موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ السَّابِعَ عَشَرَ: النَّسخُ بالقياسِ


الرَّاجِحُ أنَّه لا يَجوزُ النَّسخُ بالقياسِ مُطلَقًا، سَواءٌ كان جَليًّا أو خَفيًّا، وهو قَولُ جُمهورِ الأصوليِّينَ [424] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 101)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1160)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/289)، ((شرح مختصر أصول الفقه)) للجراعي (3/169)، ((إجابة السائل)) للصنعاني (ص: 379). ، ومِنهمُ الجَصَّاصُ [425] يُنظر: ((الفصول)) (2/320). ، والباقِلَّانيُّ [426] يُنظر: ((التقريب والإرشاد)) (3/203). ، والخَطيبُ البَغداديُّ [427] يُنظر: ((الفقيه والمتفقه)) (1/332). ، والباجيُّ [428] يُنظر: ((الإشارة)) (ص: 272). ، والشِّيرازيُّ [429] يُنظر: ((التبصرة)) (ص: 274)، ((اللمع)) (ص: 60)، ((شرح اللمع)) (1/512). .
قال الغَزاليُّ: (هذا ما قَطَعَ به الجُمهورُ إلَّا شُذوذًا مِنهم) [430] ((المستصفى)) (ص: 101). .
ولمَّا كان المُخالِفُ فيه شاذًّا نَقَلَ أبو يَعلى الإجماعَ عليه، فقال: (النَّسخُ بالقياسِ: أن يُنسَخَ حُكمُ الفَرعِ بَعدَ استِقرارِه بالقياسِ على أصلِ شَرعٍ بَعدَ استِقرارِه، وهذا لا يَجوزُ بالإجماعِ) [431] ((العدة)) (3/823). .
الأدِلَّةُ:
1- أنَّ القياسَ يُستَعمَلُ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ؛ لأنَّه إنَّما يَصِحُّ إذا لم يُعارِضْه نَصٌّ، فإذا كان هناكَ نَصٌّ مُخالِفٌ للقياسِ لم يَكُنْ للقياسِ حُكمٌ، فلا يَجوزُ النَّسخُ به [432] يُنظر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (1/332)، ((اللمع)) للشيرازي (ص: 60)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/426). .
2- أنَّ ما ثَبَتَ بالنَّصِّ لا يُرفعُ بالقياسِ؛ لأنَّ النَّصَّ إذا عارَضَ القياسَ أسقَطَه، والصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم كانوا يَترُكونَ آراءَهم بالنُّصوصِ [433] يُنظر: ((التمهيد)) للكلوذاني (2/391)، ((الواضح)) لابن عقيل (4/315). .
3- أنَّ القياسَ يُستَنبَطُ مِن أصلٍ هو النَّصُّ، فلا يَجوزُ أن يَعودَ الفرعُ المُستَنبَطُ على أصلِه بالإسقاطِ [434] يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (4/315). .
وقيلَ: يَجوزُ النَّسخُ بالقياسِ مُطلَقًا. وهو قَولُ بَعضِ الأصوليِّينَ [435] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (5/290)، ((الدرر اللوامع)) للكوراني (2/477). ، وبِه قال الطُّوفيُّ [436] يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) (2/336). ، وتاجُ الدِّينِ السُّبكيُّ [437] يُنظر: ((جمع الجوامع)) (ص: 58). .
وقيلَ: يَجوزُ النَّسخُ بالقياسِ الجَليِّ دونَ الخَفيِّ. وهو قَولُ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ [438] يُنظر: ((اللمع)) (ص: 60)، ((المستصفى)) للغزالي (ص: 101)، ((الإحكام)) للآمدي (3/164). .
وقيلَ: إن كانتِ العِلَّةُ الجامِعةُ في القياسِ منصوصةً فهيَ في مَعنى النَّصِّ، فيَصِحُّ النَّسخُ به. وإن كانت غَيرَ منصوصةٍ فإمَّا أن يَكونَ القياسُ قَطعيًّا أو ظَنِّيًّا؛ فإن كان قَطعيًّا فإنَّه وإن كان مانِعًا مِن إثباتِ حُكمِ دَليلٍ آخَرَ كان نَصًّا أو قياسًا، فلا يَكونُ ذلك نَسخًا، وإن كان في مَعنى النَّسخِ. وإن كان القياسُ ظَنِّيًّا فيَمتَنِعُ أن يَكونَ ناسِخًا. وهو اختيارُ الآمِديِّ [439] يُنظر: ((الإحكام)) (3/164). ، وتَبِعَه الطُّوفيُّ [440] يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) (2/332). .

انظر أيضا: