موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الأوَّلُ: تَعريفُ المَنطوقِ


أوَّلًا: تَعريفُ المَنطوقِ لُغةً
المَنطوقُ: اسمُ مَفعولٍ مِن (نُطِقَ)، والنُّطقُ: الأصواتُ المُقَطَّعةُ التي يُظهِرُها الإنسانُ وتَعيها الآذانُ، ومِنه قَولُ اللهِ تعالى: مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ [الصافات: 92] ، ولا يَكادُ يُقالُ إلَّا للإنسانِ، ولا يُقالُ لغَيرِه إلَّا على سَبيلِ التَّبَعِ، نَحوُ: النَّاطِقِ والصَّامِتِ، فيُرادُ بالنَّاطِقِ ما له صَوتٌ، وبالصَّامِتِ: ما ليس له صَوتٌ [2261] يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 811)، ((التوقيف)) للمناوي (ص: 325). .
ويُطلَقُ النُّطقُ والمَنطِقُ على كُلِّ لَفظٍ يُعَبَّرُ به عَمَّا في الضَّميرِ، مُفرَدًا كان أو مُرَكَّبًا، وقد يُطلَقُ لكُلِّ ما يُصَوَّتُ به على التَّنبيهِ أوِ التَّبَعِ، كقَولِهم: نَطَقَتِ الحَمامةُ [2262] يُنظر: ((الكليات)) للكفوي (ص: 710)، ((تاج العروس)) للزبيدي (26/422). .
ثانيًا: تَعريفُ المَنطوقِ اصطِلاحًا
المَنطوقُ: ما دَلَّ عليه اللَّفظُ في مَحَلِّ النُّطقِ [2263] يُنظر: ((مختصر منتهى السول والأمل)) لابن الحاجب (2/924)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1056). .
وقيلَ: ما فُهمَ مِن دَلالةِ اللَّفظِ قَطعًا في مَحَلِّ النُّطقِ [2264] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (3/66). .
وقيلَ: هو ما فُهمَ مِنَ اللَّفظِ في مَحَلِّ النُّطقِ [2265] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (3/66). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ:
- عِبارةُ "ما دَلَّ عليه اللَّفظُ": أي: يَكونُ حُكمًا للمَذكورِ، وحالًا مِن أحوالِه، سَواءٌ ذُكِر ذلك الحُكمُ ونُطِقَ به أو لا.
- وعِبارةُ "مَحَلِّ النُّطقِ": أي: مُتَعَلَّقِ الحُكمِ، ومَعنى كَونِه مَحَلَّ النُّطقِ أنَّه نَطَقَ باسمِه. والمُرادُ به: مَورِدُ الكَلامِ، أي: ما أورِدَ الكَلامُ لأجلِه، وهو: الحُكمُ الشَّرعيُّ. ومَعنى مَحَلِّ النُّطقِ أن يَدُلَّ عليه اللَّفظُ فيما نَطَقَ به لا في غَيرِ ما نَطَقَ به.
فالمَنطوقُ هو المَعنى الذي قَصَدَه المُتَكَلِّمُ باللَّفظِ أصالةً، أي: بالذَّاتِ مِنَ اللَّفظِ بأن لا تَتَوقَّفَ استِفادَتُه مِنَ اللَّفظِ إلَّا على مُجَرَّدِ النُّطقِ، سَواءٌ كان اللَّفظُ حَقيقةً أو مَجازًا.
وسُمِّي المَنطوقُ بهَذا؛ لأنَّه فُهمَ مِن دَلالةِ اللَّفظِ قَطعًا. وتُسَمَّى دَلالةُ المَنطوقِ بـ "الدَّلالة اللَّفظيَّة" [2266] يُنظر: ((شرح العضد)) (3/157)، ((نهاية السول)) للإسنوي (ص: 148)، ((تحفة المسؤول)) للرهوني (3/319)، ((الردود والنقود)) للبابرتي (2/352)، ((الأصل الجامع)) (1/51). .
مِثالُه: تَحريمُ التَّأفيفِ للوالِدَينِ؛ فإنَّ قَولَ اللهِ تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء: 23] يَدُلُّ عليه في مَحَلِّ النُّطقِ [2267] يُنظر: ((بيان المختصر)) للأصفهاني (2/430)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (3/484). .

انظر أيضا: