لَمَّا سار المعِزُّ الفاطميُّ إلى مصرَ خَلَّفَ على إفريقيَّة يوسُفَ بلكين بن زيري، ولَمَّا عاد يوسف بلكين من وداعِ المعِزِّ أقام بالمنصوريَّة يعقِدُ الوِلاياتِ للعُمَّال على البلاد، ثم سار في البلاد، وباشرَ الأعمال، وطيَّبَ قُلوبَ الناس، وكان المعِزُّ يريد أن يستخلِفَ يوسُفَ بلكين على الغَربِ لقُوَّتِه، وكثرةِ أتباعه، ولكِنَّه كان يخاف أن يتغَلَّبَ على البلاد بعد مسيرِه عنها إلى مصر، فلما استحكَمَت الوحشةُ بين يوسف وبين زناتة أمِنَ تغَلُّبَه على البلادِ، ولكِنَّ يوسُفَ اجتَمَعَت له صِنهاجةُ كما اجتمَعَت لأبيه مِن قَبلُ، وبدأ يَقوى أمرُه.
بعد أن انتظم الأمرُ في مِصرَ للفاطميِّينَ تهيَّأَ المعِزُّ الفاطميُّ العُبَيديُّ للانتقالِ إليها، فسار بخزائِنِه وتوابيتِ آبائه. وكان دخولُه إلى الإسكندريَّة في شعبان سنة 362 وتلقَّاه قاضي مصر الذهلي وأعيانُها، فأكرمهم وطال حديثُه معهم وأظهر لهم أنَّ قَصْدَه الحَقُّ والجِهادُ، وأن يختِمَ عُمُرَه بالأعمالِ الصالحة، وزعم أنَّه يُقيمُ أوامِرَ جَدِّه رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم، ووعَظَ وذَكَّرَ حتى بكى بعضُهم ثم خلَعَ عليهم. وقال للقاضي أبي الطاهر الذهلي: من رأيتَ مِن الخُلَفاء؟ فقال: واحِدًا. قال: من هو؟ قال مولانا، فأعجَبَه ذلك. ثم إنَّه سار حتى خيَّمَ بالجيزةِ فأخذ عسكرُه في التعدية إلى الفُسطاط، ثم دخل القاهرةَ وقد بُنِيَ له بها قَصرُ الإمارةِ وزُيِّنَت مصر، فاستوى على سريرِ مُلكِه.
كان سَببُها أنَّ عِزَّ الدولة بختيارَ بنَ مُعِزِّ الدولة قلَّت عنه الأموالُ، فتوَجَّه مع جندِه إلى الأهواز، ليتعَرَّضوا لبختكين آزادرويه، وكان متولِّيَها، ويعملوا له حُجَّةً يأخذونُ منه مالًا ومِن غيره، فسار بختيار وعسكَرُه، وتخلَّفَ عنه سبكتكين التركي، فلمَّا وصلوا إلى الأهواز خدم بختكين بختيار وحَمَلَ له أموالًا جليلةَ المقدارِ، وبذل له من نَفسِه الطاعةَ، وبختيار يفكِّرُ في طريقٍ يأخُذُه به. فاتَّفَق أنَّه جرى فتنةٌ بين الأتراك والديلم، عندما نزل بعضُ الديلم دارًا بالأهواز، ونزل قريبًا منه بعضُ الأتراك، وكان هناك لَبِنٌ موضوعٌ، فأراد غلامُ الدَّيلميِّ أن يبنيَ به معلفًا للدوابِّ، فمنعه غلامُ التركي، فتضاربا، وخرجَ كُلُّ واحد من التركي والديلمي إلى نُصرةِ غُلامِه، فضَعُفَ التركي عنه، فرَكِبَ واستنصر بالأتراكِ، فرَكِبوا وركب الديلم، وأخذوا السِّلاحَ، فقُتِلَ بينهم أحدُ قُوَّاد الأتراك، وطلَبَ الأتراكُ بثأر صاحِبِهم، وقتلوا به من الديلم قائدًا أيضًا، وخَرَجوا إلى ظاهرِ البلد، واجتهد بختيار في تسكينِ الفتنة، فلم يُمكِنْه ذلك، فاستشار الديلمَ فيما يفعَلُه، وكان أُذُنًا يَتبَعُ كُلَّ قائلٍ، فأشاروا عليه بالقَبضِ على رؤساء الأتراكِ لتصفوَ له البلادُ، فأحضَروا بختكين وكاتِبَه سَهلَ بن بِشرٍ، وسباشى الخوارزمي بكتيجور، وكان حمًا لسبكتكين, فاعتقَلَهم وقَيَّدَهم، وأطلق الديلمَ في الأتراك، فنَهَبوا