كانت مالي تقع ضمن بلاد السودان الفرنسي تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي، وعندما طُرِحَ دستور ديغول قَبِلَته مالي، فتكوَّنَت جمهورية مالي ذاتُ الاستقلال الذاتي ضِمنَ مجموعة الشعوب الفرنسية، وأُلغِيَت وظيفةُ الحاكم الفرنسي العام، ثم في شهر شوال 1378هـ / نيسان 1959م تمَّ اتحاد بين السودان الفرنسي والسنغال حَمَل اسم مالي رمزًا لمملكة مالي القديمة، وحصل الاتحاد على الاستقلال ضِمنَ المجموعة الفرنسية عام 1379هـ / 1960م، لكِنَّ هذا الاتحاد لم يلبَثْ أكثَرَ من ثلاثة أشهر، فأَعلَنَ السودان الغربي نفسَه جمهوريةً مُستقِلَّةً استقلالًا تامًّا في ذي الحجة 1379هـ / 1960م مع الاحتفاظِ باسم مالي، وتم الإعلانُ عن جمهورية مالي بدلًا من اتحاد مالي في غرة ربيع الثاني 1380هـ / 22 أيلول، وانتُخِبَ موديبو كيتا رئيسًا للجمهورية بالإجماعِ، وهو من أسرة كيتا التي أسَّست إمبراطورية مالي قديمًا.
بعد انتهاءِ الحرب العالمية الثانية بدأت الأحزابُ تدعو إلى الاستقلال، وفي عام 1378هـ / 1958م أصبحت موريتانيا ضِمنَ الشعوب الفرنسية التي تتمتَّعُ بالاستقلال الداخلي مع بقاء السلطاتِ بيَدِ الحاكم العام الفرنسي، وبقيت الأحزابُ تُطالِبُ بالاستقلال، ثم جرت الانتخاباتُ وتشَكَّلت الجمعية التأسيسية، وقُدِّم الدستور إلى الجمعية الوطنية فوافقت عليه في رمضان 1378هـ / آذار 1959م، وجاء فيه أنَّ اسم البلاد هو الجمهورية الإسلامية الموريتانية، والدين هو الإسلام، واللغة الوطنية: العربية، والرسمية: الفرنسية، والشريعة المدنية: الفقه الإسلامي، وكانت المغرب تطالِبُ بضم موريتانيا إليها، وعُرِضَت القضية على الأمم المتحدة فقَرَّرت الجمعية السياسية للأمم المتحدة منح موريتانيا الاستقلالَ بتاريخ 7 جمادى الآخرة 1380هـ / 26 نوفمبر، وبعد يومين نالت موريتانيا الاستقلالَ، وتأخَّرت الدول العربية بالاعتراف؛ لأن هذا يعتبر فصلًا لدولة عربية وتقسيمها إلى أجزاء.
مؤتمر برازافيل (مؤتمر اتحاد الدول الأفريقية والملاجاشية) عُقد في الفترة من 15 إلى 19 ديسمبر 1960م. وكان الهَدفُ منه تحقيقَ تعاون بين بعض الدول الأفريقية الواقعة تحت الاستعمار الفرنسي وترغب في الاستقلال، وترفُضُ الانضمامَ إلى المجموعة الفرنسية. وقد بذلت هذه الدولُ جهودًا كبيرةً في إنشاء تجمُّع أفريقي غيرِ مرتبط بأيِّ دولة أوروبية. عُقِدَ أوَّلُ مؤتمر في مدينة أبيدجان، عاصمة ساحل العاج من 3 إلى 7 أكتوبر عام 1960م، وحضر هذا المؤتمر: السنغال، وأفريقيا الوسطى، والكونغو، وبرازافيل، وموريتانيا، وداهومي، وساحل العاج، والنيجر، والكاميرون، وغينيا. وكان الهدفُ من المؤتمر تنظيم التعاون بين هذه الدول. كما اتفقوا على مداومة الاجتماعات والمؤتمرات؛ لزيادة التعاون. عُقد المؤتمر الآخر في برازافيل من 15 - 19 ديسمبر، وحضرته الدولُ التسع التي سبق لها حضور المؤتمر الأول في أبيدجان، إضافة إلى الكنغو ليوبولدفيل (زائير والكنغو الديمقراطية حاليًّا)، وتشاد. (أكثر هذه الدول غالبية سكانها مسلمون) وتوصَّل هذا المؤتمر إلى وضع مشروع منظمة أفريقية تضُمُّ إليها مالاجاش، وسمُيِّت هذه المنظَّمةُ بمجموعة برازافيل، نسبةً إلى المكان الذي انعقد فيه هذا المؤتمر، وتقَرَّر فيه إقامةُ هذه المنظمة. اتَّفَقَت هذه الدُّولُ على مجموعة من المبادئ تحكُمُ علاقاتِها المتبادلة، والعلاقات بينها وبين الدول الأفريقية. وكان أهمها:1. العمل الدائم من أجل السلام، ويتمثَّلُ ذلك في عدم الدخول في أي تحالفٍ يُعَدُّ موجَّهًا ضِدَّ أي دولة من دول المنظمة، وعدم اللجوء إلى الحرب. 2. عدم التدخُّل في الشؤون الداخلية، وذلك بعدم قيام أي دولة بتأييد حكومةٍ في المنفى، مع تعهُّد كل دولة بتحريم كل أنواع النشاط الهدَّام.3. التعاون الاقتصادي والثقافي بين الدول الأفريقية على أساس المساواة. 4. التعاون الدبلوماسي بين دول الفرانكوفون، والعمل في إطار سياسة دولية محايِدة.
عُقِدَ مؤتمر الدار البيضاء الدولي بالمغربِ بدعوة من الملك محمد الخامس؛ ملك المغرب بعد عدة لقاءات واجتماعات بين ممثِّلي الدول الأفريقية التي وقَّعت فيما بعد ميثاقَ المنظمة. اشترك في هذا المؤتمر سِتُّ دول، هي: الجمهورية العربية المتحدة، والمغرب، وحكومة الجزائر المؤقتة، وغانا، وغينيا، ومالي. كما حضر المؤتمر مراقبان من ليبيا وسيلان، على الرغمِ من أن سيلان ليست دولةً أفريقية. وكان الهدف من المؤتمر تبادُلَ وجهاتِ النظر في المشاكل الأفريقية، والمشاركة الجماعية في تحرير دول القارة، ودعم الدول المستقلة. وكانت أهم القرارات التي اتَّخَذها المؤتمَرُ مساندة شعب الجزائر وحكومته المؤقتة؛ لتحقيق استقلاله، واستنكار الاستعمار الصهيوني، وضرورة حل قضية فلسطين والاعتراف بالحقوق الفلسطينية، واستنكار التجارب الذرية خاصةً الفرنسية التي تجري على أراض أفريقية، وتأييد مطالب المغرب في موريتانيا. ووقع المجتَمِعون في نهاية المؤتمر ميثاقًا لتنظيم العلاقات بينهم يضمن أهم المبادئ التالية: مبدأُ الوحدة الأفريقية، مبدأ عدم الانحياز، مبدأ محاربة الاستعمار القديم والجديد بجميع أشكاله. مبدأ المحافظة على سيادة الدول ووحدة أراضيها، والتعاون بين الدول الأفريقية. وأنشأ ميثاق الدار البيضاء عِدَّة لجانٍ لتنسيق العمل بين الدول الأعضاء، وتحقيق التعاون في جميع المجالات، وسَمَح ميثاق المجموعة بقَبول عضوية كل دولة أفريقية، على أن يوافِقَ الأعضاءُ على قبولها بالإجماع. وعلى الرغمِ من جميع هذه الإيجابيات فإنَّ الانسجام بين الدول الأعضاء لم يكنْ كاملًا، ولكن مع ذلك فإن تشكيلَ هذا التجمُّع أسهم في نشرِ فكرة الوحدة الأفريقية، وإبراز الشخصية الأفريقية.
