موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّاني: تَعريفُ المَفهومِ اصطِلاحًا


المَفهومُ: هو ما دَلَّ اللَّفظُ عليه لا في مَحَلِّ النُّطقِ [2304] يُنظر: ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (2/430)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1056). .
وقيلَ: المَفهومُ: هو ما فُهِم مِنَ اللَّفظِ في غَيرِ مُحَلِّ النُّطقِ [2305] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (3/ 66). .
وقيلَ: هو بَيانُ حُكمِ المَسكوتِ بدَلالةِ لَفظِ المَنطوقِ [2306] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (5/ 121). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ:
- "ما دَلَّ عليه اللَّفظُ": جِنسٌ في التَّعريفِ.
- "لا في مَحَلِّ النُّطقِ": أتى به لبَيانِ الفَرقِ بَينَ المَفهومِ والمَنطوقِ غَيرِ الصَّريحِ؛ فدَلالةُ المَفهومِ لَيسَت دَلالةً وضعيَّةً، وإنَّما دَلالةٌ انتِقاليَّةٌ ذِهنيَّةٌ؛ فإنَّ الذِّهنَ يَنتَقِلُ مِن فَهمِ القَليلِ إلى فَهمِ الكَثيرِ، وذلك بطَريقِ التَّنبيهِ بأحَدِهما على الآخَرِ.
مِثلُ تَحريمِ الضَّربِ؛ فإنَّ قَولَ اللهِ تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء: 23] يَدُلُّ عليه، لَكِن لا في مَحَلِّ النُّطقِ، بَل في غَيرِ ما نَطَقَ به، فالذِّهنُ يَنتَقِلُ مِن حُرمةِ التَّأفيفِ في قَولِه تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ إلى حُرمةِ الضَّربِ. وكذلك يَنتَقِلُ الذِّهنُ مِن حُرمةِ أكلِ مالِ اليَتيمِ في قَولِه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النساء: 10] إلى حُرمةِ إحراقِه.
وأمَّا المَنطوقُ غَيرُ الصَّريحِ فهو مِن قَبيلِ دَلالةِ الالتِزامِ، وهيَ دَلالةٌ لَفظيَّةٌ وضعيَّةٌ، كما سَبَقَ.
وسُمِّي المَفهومُ بهذا الاسمِ لأنَّه فُهِمَ مِن غَيرِ التَّصريحِ بالتَّعبيرِ به، وهذا المَعنى وإن كان شامِلًا لدَلالةِ الاقتِضاءِ والإيماءِ والإشارةِ، لَكِنَّ الجُمهورَ خَصُّوه بما فُهمَ عِندَ النُّطقِ على وجهٍ يُناقِضُ المَنطوقَ به أو يوافِقُه [2307] يُنظر: ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (2/433)، ((الردود والنقود)) للبابرتي (2/352)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (1/341)، ((الغيث الهامع)) لأبي زرعة العراقي (ص: 120)، ((حاشية العطار)) (1/317). .

انظر أيضا: