موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الأولى: تَعريفُ المَنطوقِ غَيرِ الصَّريحِ


المَنطوقُ غَيرُ الصَّريحِ هو: ما لَم يوضَعِ اللَّفظُ له، بَل يَلزَمُ مِمَّا وُضِعَ له؛ فيَدُلُّ عليه بالِالتِزامِ [2275] يُنظر: ((شرح العضد)) (3/160). .
فالمَنطوقُ غَيرُ الصَّريحِ هو دَلالةُ اللَّفظِ على الحُكمِ بطَريقِ الالتِزامِ؛ إذِ اللَّفظُ لَم يوضَعْ للحُكمِ، ولَكِنَّ الحُكمَ فيه لازِمٌ للمَعنى الذي وُضِعَ له ذلك اللَّفظُ.
ففي قَولِ اللهِ تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 233] الحُكمُ المَنطوقُ به هو أنَّ نَفَقةَ الوالِداتِ واجِبةٌ على الآباءِ، فهذا هو المُتَبادِرُ مِن ظاهرِ اللَّفظِ، وهو ما سيقَتِ الآيةُ لأجلِه، ولَكِنَّ الآيةَ دَلَّت بطَريقِ الالتِزامِ على أنَّ النَّسَبَ يَكونُ للأبِ لا للأُمِّ، وعلى أنَّ نَفقةَ الولَدِ على الأبِ دونَ الأُمِّ، وإن كان الكَلامُ لَم يوضَعْ لإفادةِ هَذَين الحُكمَينِ، ولَكِنْ كُلٌّ مِنهما لازِمٌ للحُكمِ المَنصوصِ عليه [2276] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/237)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (3/485)، ((نهاية السول)) للإسنوي (ص: 149)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (1/107)، ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1722). .
فإذَن هيَ دَلالةٌ التِزاميَّةٌ لمَعنى اللَّفظِ لَم تُقصَدْ بسَوقِه، ويَحتاجُ الوُقوفُ عليها إلى تَأمُّلٍ؛ فقَولُه تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ اللَّامُ في قَولِه: لَهُ للِاختِصاصِ؛ فيَجِبُ كَونُ الوالِدِ أخَصَّ بالولَدِ مِمَّن سِواه، وذلك بالِانتِسابِ، ثُمَّ هو ليس المَقصودَ مِن سَوقِ الآيةِ، وإنَّما المَقصودُ مِن سَوقِها إيجابُ نَفقةِ الوالِداتِ وكِسوتِهنَّ على الوالِدِ [2277] ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (1/107)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (1/88). .

انظر أيضا: