنِه في مصر متدلِّيًا بحبل، ونزل معه ابنه عبد الله، وأخوه جلوي بن تركي، وابن أخته عبد الله بن إبراهيم، وكان ذلك ليلًا، ثم غادروا مصر حتى وصلوا جبل شمر، فاستقبلهم عبدُ الله بن علي بن رشيد -والي جبل شمر مِن قِبَل فيصل- فأكرمهم ووعدهم بالمساعدةِ بالمال والرِّجالِ، والقتال معهم.
في أوَّلِ يومٍ مِن صفر بعد صلاة المغرب في وسَطِ القبلة ظهر عمودٌ أبيض مستطيل من الأفق إلى وسط السماء، مثل المنارة في رأي العين، وانزعج الناسُ لذلك، وكثر التنافس في طلوع هذه الآية، وما زال يضمحلُّ شيئًا فشيئًا إلى طلوع شهر صفر.
لما بلغ ابنَ ثنيان في الرياض خبَرُ وصول فيصل بن تركي جبل شمر، عزم على قتالِ فيصل ومَنْعِه من دخول الرياض, ودارت مفاوضاتٌ ومراسلات رفض فيها ابن ثنيان الخروجَ مِن الرياض وتسليمَها لفيصل، واستعَدَّ الطرفان للحربِ، لكن فيصل تمكَّن من دخول الرياض بدون قتالٍ، وقبض على ابن ثنيان وحَبَسَه في أحد بيوت القصر إلى أن مات فيه. وتمكَّن الإمام فيصل من استعادة أكثر الأملاك التي خضعت له في فترةٍ وجيزة.
هو عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن سعود بن محمد بن مقرن، من أمراء نجد، وكان في الرياض يُظهِرُ الطاعة لخالد بن سعود القادم من مصر الذي أخرج فيصل بن تركي وحلَّ محلَّه، فعمل ابن ثنيان على إخراج خالد والقوات المصرية، وكان شجاعًا مَهيبًا أطاعته نجد، فصَفَت له الإمارةُ إلى أن عاد فيصل بن تركي من أَسْرِه في مصر، فامتنع عليه عبدُ الله، وظَفِرَ به فيصل فحبسه في الرياض، فمات في السجن، فخرج فيصل في جنازته وصلى عليه. أنجب عبدُ الله ثلاثةً من الأبناء، وهم: محمد، وعبد القادر، وعبد الله، وقد سمِّيَ على والده لأنَّ والده توفِّيَ وهو حَمْلٌ, وقد نزح عبد الله بن عبد الله الملقَّب باشا إلى استانبول وخلع عليه هناك لقَبَ باشا وتوفِّيَ باستانبول، وقد أنجب باشا عبد الله أربعة أبناء: أحمد، وعبد القادر، وسعود، وسليمان الذي أنجب ابنًا واحدًا هو عبد العزيز بن سليمان، الذي تولى أمانة مدينة الرياض عام 1386هـ.
لما استعمل الإمامُ فيصل عبدَ اللهِ بنَ سعد المداوي أميرًا على القطيف استلحق علي بن عبد الله بن غانم الرافضي رئيس القطيف السابق، فناوبه بأشياءَ ذُكِرَت له فضَرَبَه بالخَشَبِ حتى مات، فغضب الإمامُ فيصل وأرسل إليه غلامَه بلال بن سالم الحرق، فأشخصه إلى الإمام وجلس مكانَه في القطيف، فلما أتى المداوي إلى الإمام ذكَرَ له عُذْرَه في ضربه لابن غانم، فقبل منه ورَدَّه إلى القطيف أميرًا.
لم يُعجِبِ الدروزَ أن يكون الموارنة في الجبل تحت سلطةِ غيرهم -وهو الرأي الذي أخذ به الخليفةُ العثماني في حلِّ المشكلة بين الدروز والموارنة في الجبل- فقام الدروز باعتداءاتِهم الثانية في هذا العامِ بعد الاعتداء الأول عام 1258هـ، فأرسلت الدولةُ العثمانية بعد ذلك جيوشَها واحتَلَّت المنطقةَ كُلَّها، وأعلنت فيها الأحكامَ العُرفيَّةَ، ثم اتفقت الدولُ الأوربية مع الخليفة على تشكيلِ مجلسٍ يَضُمُّ أعضاءً مِن المجموعتين ومن غيرهم، ولم تنته القضيَّةُ إلا بمذابِح عام 1277هـ.
أقدمت القواتُ الاستعمارية بقيادة الجنرال بليسي السفَّاح على جريمة خطيرة ظلَّت طيَّ الكتمان، وهي محارِقُ في كلٍّ مِن النقمارية وأولاد رباح، وحسَبما تداول عن هذه المعارك أن القواتِ الاستعمارية كانت وراءَ كُلِّ أنواع التعذيب التي حدثت في المنطقة، ومنها ثلاثُ محارق في النقمارية وأولاد رباح، حيث تم حشدُ مئات المواطنين في شهر أوت من سنة 1845م داخِلَ مغارات وكهوف تحت الأرض وبعد الغَلقِ عليهم بالإسمنت المسلَّح، تم إبادة أكثر من 1000 مواطن (رجال ونساء وشيوخ وأطفال) عن طريق المحارِقِ! وكل هذه الإبادة الجماعية هي ردُّ فعل على انطلاق مقاومةٍ شعبية من طرَفِ السكان الذين لم يتقَبَّلوا وجود قوات الاستعمار بمنطقتِهم.
في رمضانَ من هذه السنة كانت وقعةُ ابن رشيد رئيس الجبل على أهل عُنيزة، وذلك أنَّ عبد الله بن سليم بن زامل أميرَ عنيزة أخذ إبلًا لابن رشيد، فطلب منه الأداء، فأبى عليه وحَذَّره وأنذَرَه، فجهَّز ابنُ رشيد إليهم أخاه عبيد في 250 مطية وخمسين من الخيل، فأغار على غَنَم عنيزة قريبًا من البلد، ففزع أهلُ عنيزة، وكان ابن رشيد قد جعل لهم كمينًا، فلما نشب القتالُ خرج عليهم الكمين فولَّوا منهزمين، واستولى عبيد وقومه على أكثَرِ الفَزع، فقتلوا في المعركة كثيرًا من رجالهم، منهم الأمير عبد الله بن سليم وإخوته وبنو عمه، قتَلَهم صبرًا، وأمسك منهم رجالًا وربطهم وأنفَذَهم إلى أخيه عبد الله في الجبل، فركب إليه عبد العزيز بن الشيخ العالم عبد الله أبا بطين، فألفى عليه في الجبل فأطلق له رجالًا وكساهم.
في آخِرِ هذه السنة أقبل حاجُّ الأحساء والقطيف والبحرين وسيف البحر ومعه عجمٌ كثيرٌ، فرصد لهم في الطريق فلاح بن حثلين رئيسُ العجمان ومعه أناسٌ مِن أعراب سبيع، فشَنُّوا عليهم الغارةَ، فتفرق من الحاج نحوًا من نصفه، وانهزم أكثرُ الحاج، فمنهم السالم والمأخوذ، فلما بلغ الإمام فيصل خبَرُهم استنفر المسلمين فرَكِبَ من الرياض آخِرَ ذي القعدة ومعه الشيخ العالم القاضي عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ونزل حريملاء حتى اجتمع عليه غزوانه من جميع النواحي، فلما سمع ابن حثلين بمغزى الإمامِ انهزم إلى ديرة بني خالد، فقصده الإمام في ديار بني خالد فأقبل عليه رؤساءُ العُجمان وسبيع، وسألوه بالله ألا يأخُذَ البريءَ المطيع بالغَوِيِّ المضيع، وهذا الجاني ابن حثلين ومن تبعه دونَك, فعفا عنهم وأمَرَهم أن يَخرُجوا من ديرة بني خالد هم وأتباعهم من سبيع ولا يمكثوا فيها ولا يومًا واحدًا، فرحلوا عنها وقصدوا السرَّ فشَنَّ عليهم عربان مطير وغيرُهم، فأخذوا كثيرًا من أدباشهم وأوباشهم، فمزَّقَهم الله كلَّ ممزَّق, ثم إن رؤساء العجمان طلبوا من فيصل الأمان وأنهم يدفعون ما أخذوا للمسلمين والنَّكال، فأخذ فيصل منهم خمسة وعشرين فرسًا، ثم أرسل الإمام فيصل قافلةً إلى أهل الأحساء فيها زهاب وغيره، أمَّا ابن حثلين فانسلخ العُجمان عنه وتبرأوا منه، فهرب إلى محمد بن هادي بن قرملة، فلما علم الإمام بذلك قصد ابن حثلين فهرب من عند ابن قرملة فرجع الإمامُ فيصل إلى الرياض.
تمكَّن الإمام فيصل خلال هذا العامِ مِن القبض على فلاح بن حثلين وقطع رأسَه في الأحساء على إثرِ قَطعِه الطريقَ على حاجِّ الأحساء والقطيف والبحرين، وكذلك تمكَّنَ من مشعان بن هذال لَمَّا أخذ الحدرة ولم يمتَنِعْ بعدها إلا خمسين يومًا حتى اقتصَّ منه، وكذلك هادي بن مذود لما أخذها لم يحُلْ عليه الحول، وقطع الله أصله ونسْلَه على يد الإمام، وكذلك ما جرى على الدبادية -وهم فرع من مطير- قتَلَهم مرةً واحدةً لَمَّا فعلوا بأهل سدير ما فعلوا بحَفرِ الباطن، وما جرى على عُربان السويلمات من القَتلِ والأخذ لَمَّا قطعوا طُرُق المسلمين.
كانت كشمير تحت حكم المغول المسلمين، ثم سيطر الأفغانُ عليها بعد المغول، ثم بعد التدخُّل الإنجليزي استطاع السيخُ أن يتحكَّموا بالإقليم الكشميري، وكانت أيامُهم فيها من أسوأ الأيام على المسلمين من إراقة الدماء وهدمِ المساجِدِ، ثم أخذها الإنجليزُ مِن السيخ عام 1262هـ / 1846م ثم قاموا ببيعِها بموجِبِ اتفاقية أمريتسار (وهي المدينة التي تعد قاعدة السيخ) بمبلغ سبعة ملايين ونصف مليون روبية إلى أسرة الدوغرا الشيخية لمدة مائة عام من 1846 إلى 1946م، ولم ينس الإنجليز (لتمُرَّ هذه الصفقة على المسلمين) أن يجعَلوا أسرة الدوغرا تتعهَّدُ بأن تحكُمَ رعيتها المسلمةَ بالعدل، وكان -كما هو مشهور- حبرًا على ورق، وإلَّا فالواقع خيرُ شاهد على ما قام به الدوغرا تجاهَ المسلمين الذين ظلُّوا طيلة قرن من الزمن مكَبَّلين بأغلال العبودية والاضطهاد والتنكيل، رغم أنهم الأكثرية؛ فهم يشكلون ثمانين بالمائة من السكان!
هو فلاح بن مانع بن حثلين العجمي أميرُ قبيلة العجمان، قام في السنة الماضية ومعه بعض العُجمان وعربان من سبيع بالغارة على حاجِّ الأحساء والقطيف والبحرين وسيف البحر، فطلبه الإمام فيصل بن تركي ففَرَّ إلى ديرة بن خالد، فأجلى الإمام فيصل العجمانَ من ديرة بني خالد، ففَرَّ ابن حثلين إلى محمد بن هاد بن قرملة بعد أن انسلخ منه العجمان وتبرؤوا منه، ثم إنَّ فلاح بن حثلين قام يدير الرأيَ في الحيلة للرجوعِ إلى ديرة بني خالد، ووقع في نفسِه أنَّه لا يَقدِرُ على ذلك إلَّا بمصافاة الدويش وأتباعه، فرحل من مكانِه وقصَدَهم في ديرة بني خالد، ومعه قطعةٌ قليلة من العجمان، فنزل على منديل بن غنيمان رئيسِ من الملاعبة من مطير، وطلبه أن يجيره ويجمع بينه وبين الدويش، فأبى ابن غنيمان وقال: لا نقدِرُ على ذلك، ونحن بيدِ الإمام فيصل، ولا يجسرُ يجيرُ عليه أحد، وأرسل منديل إلى الحميدي الدويش وأخبره بالأمر، فركب من ساعته بعَدَدِه وعُدَّتِه وألفى عند ابن غنيمان ورحل معه بابن حثلين ومن تَبِعَه وأدخلهم مع عُربانه، وأرسل إلى فيصل يخبره، وركب وافدًا عليه ومعه رؤساء قومِه فلما دخلوا على الإمام ذكَرَ لهم ما فعل ابن حثلين بالمسلمين، وقال: لا بدَّ من إمساكه وأخْذِه من عندكم وأخذ الثأر منه للمسلمين، وألزمه بذلك فلم يجِدْ بدًّا من طاعته، فأمر الإمامُ على رجال من خدَّامه يركبون معهم ويأخذون ابن حثلين من عند الدويش، وقصدوا به الأحساءَ وأدخلوه قصرَ الكوت عند أحمد السديري، فقطعوا رأسَه، وعندما قُتِلَ فلاح بن حثلين خلفه أخوه العجمان الشيخ حزام بن حثلين عمُّ راكان بن فلاح حوالي خمسة عشرة عامًا في زعامة قبيلة العجمان، ثم تنازل عن زعامته لابن أخيه الشيخ راكان بن فلاح بن حثلين، عام 1276هـ.
زار محمد علي باشا والي مصرَ استانبول عاصمة الدولة العثمانية؛ لتقديم فروضِ الولاءِ والطاعة، وذلك بعد سنوات من الحروبِ بين الجانبين، وكان عمرُه آنذاك 77 عامًا، وتعَدُّ هذه الزيارةُ هي الأولى والأخيرة له للعاصمة العثمانية، وقد استمَرَّت لمدة 29 يومًا.