أموالَهم ودوابَّهم، وقُتِلَ بينهم قتلى، وهرب الأتراكُ، وأمر فنُودِيَ بالبصرة بإباحةِ دَمِ الأتراك، وكان بختيار قد واطأَ والدتَه وإخوتَه أنَّه إذا كتب إليهم بالقَبضِ على الأتراك يُظهِرونَ أنَّ بختيار قد مات، ويجلِسونَ للعزاء، فإذا حضر سبكتكين عندهم قبَضوا عليه، فلمَّا وَقَفوا على الكتُبِ وقع الصُّراخُ في داره، وأشاعوا موتَه، فعَلِمَ سبكتكين أنَّ ذلك مكيدة عليه، ودعاه الأتراكُ إلى أن يتأمَّرَ عليهم، فركِبَ في الأتراك، وحصَرَ دارَ بختيار يومين، ثم أحرَقَها ودخَلَها، وأخذ أبا إسحاقَ وأبا طاهِرٍ ابنَي مُعِزِّ الدولة ووالدتَهما ومن كان معهما، فسألوه أن يمكِّنَهم من الانحدارِ إلى واسط، ففعل، وانحدروا، وانحدر معهم الخليفةُ المطيع لله، ثم أعاد سبكتكين الخليفةَ ورَدَّه إلى داره، وذلك تاسِعَ ذي القعدة، واستولى على ما كان لبختيار جميعِه ببغداد، ونزل الأتراكُ في دور الديلمِ وتتَبَّعوا أموالَهم وأخذوها، وثارت العامَّةُ من أهل السُّنَّة ينصُرونَ سبكتكين؛ لأنه كان سُنِّيًّا، فخلع عليهم، وجعل لهم العُرَفاء والقُوَّاد، فثاروا على الشِّيعةِ وحاربوهم وسُفِكَت بينهم الدماء، وأُحرِقَت الكرخ حريقًا ثانيًا، وظهَرَت السُّنَّة عليهم.
لَمَّا استقَرَّ المعِزُّ الفاطميُّ بالدِّيارِ المصرية وابتنى فيها القاهرةَ والقصرينِ وتأكَّدَ مُلكُه، سار إليه الحُسَين بن أحمد القرمطي من الأحساءِ في جمعٍ كثيفٍ مِن أصحابه، والتَفَّ معه أميرُ العرب ببلادِ الشَّامِ وهو حَسَّان بنُ الجراح الطائي، في عربِ الشَّامِ بكَمالِهم، فلمَّا سَمِعَ بهم المعِزُّ أُسقِطَ في يده لكَثرتِهم، وكتب إلى القرمطيِّ يَستَميلُه ويقولُ: إنَّما دعوةُ آبائك كانت إلى آبائي قديمًا، فدَعْوتُنا واحدةٌ، ويذكُرُ فيه فَضلَه وفَضل َآبائه، فردَّ عليه الجواب: وصل كتابُك الذي كثُرَ تفضيلُه وقَلَّ تَحصيلُه، ونحن سائِرونَ إليك على إثْرِه. والسَّلامُ، فلمَّا انتَهَوا إلى ديار مصرَ عاثُوا فيها قتلًا ونَهبًا وفسادًا، وحار المعِزُّ فيما يصنَعُ وضَعُفَ جَيشُه عن مقاومتِهم، فعدل إلى المَكيدةِ والخديعة، فراسَلَ حَسَّان بن الجرَّاحِ أميرَ العرب ووَعَده بمائةِ ألف دينارٍ إن هو خذَّلَ بين النَّاسِ، فبعث إليه حسَّان يقولُ: أنِ ابعَثْ إليَّ بما التزمْتَ وتعالَ بمَن معك، فإذا لَقِيتَنا انهَزَمْتُ بمن معي، فلا يبقى للقَرمطيِّ قُوَّةٌ، فتأخذُه كيف شِئتَ، فأرسل إليه بمائةِ ألفِ دينارٍ في أكياسِها، ولكِنَّ أكثَرَها زغلٌ ضَربُ النُّحاسِ وألبَسَه ذهبًا وجعَلَه في أسفَلِ الأكياسِ، وجعل في رؤوسِها الدنانيرَ الخالصةَ، ولَمَّا بعَثَها إليه رَكِبَ في إثرِها في جيشِه، فالتقى النَّاسُ فانهزم حسَّانُ بمن معه، فضَعُفَ جانِبُ القرمطي وقَوِيَ عليه الفاطميُّ فكَسَره، وانهزمت القرامطةُ ورجعوا إلى أذرِعاتٍ في أذَلِّ حالٍ وأرذَلِه، وبعث المعِزُّ في آثارهم القائِدَ أبا محمود بن إبراهيم في عشرةِ آلاف فارس، ليحسِمَ مادَّةَ القرامطة ويُطفِئَ نارَهم عنه.
لَمَّا انهزَمَ القَرمطيُّ بعث المعِزُّ سَريَّةً وأمَّرَ عليهم ظالمَ بن موهوب العقيلي، فجاؤوا إلى دمشقَ فتسَلَّمَها من القرامطةِ بعد حصارٍ شديدٍ، واعتقل متولِّيَها أبا الهيجاءِ القَرمطيَّ وابنَه، ولَمَّا تفرغ أبو محمود القائِدُ مِن قتال القرامطة أقبل نحو دمشقَ فخرج إليه ظالمُ بنُ موهوب فتلَقَّاه إلى ظاهر البلَدِ وأكرَمَه وأنزله ظاهِرَ دمشق، فأفسد أصحابُ أبي محمودٍ في الغوطة ونهَبوا الفلَّاحين وقطعوا الطُّرُقات، فتحَوَّل أهلُ الغوطة إلى البلدِ مِن كثرة النَّهبِ، وجيءَ بجماعةٍ مِن القتلى فأُلقُوا فكَثُرَ الضَّجيجُ، وغُلِّقَت الأسواق، واجتَمَعت العامَّةُ للقتال، والتَقَوا مع المغاربةِ، فقُتِلَ من الفريقين جماعةٌ وانهَزَمَت العامَّةُ غيرَ مَرَّة، وأحرَقَت المغاربةُ ناحية بابِ الفراديس، وطال القتالُ بينهم إلى سنة أربعٍ وستين وثلاثمائة، وأحرِقَت البلدُ مَرَّةً أخرى بعد عزل ظالمِ بنِ موهوب وتوليةِ جَيشِ بنِ صمصامة ابنِ أخت أبي محمود، وقُطِعَت القنوات وسائِرُ المياه عن البلد، ومات كثيرٌ مِن الفُقَراء في الطُّرُقاتِ مِن الجوع والعطَشِ، ولم يزَل الحالُ كذلك حتى وليَ عليهم الطواشي ريَّان الخادم مِن جِهةِ المعز الفاطمي، فسَكَنَت النفوسُ.
هو شيخُ الحنابلةِ أبو بكر عبدُ العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الفقيهُ، تلميذُ أبي بكرٍ الخَلَّال. ولِدَ سنة 285. وسمِعَ في صِباه من مُحمَّد بن عثمان بن أبي شيبةَ، وموسى بن هارون، والفضلِ بنِ الحُباب وجماعة, وقيل: إنَّه سَمِعَ مِن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولم يصِحَّ ذلك؛ قال الذهبي: " كان كبيرَ الشَّأنِ، من بحورِ العِلمِ، له الباعُ الطويل في الفِقهِ, ومَن نظَرَ في كتابه " الشافي " عَرَف محَلَّه من العِلمِ لولا ما بشَّعَه بُغضُ بعضِ الأئمَّة، مع أنَّه ثِقةٌ فيما ينقُلُه "، قال القاضي أبو يعلى: " كان لأبي بكر عبد العزيز مُصنَّفاتٌ حَسَنةٌ؛ منها: كتاب " المقنع " وهو نحو مائةِ جزءٍ، وكتاب " الشافي " نحو ثمانين جزءًا، وكتاب " زاد المسافر " وكتابُ " الخلاف مع الشافعي " وكتاب " مختصر السُّنَّة " ورُوِيَ عنه أنَّه قال في مرضه: أنا عندكم إلى يومِ الجُمُعة، فمات يومَ الجمعة وله ثمانٍ وسبعون سنة, في سِنِّ شَيخِه الخَلَّال, وسنِّ شَيخِ شَيخِه أبي بكرٍ المروذيِّ، وسِنِّ شيخِ المروذي الإمامُ أحمد، ويُذكَرُ عنه عِبادةٌ وتألُّهٌ، وزُهدٌ وقنوعٌ, وذكَرَ أبو يعلى: "أنَّه كان معظَّمًا في النُّفوسِ، متقَدِّمًا عند الدولة، بارعًا في مذهَبِ الإمامِ أحمد ". قال الذهبي: " ما جاء بعد أصحابِ أحمَدَ مِثلُ الخَلَّال، ولا جاء بعد الخَلَّالِ مثلُ عبد العزيز, إلَّا أن يكونَ أبا القاسم الخِرَقيَّ "
خُلِعَ المُطيعُ لله، وكان به مرَضُ الفالجِ، وقد ثَقُل لِسانُه، وتعَذَّرَت الحركةُ عليه، وهو يستُرُ ذلك، فانكشف حالُه لسبكتكين حاجِبِ عِزِّ الدولة، فدعاه إلى أن يخلَعَ نَفسَه مِن الخلافةِ ويسَلِّمَها إلى ولده الطائعِ لله، واسمُه أبو الفضلِ عبدُ الكريم، ففعل ذلك وأشهَدَ على نفسِه بالخَلْعِ ثالثَ عشَرَ من ذي القعدة. وكانت مُدَّةُ خلافتِه تسعًا وعشرين سنةً وخمسةَ أشهر غيرَ أيَّامٍ، وبويع للطائعِ لله بالخلافة، واستقَرَّ أمرُه.
نزَلَ أفتكين التركي غلامُ مُعِزِّ الدولة- الذي كان قد خرج عن طاعتِه بسبَبِ الفِتنةِ التي جَرَت بين التُّرك والديلم وما بعدها، والتَفَّ عليه عساكِرُ وجُيوشٌ من الديلم والتركِ والأعرابِ- نزل في هذه السَّنةِ على دِمشقَ، وكان عليها مِن جِهةِ الفاطميِّينَ الطواشيُّ ريان الخادِمُ مِن جِهةِ المُعِزِّ الفاطميِّ، فلما نزل بظاهِرِها خرج إليه كُبَراءُ أهلِها وشيوخُها، فذكروا له ما هم فيه من الظُّلمِ والغشم ومخالفةِ الاعتقاد بسبَبِ الفاطميِّين، وسألوه أن يأخُذَها ليستنقِذَها منهم، فعند ذلك صَمَّم على أخذِها ولم يزَلْ حتى أخذها وأخرج منها ريانَ الخادِمَ، وكسَرَ أهلَ الشَّرِّ بها، ورفع أهلَ الخيرِ، ووضع في أهلِها العدلَ وقمَعَ أهلَ اللَّعِب واللَّهوِ، وكفَّ أيديَ الأعرابِ الذين كانوا قد عاثوا في الأرضِ فسادًا، وأخذوا عامَّةَ المَرجِ والغُوطة، ونهبوا أهلَها، ولَمَّا استقامت الأمورُ على يديه وصَلَحَ أمرُ أهل الشام، كتب إليه المعِزُّ الفاطميُّ يَشكُرُ سَعيَه ويَطلُبُه إليه ليخلَعَ عليه ويجعَلَه نائبًا من جِهتِه، فلم يُجِبْه إلى ذلك، بل قطع خُطبتَه من الشَّامِ، وخطَبَ للطائعِ العبَّاسي، ثم قصد صِيدا وبها خَلقٌ من المغاربةِ عليهم ابنُ الشيخ، وفيهم ظالِمُ بنُ موهب العقيلي الذي كان نائبًا على دمشق للمعزِّ الفاطميِّ، فأساء بهم السِّيرةَ، فحاصرهم ولم يَزَلْ حتى أخذ البلدَ منهم، ثم قصد طبريَّةَ ففعل بأهلِها مثلَ ذلك.
اجتمعت صَنهاجةُ ومَن والاها بالمغربِ على طاعةِ يوسُفَ بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي الحِمْيَري قبل أن يُقَدِّمَه المنصور، وكان أبوه مناد الصِّنهاجيُّ كبيرًا في قومِه، كثيرَ المالِ والولَدِ، حسَنَ الضِّيافةِ لِمَن يمُرُّ به، وتقدَّمَ ابنُه زيري في أيَّامِه، وقاد كثيرًا من صنهاجةَ، وأغار بهم وسبى، فحَسَدته زناتة وجَمَعَت له لتسيرَ إليه وتحارِبَه. فسار إليهم مجِدًّا فكَبَسَهم ليلًا- وهم غارُّون - بأرضٍ مُغِيلةٍ، فقتل منهم كثيرًا، وغَنِمَ ما معهم فكَثُرَ أتباعه، فضاقت بهم أرضُهم، فقالوا له: لو اتَّخَذتَ لنا بلدًا غير هذا. فسار بهم إلى موضعِ مدينة أشير، فرأى ما فيه من العُيونِ، فاستحسنه وبنى فيه مدينةَ أشير وسكَنَها هو وأصحابُه. وكانت زناتة تُفسِدُ في البلادِ، فإذا طُلِبوا احتَمَوا بالجبال والبراري. فلمَّا بُنِيَت أشير صارت صنهاجة بين البلادِ وبين زناتة والبربر، فسُرَّ بذلك القائِمُ.
خرج في جبل غمارة بإفريقيَّة رجلٌ يُعرَفُ بالعبَّاس ادَّعى النبوَّةَ واتَّبَعَ نعيقَه الأرذَلونَ مِن سفهاءِ تلك القبائلِ وأعمارِهم، وزحف إلى بادس من أمصارِهم ودخَلَها عَنوةً, فلمَّا سمع يوسُفُ بلكين بن زيري الصنهاجي به وباتِّباعِ أهل غمارة له، سار إليهم وغزاهم وظَفِرَ بهم، وأخَذَ العبَّاسَ- الذي كان يدَّعي النبُوَّةَ- أسيرًا، وأحضَرَ الفُقَهاءَ فقَتَله لأربعينَ يومًا من ظهورِ دَعوتِه.
أبو القاسمِ الفَضلُ ابنُ المُقتَدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق الخليفة العباسي. ولدَ سنة 301 وبويع بالخلافةِ بعد خَلعِ المُستكفي نفسَه سنة 334، وأمُّه اسمُها مشغلة أمُّ ولد. كان مقهورًا مع نائب العراقِ ابنِ بُوَيه مُعِزِّ الدولة الذي قرَّرَ له في اليومِ مائة دينار فقط. ولَمَّا اشتَدَّ الغَلاءُ المُفرطُ ببغداد، اشتري المطيعُ لله لمعِزِّ الدولةِ كر دقيقٍ بعشرين ألف درهم, وفي سنة 360 فُلِجَ المُطيعُ، وبطَلَ نِصفُه، وتمَلَّكَ في أيَّامِه بنو عُبَيدٍ مِصرَ والشَّام، وأذَّنُوا بدمشق " بحيَّ على خير العمل "، وغلت البلادُ بالرَّفضِ شرقًا وغربًا، وخَفِيَت السنَّةُ قَليلًا، واستباحت الرومُ نصيبين وغيرَها، فلا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله، ولَمَّا تحكَّم الفالِجُ في المطيعِ دعاه سبكتكين الحاجِبُ التركيُّ إلى عزلِ نَفسِه، وتسليمِ الخلافةِ إلى ابنِه الطائِعِ لله، ففعل ذلك في ثالثَ عشر من ذي القعدة سنة 363, ولَمَّا استفحل بلاءُ اللُّصوصِ ببغداد، ورَكِبوا الخيل، وأخذوا الخفارةَ، وتلقَّبوا بالقُوَّاد. خرج المطيعُ وولده الخليفةُ الطائِعُ لله إلى واسط فمات المطيعُ هناك في المحرم سنة 364 بعد ثلاثة أشهر من عزلِه. وعمره 63 سنة، فكانت خلافته ثلاثين سنة سوى أشهر. وفي أيَّامه سنة 316 تلقَّب عبد الرحمن الناصر صاحبُ الأندلس بأمير المؤمنين. وقال: أنا أحقُّ بهذا اللقبِ مِن خليفةٍ تحت يدِ بني بُوَيه. قال الذهبي: " وصدق النَّاصِرُ؛ فإنَّه كان بطلًا شُجاعًا سائسًا مَهيبًا، له غَزَواتٌ مَشهودةٌ، وكان خليقًا للخلافةِ"
لَمَّا استقَرَّ الأمرُ لأفتكين التركي في الشام ولم يستجِبْ لطَلَبِ المعِزِّ الفاطميِّ ليكونَ نائبًا له فيها. عزم المعِزُّ على المسير إليه ليأخُذَها منه، فبينما كانت العساكرُ تُجمَعُ للمُعِزِّ إذ توفِّيَ، وقام بعدَه ولدُه العزيز، فاطمأنَّ عند ذلك أفتكين بالشام، واستفحل أمرُه وقَوِيَت شوكتُه، ثمَّ اتَّفقَ أمرُ المِصريِّينَ على أن يبعثوا جوهرًا الصقليَّ لقتالِه وأخْذِ الشَّامِ مِن يده، فعند ذلك حلَفَ أهلُ الشام أنَّهم معه على الفاطميِّينَ، وأنهم ناصِحونَ له غيرُ تاركيه، ثُمَّ حصَلَت حروبٌ بينهم كان حاصِلُها استنجادَ أفتكين بالقرامطةِ، ولكِنْ كانت النهايةُ هي هزيمَتَهم أمامَ الفاطميِّينَ، وأُسِرَ أفتكين، وسُيِّرَ إلى مصرَ فأُكرِمَ فيها.
هو الإمامُ العلَّامةُ الفقيهُ الأصوليُّ اللُّغويُّ, عالمُ خُراسان, أبو بكر مُحمَّدُ بنُ عليِّ بنِ إسماعيل الشافعيُّ، صاحِبُ التصانيفِ، المعروفُ بالقَفَّال الكبيرِ، الشَّاشيُّ نِسبةً إلى مدينة شاشَ وراءَ النَّهرِ، ولد بها سنة 271, وكان من أكابر عُلَماءِ عَصرِه بالفِقهِ والحديث واللغة، رحل إلى العراقِ والشام وخراسان، قال الحاكم عنه: "عالمُ أهلِ ما وراءَ النَّهرِ في الأصولِ ". وعنه انتشر المذهبُ الشَّافعيُّ هناك، له مصنَّفاتٌ؛ منها: أصول الفقه، ومحاسن الشريعة، وشرح رسالة الشافعي، وغيرها، كانت وفاتُه بشاش عن 74 عامًا.
هو المُعِزُّ لدين الله أبو تميمٍ مُعدُّ بن المنصور بالله إسماعيل بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن المهدي أبي محمد عبيد الله، العُبَيديُّ المهدويُّ صاحِبُ المغرب. بُنِيَت له القاهرة, وكان وليَّ عَهدِ أبيه. ولي سنة 341، وسار في نواحي إفريقيَّةَ يمَهِّدُ مُلكَه، فذَلَّل الخارجين عليه، واستعمل مماليكَه على المدُنِ، واستخدم الجُندَ، وأنفق الأموالَ، وجهَّز مملوكَه جوهرًا القائِدَ في الجيوشِ. فسار فافتتح سجلماسة، وسار إلى أن وصل البحرَ الأعظمَ، فلمَّا مات كافور بَعَث المعِزُّ جَيشَه لِمِصر بقيادةِ جَوهر, فأخذها له ثمَّ انتقل لها المعِزُّ ودخلها سنة 362. قال الذهبي: " كان المعِزُّ عاقِلًا لبيبًا حازمًا، ذا أدبٍ وعِلمٍ ومعرفةٍ وجَلالةٍ وكَرَمٍ، يرجِعُ في الجملةِ إلى عَدلٍ وإنصافٍ، ولولا بِدعتُه ورَفضُه، لكان من خيارِ المُلوكِ ". كان موتُه سابع عشر من شهر ربيع الآخر، وكان سبب موته الحُمَّى؛ لشدَّة ما وجد من كلامٍ على مُلكِه ومملكتِه، واتَّصَل مرضُه حتى مات، وكانت ولايتُه ثلاثًا وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام، منها مُقامُه بمصر سنتان وتسعة أشهر، والباقي بإفريقيَّة، وهو أوَّلُ حُكَّام العُبَيديِّين مَلَك مصر، وخرج إليها، وكان مُغرمًا بالنجوم، ويعمل بأقوالِ المنجِّمينَ، قال له منجِّمُه: إنَّ عليه قطعًا في وقتِ كذا، وأشار عليه بعمَلِ سردابٍ يختفي فيه إلى أن يجوزَ ذلك الوقت، ففعل ما أمَرَه وأحضر قوَّادَه، فقال لهم: إنَّ بيني وبين الله عهدًا أنا ماضٍ إليه، وقد استخلفتُ عليكم ابني نزارًا، يعني العزيز، فاسَمَعوا له وأطيعوا، ونزَل السردابَ، فغاب سنةً ثم ظهر، وبقِيَ مدَّةً، ومرِضَ وتوفِّيَ، فستَرَ ابنُه العزيز موتَه إلى عيد النَّحرِ مِن السنة، فصلى بالنَّاسِ وخَطَبَهم، ودعا لنفسِه، وعزَّى بأبيه، ولَمَّا استقَرَّ العزيزُ في الملك أطاعه العسكرُ، فاجتمعوا عليه، وكان هو يدبِّرُ الأمورَ منذ مات أبوه إلى أن أظهَرَه، ثم سيَّرَ إلى الغرب دنانيرَ عليها اسمُه، فُرِّقَت في النَّاسِ.
سار أبو القاسمِ بنُ الحسَنِ بنِ علي بن أبي الحسين أميرُ صقليَّةَ، في عساكرِ المسلمينَ، ومعه جماعةٌ مِن الصَّالحين والعلماء، فنازل مدينةَ مسيني في رمضانَ، فهرب العدوُّ عنها، وعدا المُسلمونَ إلى كسنتة فحصروها أيَّامًا، فسأل أهلُها الأمانَ، فأجابهم إليه، وأخذ منهم مالًا، ورحل عنها إلى قلعةِ جلوا، ففعل كذلك بها وبِغَيرِها، وأمَرَ أخاه القاسِمَ أن يُذهِبَ الأسطولَ إلى ناحية بربولة ويَبُثَّ السَّرايا في جميعِ قلورية، ففعل ذلك فغَنِمَ غنائِمَ كثيرةً، وقتل وسبى، وعاد هو وأخوه إلى المدينةِ.
هو ثابتُ بنُ سِنانِ بنِ ثابتِ بن قُرَّة بن مروان، أبو الحسن الحرَّانيُّ الأصلِ الصَّابئُ، ثم البغدادي الطبيبُ المؤرِّخُ. كان يلحَقُ بأبيه في صناعةِ الطِّبِّ، وجَدُّه هو ثابت بن قرة الصابئ فيلسوفُ عَصرِه, وكان صيرفيًّا، يتوقَّدُ ذَكاءً، فبرع في علمِ الأوائل وصار منجِّمَ المعتَضِد, وكان أخوه إبراهيمُ بنُ سنان من الأذكياءِ البارعين في صناعة الطب. صنف أبو الحسَنِ ثابت بن سنان تاريخًا كبيرًا على الحوادث والوقائع التي تَمَّت في زمانه من سنة 295 بداية عهد المُقتَدِر إلى حين وفاتِه، وقد أحسن فيه، وخدَمَ بالطِّبِّ الراضيَ بالله وجماعةً مِن الخلفاء قبله, وكان أبو الحسن ببغداد في أيَّامِ مُعِزِّ الدولة بنِ بُوَيه طبيبًا عالِمًا نبيلًا، يُقرأُ عليه كُتُب بقراط وجالينوس، وقد سلك مسلَك جَدِّه ثابت بن قرة في نَظَرِه في الطبِّ والفلسفةِ والهندسة وجميع الصناعات الرياضيَّة للقدماء. قال عن نفسه: "أنه كان وولدُه في خدمة الراضي بالله، وأنَّه خدم بصناعةِ الطِّبِّ المتَّقيَ بنَ المقتدر بالله، وخدم أيضًا المستكفيَ بالله والمطيعَ لله, وفي سنة 313 قلَّدَني الوزيرُ الخاقاني البيمارستانَ الذي اتخَذَه ابنُ الفُرات بدرب المفضل " وكان ثابت بن سنان خالَ هلالِ بنِ المحسن بن إبراهيم الصابئ الكاتِبِ البليغِ, قال الذهبي: "إن ثابت بن قُرَّة إليه المُنتَهى في علوم الأوائل، حَقِّها وباطِلِها. صنَّفَ تصانيفَ كثيرةً, وكان بارعًا في فن الهيئة والهندسة. وله عَقِبٌ ببغداد على دينِ الصابئة. فكان ابنُه إبراهيم بن ثابت رأسًا في الطب، وأمَّا حفيده صاحب التاريخ المشهور ثابت بن سنان فكان أيضًا علَّامة في الطبِّ تَركَنُ النفسُ إلى ما يؤرِّخُه. مات على كُفرِه".
هو أميرُ المؤمنينَ، أبو العاصِ الحَكَمُ بنُ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المستنصر بالله الأموي، صاحبُ الأندلس، وُلِدَ سنة 302, وبويع بعد أبيه، في رمضان، سنة 350. وكان حسَنَ السيرة، جامعًا للعلم، مُكرِمًا للأفاضل، كبيرَ القَدرِ، ذا نَهمةٍ مُفرِطةٍ في العلم والفضائل، عاكفًا على المطالعة. جمع من الكتُبِ ما لم يجمَعْه أحدٌ من الملوك، لا قَبله ولا بعدَه، وتطَلَّبَها وبذَلَ في أثمانِها الأموالَ، واشُتِرَيت له من البلاد البعيدةِ بأغلى الأثمان، مع صفاءِ السَّريرةِ، والعقلِ والكرم، وتقريبِ العُلَماء. ضاقت خزائنُه بالكتب إلى أن صارت إليه، وآثَرَها على لذَّاتِ الملوك، فغَزُرَ عِلمُه، ودَقَّ نَظَرُه، وكان له يدٌ بيضاء في معرفة الرجال والأنساب والأخبار، وقلما تجدُ له كتابًا إلَّا وله فيه قراءةٌ أو نظَرٌ، من أيِّ فَنٍ كان، ويكتُبُ فيه نسبَ المؤلِّف، ومولِدَه ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائِبَ لا تكاد تُوجدُ. ومن محاسنه أنَّه شَدَّدَ في مملكته في إبطالِ الخُمورِ تشديدًا عظيمًا. قال اليسع بن حزم: "كان الحَكَمُ عالِمًا، راويةً للحديثِ، فَطِنَا وَرِعًا ". وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد، على أنموذَجِه في محبَّة العلم، فقُتِلَ في أيام أبيه. همَّت الروم بأخذ مواضِعَ مِن الثغور، فقَوَّاها الحكمُ بالمال والجيوش، وغزا بنَفسِه، وزاد في القطيعةِ على الرومِ وأذَلَّهم. وكان موتُه بالفالج، كانت إمارتُه خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، ولَمَّا توفِّيَ ولِيَ بعدَه ابنُه هشامٍ بعهد أبيه، وله عشرُ سنين، ولقِّبَ بالمؤيَّد بالله. فأقيم في الخلافةِ بتدبير الوزيرِ ابنِ أبي عامر القحطانيِّ.
مَلَكَ سبكتكين مدينةَ غزنة وأعمالَها، وكان ابتداءُ أمرِه أنَّه كان مِن غِلمانِ أبي إسحاقَ بنِ البتكين، صاحِبِ جيش غزنة للسامانية، وكان مقَدَّمًا عنده، وعليه مدارُ أمرِه، وقدِمَ إلى بُخارى، أيَّامَ الأمير منصور بن نوح، مع أبي إسحاق، فعَرَفَه أربابُ تلك الدولة بالعقلِ والعفَّة، وجودةِ الرأي والصَّرامة، وعاد معه إلى غزنة، فلم يلبثْ أبو إسحاق أن توفِّيَ، ولم يخَلِّفْ من أهلِه وأقاربه من يصلُحُ للتقَدُّم، فاجتمع عسكَرُه ونظروا فيمن يلي أمْرَهم، ويجمَعُ كَلِمتَهم، فاختلفوا ثمَّ اتَّفَقوا على سبكتكين؛ لِما عَرَفوه من عقلِه ودينِه ومروءتِه، وكمالِ خِلالِ الخير فيه، فقَدَّموه عليهم، ووَلَّوه أمرَهم، وأطاعوه فوَلِيَهم، وأحسَنَ السِّيرةَ فيهم، وساس أمورَهم سياسةً حَسَنةً، وجعل نفسَه كأحدِهم في الحالِ والمال، وكان يدَّخِرُ من إقطاعِه ما يعمَلُ منه طعامًا لهم في كلِّ أُسبوعٍ مَرَّتين.
لَمَّا توفِّيَ الحَكَمُ بنُ عبد الرحمن بويعَ بخلافةِ الأندلُسِ ابنُه هشامٌ المؤيَّدُ بالله، وله يومئذٍ عشرُ سنينَ أو نحوها، بإشارة الوزراء والقُوَّاد, واختلفت البلادُ في أيامه، فأخذه حاجِبُه ابنُ أبي عامرٍ وحَبَسه، وحَجَبه عن النَّاسِ، فلم يكن أحدٌ يراه ولا يصل إليه، وقام المنصورُ أبو عامر بأمر الدولة القيامَ المَرضِيَّ، وعدل في الرعيَّة، وأقبلت الدُّنيا إليه، واشتغل بالغَزوِ، وفتحَ مِن بلاد الأعداءِ كثيرًا، وامتلأت بلادُ الأندلس بالغنائم والرقيق، وأدام اللهُ له الحالَ ستًّا وعشرين سنة، غزا فيها اثنتينِ وخمسينَ غَزاةً ما بين صائفةٍ وشاتيةٍ.
جمعَ العساكِرَ وسار نحوَ الهِندِ مجُاهدًا، وجرى بينه وبين الهنودِ حُروبٌ يَشيبُ لها الوليدُ، وكشَفَ بلادَهم، وشَنَّ الغاراتِ عليها، وطَمِعَ فيها، وخافه الهنودُ، ففتح من بلادهم حصونًا ومعاقِلَ، وقتل منهم ما لا يدخُلُ تحت الإحصاءِ، ولَمَّا رأى جيبال ملِكُ الهند ما دهاه، وأنَّ بلاده تُملَكُ من أطرافها، أخذه ما قَدُم وحَدَث، فحشد وجمعَ واستكثَرَ مِن الفِيَلة، وسار حتى اتَّصَل بولايةِ سبكتكين، فسار سبكتكين عن غزنة إليه ومعه عساكِرُه وخلقٌ كثيرٌ مِن المتطوِّعة، فالتَقَوا واقتتلوا أيامًا كثيرةً، وصبَرَ الفريقان، وأرسل ملِكُ الهند إلى سبكتكين يطلبُ الصُّلحَ، وترَدَّدَت الرسل، فأجابهم إليه بعد امتناعٍ مِن ولَدِه محمود، على مالٍ يؤديه، وبلادٍ يُسَلِّمُها، وخمسين فيلًا يحمِلُها إليه، فاستقَرَّ ذلك، ورهنَ عنده جماعةً من أهلِه على تسليمِ البلادِ، وسَيَّرَ معه سبكتكين من يتسَلَّمُها، فلما أبعد جيبال ملك الهند قبَضَ على من معه من المُسلِمينَ وجعَلَهم عنده عِوَضًا عن رهائِنِه، فلمَّا سَمِعَ سبكتكين بذلك جمَعَ العساكِرَ وسار نحو الهند، فأخربَ كُلَّ ما مَرَّ عليه من بلادهم، وقصد لمغان، وهي مِن أحصَنِ قلاعِهم، فافتَتَحَها عَنوةً وهدمَ بُيوتَ الأصنامِ، وأقام فيها شعارَ الإسلامِ، وسار عنها يفتَحُ البلاد، ويقتُلُ أهلَها، فلمَّا بلغ ما أراده عاد إلى غزنة، فلما بلغ الخبَرُ إلى جيبال سُقِطَ في يده، وجمع العساكِرَ وسار في مائةِ ألفِ مُقاتلٍ، فلقيه سبكتكين، فانهزم الهنودُ، وذَلُّوا بعد هذه الوقعة، ولم يكُنْ لهم بعدها راية، ورَضُوا بأن لا يطلبوا في أقاصي بلادهم، ولَمَّا قَوِيَ سبكتكين بعد هذه الوقعة، أطاعه الأفغانيَّة والخلج وصاروا في طاعتِه.