اتَّسَعت أعمالُ إدارة المعارف بعد وفاة الملك عبد العزيز فجُعِلت وزارةً كسائر وزارات الدولة، وتولاها الأميرُ فهد بن عبد العزيز، وفي عهده أُنشِئَت جامعة الرياض، ثم تولى الوَزارةَ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ثم تولاها أخوه حسن بن عبد الله آل الشيخ الذي توسَّع نطاقُ جامِعة الرياض في عَهدِه، فشَمِلَت كليَّات العلوم والصيدلة والآداب والتجارة والزراعة، ثم الهندسة، وأُنشِئَت جامعة الملك عبد العزيز الأهلية في جُدة، والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
وُضِعَ حَجَرُ الأساس لبناء السد العالي في أسوان، بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وكان الغرَضُ من بناء السد تخزينَ المياه، وموازنة الفيضانات المرتفعة والمنخفضة، وتوليد الكهرباء، وتحسين الملاحة بالنيل، وقد أُنجِزَت المرحلة الأولى في بناء السد سنة 1964م.
هو محمَّدُ الخامس بن يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الحسني العلويّ، أبو الحسن المنصور باللَّه: ملك المغرب، ورمزُ نهضته الحديثة. وُلِدَ بفاس سنة 1329هـ وتعَلَّم بها وبالرباط، وكان بفاس يوم بُويِعَ له بعد وفاة والده سنة 1346ه 1927م، فانتقل إلى الرباط عاصمة المغرب في عهد أبيه. وكان الاحتلالُ الفرنسي المعبَّرُ عنه بالحماية هو المرجِعَ الأعلى في سياسة البلاد وإدارتها، وليس للملك الذي كان يُدعى بالسلطان ولا للقصر الملكي الذي يُسمَّى المخزَن إلَّا المظهرُ الديني في مواسِمِ الأعياد الإسلامية، ووَضْع الطابع الشريف -أي: الخاتم- على الأحكام الشرعية، وشؤون الأوقاف، أُعلِنَ استقلال المغرب يوم 3 مارس 1956 وزار أسبانيا فاتَّفَق مع حكومتِها على أن تعترف باستقلال المغرب ووَحدةِ ترابه، وأدخل المغربَ في الأُمَم المتحدة. وربَطَ بلادَه بعلاقات سياسية واقتصادية مع أكثر دول العالم. وكان يدورُ في سياسته حول دول الغرب (أمريكا ومن معها) فمَدَّت إليه الدول الاشتراكية يَدَها، فتعاون معها متحفِّظًا بحُسنِ صِلاتِه بالأولى. وكان لمدينة طنجة نظامٌ دولي يَفصِلُها عن المغرب، فألغى ذلك النِّظامَ وأدخل بلادَه في جامعة الدول العربية، ولَمَّا مَرِضَ الملك محمد الخامس سافر إلى سويسرا للعلاج، وعَيَّن ابنَه الحسن وليًّا للعهد، ثم توفي في 11 رمضان 1380هـ، فتسَلَّم المُلْكَ بعده ابنُه الحسن الثاني بعد خمسة أيام من وفاته.
كثُرت الأحزاب السيرالونية حتى بلغت تسعةَ أحزاب أجمعت كلُّها على المطالبة بالاستقلال من الحماية البريطانية، وشَكَّلت وفدًا سافر إلى لندن عام 1380هـ / 1960م، وقد شكل أعضاؤه بعد عودتهم حكومةً ائتلافية استطاعت أن تظفَرَ بالاستقلال في 12 ذي القعدة 1380هـ / 27 نيسان ضِمنَ رابطة الشعوب البريطانية، وسيراليون من دول غرب أفريقيا ذات الأغلبية المسلمة.
تعودُ النشأةُ الحديثةُ لدولة الكويت إلى الشَّيخِ مبارك الصباح الذي حكَمَ الفترة ما بين 1896م إلى 1915م، واستند نظامُ الحكم فيها إلى أساس السلطة المُطلَقة للحُكَّام، ولم تحصل تطوراتٌ جوهرية على النظامِ حتى حصول الكويت على الاستقلال، وذلك بعد إلغاء اتفاقيَّة الحماية التي عُقِدَت في 1899م بينها وبين بريطانيا، وقد قُبِلَت الكويت في الجامعة العربية في 20 تموز 1961م، وفي الأمم المتحدة في 14 آذار 1963م. وفي 11 نوفمبر 1962 تم إصدارُ دستور دولةِ الكويت.
بدأت العلاقةُ بين الطرفين المصري والسوري تسوء عندما عُيِّنَ المشير عبد الحكيم عامر حاكِمًا على سوريا في عام 1379هـ / 1959م فاستقال وزراءُ حزبِ البعث ونائِبُ رئيس الجمهورية البعثي أكرم الحوراني؛ وحدث استياءٌ عام في سوريا في الوسط المثقَّف والتعليمي وفي الجيش وحتى بين الشيوعيين الذين غادر أكثَرُهم البلاد، وعلى رأسهم زعيمهم خالد بكداش، فبدأ بعض الضباط السوريين العمل سرًّا لانفصال الوحدة، ومن بينهم عبد الكريم النحلاوي: مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر ومدير شؤون الضباط، واستطاع أن يجمع حوله عددًا من الضبَّاط من اختصاصات مختلفة منتظرًا الوقت المناسب، حتى كان يوم 18 ربيع الثاني 1381هـ / 28 أيلول 1961م وقع الانفصالُ الذي دبَّره النحلاوي مع الضباط السوريين.
بعد أن انفصلت اليمنُ عن الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى استقلَّ بحكمِها الإمام يحيى حميد الدين حتى سنة 1948م حكمًا يجمع بين الإمامة الدينية والسلطة السياسية، وعاونه في الإدارة أولادُه، ولما قتل الإمام يحيى في شباط 1948م في مؤامرة بسبب صراع أسري، تولى الحكم ابنُه أحمد الذي انفتح على العالم بانضمامه إلى الجامعة العربية، ثم لهيئة الأمم المتحدة، بل وفتح باب العلاقة مع دول المعسكر الشيوعي الاشتراكي، فقَبِل عروض الأسلحة من الاتحاد السوفيتي مع بقاء قبوله لمعونات أمريكا وألمانيا، ثم بعد موت الإمام أحمد حكم ابنُه محمد البدر، وبعد حكمه بأسبوع أعلن الأحرار اليمنيون الثورةَ ومعهم ضباط من الجيش بزعامة عبد الله السلال بتحريض ودعم من جمال عبد الناصر، وذلك في 27 ربيع الثاني / 26 سبتمبر، وأعلنت مصر تأييدَها للثورة في اليوم الثاني من قيامها، فهاجم الثوارُ قصر الحاكم البدر بن أحمد، وأعلنوا أنهم قتلوه وأصدروا في 3 أكتوبر 1962م دستورًا مؤقتًا يعلن النظام الجمهوري في البلاد ويلغي النظام الملكي وحُكم الأئمة، وتم تشكيل مجلس ثورة برئاسة محمد علي عثمان يتبعه مجلس استشاري من الزعماء القبليين ومجلس وزراء، وأعلنوا إلغاءَ الرِّقِّ ونظام الطبقات والتمييز الطائفي بين الزيدية والشافعية، ثم اختيرَ عبد الله السلال رئيسًا للجمهورية اليمنية الشمالية، والتي استمرت قرابة 8 سنوات 1962م إلى 1970م بين مدٍّ وجزر.
لما توفي الإمام أحمد خلفه في الإمامة ابنه البدر، ولم تلبث أن قامت الثورة عليه بإمرة العقيد الناصري عبد الله السلال، وذلك في 27 ربيع الثاني / 26 سبتمبر، وهرب البدر من البلاد، وأخذ يستعد للعودة. أيدت السعودية الملكية اليمنية وأيَّدت مصر الثورة ووصلت طلائع القوات المصرية إلى اليمن في 7 جمادى الأولى 1383هـ، وفي اليوم التالي من وصولها قطعت مصر علاقتَها بالسعودية، ثم وصل أنور السادات حيث عَقَد مع اليمن معاهدةَ الدفاع المشترك. كانت الحربُ غير متكافئة بين الثوار مدعومين بالجيش المصري، واليمنيين المدعومين من الحكومة السعودية، والذين كانوا يخوضون حرب عصابات ضِدَّ الجيش المصري، فكبَّدوهم خسائر فادحة في الأموال والأرواح، وأوقعوا المصريين في ورطة لم يستطيعوا التخلُّص منها، ولم يخرج الجنود المصريون من اليمن إلا بعد 4 سنوات بعد عام 1387هـ، وبعد نكسة حزيران 1967م، واستمرَّت الحرب بعد خروج المصريين من اليمن إلى 1389هـ، وكان الخروجُ نتيجة الاتفاق الذي تم بين الملك فيصل بن عبدالعزيز والرئيس جمال عبد الناصر، وذلك في مؤتمر الخرطوم بالسودان.
كانت تنزانيا الحالية تتكون من منطقتين؛ المنطقة الأولى هي تانجانيقا، والأخرى زنجبار، فأما تانجانيقا وهو الساحل الجنوبي الشرقي فقد كان تحت الاحتلال الألماني، وعرفت باسم أفريقيا الشرقية الألمانية، وقد تمكنت إنجلترا بعد الحرب العالمية الأولى من انتزاع تانجانيقا من ألمانيا، ووُضعت تحت وصاية عصبة الأمم، ثم أصبحت بريطانيا هي الوصية عليها بتصديق من عصبة الأمم عام 1341هـ / 1922م، فاتبع فيها نظام الانتداب، ثم أعلنت إنجلترا في عام 1376هـ / 1956م أنها ستمنح تانجانيقا حكومة ذات استقلال داخلي، وجرت أول انتخابات عامة في ربيع الأول 1378هـ / أيلول 1958م وجرت الانتخابات وفاز حزب الاتحاد الوطني الإفريقي، واتخذت الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الوصاية وبعدها أصبحت تانجانيقا مستقلة ضمن رابطة الشعوب البريطانية في 2 رجب 1381هـ / 9 ديسمبر, وانتُخِب يوليوس نيريري رئيسًا للجمهورية، ثم بعد أن انضمَّت زنجبار إلى تانجانيقا في عام 1383هـ / 1964م أصبحتا دولة واحدة والرئيس هو نفسه يوليوس، وسمِّيَ الاتحاد الجديد تانزانيا، وذلك في 1384هـ / 1964م، وتنزانيا من دول شرق أفريقيا وفيها نسبة عالية من المسلمين خاصة زنجبار فأهلها كلهم مسلمون.
بدأت المفاوضاتُ بين الجزائريين والفرنسيين في إيفيان من 20 مايو، واستمرت لمدة عام، تمَّ في بدايتها الاتفاقُ على إعلان وقف إطلاق النار بين جبهة التحرير الجزائرية وفرنسا. وبناءً على اتفاقية إيفيان تمَّ إقرار مرحلة انتقالية وإجراء استفتاء تقرير المصير. والاتفاق على أن تتولى شؤون الجزائر حكومةٌ مؤقتة تتكون من 12 عضوًا. كما تضمَّنت هذه الاتفاقيات جملةً من اتفاقيات التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية سارية المفعول لمدة 20 سنة.
قام عبد الكريم النحلاوي بانقلاب عسكري في سوريا ضدَّ الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبد الناصر، ويعد النحلاوي المسؤولَ الرئيسي عن انفصال سوريا عن مصر في الوحدة التي نشأت بين القطرين تحت اسم "الجمهورية العربية المتحدة"، ثم قام النحلاوي في 28 مارس 1962م بانقلابٍ آخر فحَلَّ البرلمان وأقال حكومة معروف الدواليبي. ثم وقع انقلاب عسكري بعد يومين ضد "النحلاوي".
شكَّل الأميرُ فيصل بن عبد العزيز الحكومةَ الجديدة، ثم طرح مجموعةً من الرُّؤى الإصلاحية؛ كالنِّظام الأساسي للحُكم، ونظامِ القضاء، ومجلسٍ للإفتاء، وهيئةٍ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتماد مجانيَّة الطبِّ والتعليم، ودعم الموادِّ الاستهلاكية الضرورية، والضَّمان الاجتماعي، وتنظيم وتطوير الوضع الاقتصاديِّ والتجاريِّ والاجتماعيِّ، وإلغاء الرِّقِّ بشكلٍ مُطلَق، وحَظْرِه وعتق العبيد جميعًا. وقد تحقق كثيرٌ من ذلك في عهده، إلَّا أن النظام الأساسي للحُكم في السعودية لم يصدُرْ إلا في عهد الملك فهد في 27 / 8 / 1412هـ.
توقَّفت الثَّورةُ الجزائريةُ الكبرى -التي اندلعت في جميعِ أرجاء الجزائر ثم انتقلت لأرض فرنسا نفسِها- بعد اتِّفاق الجزائريِّين والفرنسيِّين في مفاوضاتٍ سابقة على وقفِ إطلاق النار، وتشكيل حكومةٍ جزائرية مؤقَّتة؛ فأعلنت فرنسا عن قَبولها للمفاوضات، وعيَّنَ المجلسُ الوطني الجزائري العقيدَ هواري بومدين قائدًا عامًّا لجيش التحرير، ثم أعلنت الحكومةُ الجزائريةُ والفرنسيةُ في 25 ذي القعدة 1380هـ / 10 أيار 1961م الشُّروعَ في محادثات إيفيان، وكانت فرنسا تماطِلُ بل وتتوقف من أجلِ موضوع الصحراء إلى أن اعترفت أخيرًا بحقِّ الجزائريين في الصحراء، وتمَّ الاتفاقُ على وقف إطلاق النار، وأن تتولى شؤونَ الجزائر هيئةٌ مؤقتة تتألَّفُ من اثني عشر عُضوًا، وفي محرم 1382هـ / تموز 1962م جرى الاستفتاءُ على استقلال الجزائر، فكانت النتيجةُ 97.3% لصالح الاستقلال، فأُعلِنَ استقلالُ الجزائر في 3 صفر 1382هـ / 5 تموز، وقامت الدولةُ الجزائرية، ووُضِع الدستورُ وأقرَّه المجلس، وبموجِبِه انتُخِبَ أحمد بن بلة رئيسًا للدولة، الذي أعلن القوانينَ الاشتراكية، ومن الناحية السياسية الدولية بَقِيَت فرنسا صاحبةَ النفوذ الفعلي رغم الخلافِ معها.
تمَّت إقامةُ صلاة الجمعة في جامع كتشاوة بالجزائر، وكان خطيبُها الشيخَ الجزائري "البشير الإبراهيمي"، وكانت هذه هي الجُمعةَ الأولى التي تقامُ في ذلك المسجد بعد مائة عام مِن تحويلِ الاحتلال الفرنسي هذا المسجِدَ إلى كنيسةٍ!