موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّاني: تَعريفُ الأمرِ اصطِلاحًا


الأمرُ في الاصطِلاحِ هو: استِدعاءُ الفِعلِ بالقَولِ على وَجهِ الاستِعلاءِ [684] يُنظر: ((التمهيد)) للكلوذاني (1/66)، ((روضة الناظر)) لابن قدامة (1/542)، ((قواعد الأصول)) لصفي الدين البغدادي (ص: 120). .
وقيلَ: هو القَولُ المُقتَضي طاعةَ المَأمورِ بفِعلِ المَأمورِ به [685] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 202)، ((المحصول)) للرازي (2/16)، ((الإحكام)) للآمدي (2/140). .
وقيلَ: هو إرادةُ الفِعلِ بالقَولِ مِمَّن هو دونَه [686] يُنظر: ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 18)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/53). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ وبَيانُ مُحتَرَزاتِه:
- "استِدعاءُ": الاستِدعاءُ هو الطَّلَبُ، ولا بُدَّ مِنه؛ لأنَّ الأمرَ يَتَمَيَّزُ عَمَّا ليس بأمرٍ بالِاستِدعاءِ، فقَولُ اللهِ تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [البقرة: 43] استِدعاءٌ، فكان أمرًا، وما ليس فيه استِدعاءٌ -كالتَّهديدِ، مِثلُ قَولِ اللهِ تعالى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصلت: 40] ، وكالتَّعجيزِ، مِثلُ قَولِه: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ [هود: 13] ، وكالإباحةِ، مِثلُ قَولِه: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة: 2] - فليس بأمرٍ.
- "بالقَولِ": أي: بالصِّيغةِ، ولا بُدَّ مِنه؛ لأنَّه قد يَكونُ استِدعاءُ الفِعلِ بفِعلٍ، مِثلُ الإشارةِ، ولَكِن لا يَكونُ ذلك أمرًا؛ لأنَّ الرُّموزَ والإشاراتِ لَيسَت بأمرٍ حَقيقةً، وإنَّما سُمِّيَ أمرًا على طَريقِ المَجازِ.
- "على وَجهِ الاستِعلاءِ": قَيدٌ لا بُدَّ مِنه؛ لأنَّه قد يَحصُلُ استِدعاءُ الفِعلِ مِنَ النَّظيرِ للنَّظيرِ، لَكِن لا يُسَمَّى ذلك أمرًا، وإنَّما هو التِماسٌ، ومِنَ الأدنى للأعلى يُسَمَّى سؤالًا؛ لأنَّ قَولَ العَبدِ لرَبِّه: اغفِرْ لي، وتَجاوَزْ عنِّي، وكَفِّرْ سَيِّئاتي، ليس بأمرٍ، وإنَّما هو سُؤالٌ [687] يُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (1/157)، ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (1/218)، ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 20)، ((التمهيد)) للكلوذاني (1/66)، ((مذكرة أصول الفقه)) لمحمد الأمين الشنقيطي (ص: 293). .

انظر أيضا: