موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّانيةُ: الصِّيَغُ الدَّالَّةُ على الكراهةِ


الصِّيَغُ الدَّالَّةُ على الكراهةِ مُتَنَوِّعةٌ، وأهَمُّها ما يَلي [511] يُنظر: ((الوجيز )) لمحمد الزحيلي (1/ 368). ويُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص: 70). :
1- اللَّفظُ الصَّريحُ بالكراهةِ، وما أشبَهَها مِنَ الألفاظِ التي تُصَرِّحُ بعَدَمِ الاستِحسانِ وتَدُلُّ على أنَّ طَلَبَ الكفِّ عنِ الفِعلِ غَيرُ حَتمٍ.
ومِثالُه: ((إنَّ اللَّهَ كرِهَ لَكُم قيلَ وقال، وكَثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ)) [512] أخرجه البخاري (5975)، ومسلم (593) باختِلافٍ يَسيرٍ مِن حَديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولَفظُ البُخاريِّ: ((إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عليكُم عُقوقَ الأُمَّهاتِ، ووأدَ البَناتِ، ومَنعَ وهات، وكرِهَ لَكُم قيلَ وقال، وكثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ)). وأخرجه مسلم (1715) مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، بلَفظِ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللَّهَ يَرضى لَكُم ثَلاثًا ويَكرَهُ لَكُم ثَلاثًا: فيَرضى لَكُم أن تَعبُدوه، ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأن تَعتَصِموا بحَبلِ اللهِ جَميعًا ولا تَفَرَّقوا. ويَكرَهُ لَكُم قيلَ وقال، وكثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ)). .
2- أن تَكونَ الصِّيغةُ نَهيًا عنِ الفِعلِ أو أمرًا باجتِنابِه مَعَ القَرينةِ التي تَدُلُّ على الكراهةِ دونَ التَّحريمِ.
ومن الأمثلةِ على ذلك: قَولُ اللهِ تعالى في كراهةِ السُّؤالِ عنِ المُباحِ خَشيةَ أن يُحَرَّمَ على المُؤمِنينَ: لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة: 101] ، والقَرينةُ التي صَرَفتِ النَّهيَ عنِ التَّحريمِ إلى الكراهةِ هي قَولُ اللهِ تعالى: وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا [المائدة: 101] .
قال ابنُ العَرَبيِّ: (إذا جاءَ النَّهيُ مَقرونًا بالوعيدِ دَلَّ على تَحريمِه، وإذا جاءَ مُطلَقًا كان أدَبًا، إلا أن تَقتَرِنَ به قَرينةٌ تَدُلُّ على أنَّه مَصلَحةٌ في البَدَنِ أو في المالِ على الاختِصاصِ بالمَرءِ؛ فإنَّه يَكونُ مَكروهًا على حالِه، ولا يَرتَقي إلى التَّحريمِ، فإن كان لمَصلَحةٍ تَعُمُّ النَّاسَ صارَ حَرامًا، والدَّليلُ على ذلك أنَّ للمَرءِ أن يَتَحَمَّلَ الضَّرَرَ في نَفسِه إن كان ذلك يَسيرًا، وليس لَه أن يُلحِقَه بغيرِه يَسيرًا كان أو كثيرًا) [513] يُنظر: ((القبس)) (ص: 1110). .

انظر أيضا: