موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّاني: شُروطُ التَّخصيصِ


اشتَرَطَ أكثَرُ الحَنَفيَّةِ للتَّخصيصِ ثَلاثةَ شُروطٍ، وهيَ [1717] يُنظر: ((الكافي)) للسغناقي (3/1549)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (1/306)، ((المناهج الأصولية)) للدريني (ص:424)، ((أصول الفقه)) لعياض السلمي (ص:323)، ((المطلق والمقيد)) للصاعدي (ص:436)، ((المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي)) للدريني (ص:425-426). :
1- أن يَكونَ المُخَصِّصُ مُقارِنًا للعامِّ المَخصوصِ في زَمَنِ تَشريعِه، أو تاريخِ نُزولِه أو وُرودِه أو صُدورِه، لا مُتَراخيًا عنه، فلَو تَقدَّمَ لَكان مَنسوخًا بالعامِّ، ولَو تَأخَّرَ لَكان ناسِخًا لِما يُقابِلُه مِن أفرادِ العامِّ. والجُمهورُ لا يَشتَرِطونَ ذلك، بَل يَقولونَ: المُخَصِّصُ يُمكِنُ أن يَتَقدَّمَ أو يُقارِنَ أو يَتَأخَّرَ.
2- أن يَكونَ المُخَصِّصُ مُستَقِلًّا في إفادَتِه المَعنى، بحَيثُ يَكونُ نَصًّا مُفيدًا تامَّ المَعنى في ذاتِه، فلا يَرَونَ التَّخصيصَ بالمُتَّصِلِ، فإذا كان الدَّليلُ غَيرَ مُستَقِلٍّ في مَعناه فهو عِندَ الحَنَفيَّةِ يُسَمَّى قَصرًا لا تَخصيصًا، ومُرادُهم مِن هذا الدَّليلِ غَيرِ المُستَقِلِّ المُخَصِّصاتُ المُتَّصِلةُ، كالصِّفةِ والشَّرطِ والغايةِ ونَحوِها؛ فإنَّ كُلًّا مِن هذه القُيودِ لَو فُصِلَ عَمَّا قَبلَه لَم يُفِدْ شَيئًا؛ إذ هيَ لَيسَت مُستَقِلَّةً في مَعناها، بَل هيَ تابِعةٌ للكَلامِ السَّابِقِ. أمَّا الجُمهورُ فيُقَسِّمونَ المُخَصِّصاتِ إلى مُتَّصِلةٍ ومُنفصِلةٍ.
3- أن يَكونَ المُخَصِّصُ مُساويًا للعامِّ مِن حَيثُ القَطعيَّةُ والظَّنِّيَّةُ، أو قوَّةُ الدَّلالةِ.
والجُمهورُ لا يَشتَرِطونَ ما اشتَرَطَه الحَنَفيَّةُ، فذَهَبوا إلى أنَّ التَّخصيصَ هو قَصرُ العامِّ على بَعضِ ما يَتَناولُه بدَليلٍ مطلقًا، ولَم يُحَدِّدوا نَوعيَّةَ الدَّليلِ المُخَصِّصِ بشُروطٍ مُعَيَّنةٍ، لا مِن حَيثُ قوَّةُ الدَّلالةِ، ولا مِن حَيثُ تاريخُ تَشريعِه، ولا مِن حَيثُ الاستِقلالُ في المَعنى أو عَدَمِه؛ وذلك لأنَّ التَّخصيصَ عِندَ الجُمهورِ بَيانُ تَفسيرٍ لا يَقومُ على أساسِ المُعارَضةِ، فاتَّسَعَ بذلك مَفهومُ التَّخصيصِ عِندَهم.

انظر أيضا: