موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّالِثةُ: طُرُقُ التَّرجيحِ بَينَ الأقيِسةِ التي تَرجِعُ إلى الفرعِ


أوَّلًا: كَونُ مُشارَكةِ الفرعِ للأصلِ في أحَدِ القياسَينِ أقوى مِمَّا في القياسِ الآخَرِ
فيُقدَّمُ القياسُ الذي شارَكَ فيه الفَرعُ الأصلَ في عَينِ العِلَّةِ وعَينِ الحُكمِ، على القياسِ الذي شارَكَ فيه الفَرعُ الأصلَ في جِنسِ العِلَّةِ وجِنسِ الحُكمِ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الآمِديُّ [880] يُنظر: ((الإحكام)) (4/279). ، وابنُ الحاجِبِ [881] يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) (2/1307). ، وابنُ عبدِ الشَّكورِ [882] يُنظر: ((مسلم الثبوت)) ضمن ((فواتح الرحموت)) (2/377). ؛ وذلك لأنَّ زيادةَ اختِصاصِ المُشارَكةِ تُقَوِّي الظَّنَّ بالغَلَبةِ [883] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/279)، ((الردود والنقود)) للبابرتي (2/766)، ((التحبير)) للمرداوي (8/4262)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (4/739). .
ثانيًا: كَونُ وُجودِ العِلَّةِ في فرعِ أحَدِ القياسَينِ المُتَعارِضَينِ أقوى مِن وُجودِ الأخرى في فرعِ القياسِ المُقابِلِ له
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكان وُجودُ العِلَّةِ في فرعِ أحَدِهما أقوى مِن وُجودِها في فرعِ القياسِ الآخَرِ المُعارِضِ له، بأن كان وُجودُها في فَرعِ أحَدِهما قَطعيًّا، وفي الآخَرِ ظَنِّيًّا، أو كان وُجودُها في فرعِ أحَدِهما مَظنونًا ظَنًّا أغلَبَ، وفي الآخَرِ ظَنًّا غالِبًا؛ فإنَّه يَتَرَجَّحُ القياسُ الذي كان وُجودُ العِلَّةِ في فرعِه أقوى؛ لأنَّ ما كان أقوى وأغلَبَ على الظَّنِّ أَولى بالتَّقديمِ مِن عَكسِه [884] يُنظر: ((الردود والنقود)) للبابرتي (2/766)، ((التحبير)) للمرداوي (8/4263). ، ومِمَّن نَصَّ عليه: الآمِديُّ [885] يُنظر: ((الإحكام)) (4/280). ، وابنُ الحاجِبِ [886] يُنظر: ((مختصر منتهى السؤل والأمل)) (2/1307). ، والمَرداويُّ [887] يُنظر: ((التحبير)) (8/4263). .
وذلك كَوُجودِ الاقتياتِ في البُرِّ ليَدخُلَ في الرِّبا، ووُجودِ الإسكارِ في الخَمرِ ليَكونَ مُحَرَّمًا: أمرٌ مَقطوعٌ به، وتَعليلُهما بغَيرِ ما ذُكِرَ يَكونُ مَظنونًا، والمَقطوعُ به يُقدَّمُ على المَظنونِ. ومِن ذلك أيضًا: تَعليلُ حُرمةِ بَيعِ الكَلبِ بالنَّجاسةِ، وتَعليلُ وَضعِ التُّرابِ في غَسلِ نَجاسةِ الكَلبِ بكَونِ التُّرابِ مُبطِلًا لرائِحةِ النَّجاسةِ، فوُجودُ مِثلِ هذه العِلَلِ في الفَرعِ مِن بابِ الظَّنِّ الأغلَبِ، وليسَ مِنَ المَقطوعِ بوُجودِها؛ وذلك لاحتِمالِ أن تَكونَ العِلَّةُ غَيرَها، إلَّا أنَّه يَكونُ ذلك مِن بابِ الظَّنِّ الغالِبِ، فلا يُقدَّمُ على العِلَّةِ التي عُلِمَ وُجودُها بالظَّنِّ الأغلَبِ؛ وذلك لأنَّ ما كان وُجودُ عِلَّتِه مَقطوعًا أو مَظنونًا ظَنًّا أغلبَ، أبعَدُ عنِ احتِمالِ القادِحِ فيه [888] يُنظر: ((التعارض والترجيح في الأقيسة)) لجيلاني البالي (ص: 345). .
ثالِثًا: كَونُ أحَدِ الفرعَينِ في أحَدِ القياسَينِ مُتَأخِّرًا عن أصلِه مَعَ كَونِ الآخَرِ مُساويًا له في القياسِ المُقابِلِ
إذا تَعارَضَ قياسانِ، وكان الفرعُ في أحَدِهما مُتَأخِّرًا عن أصلِه الذي يُرادُ تَعديةُ الحُكمِ مِنه إليه، فإنَّه يُقدَّمُ القياسُ الذي كان الفرعُ فيه مُتَأخِّرًا على أصلِه، ومِمَّن نَصَّ عليه: الآمِديُّ [889] يُنظر: ((الإحكام)) (4/279). ، وابنُ النَّجَّارِ [890] يُنظر: ((شرح الكوكب المنير)) (4/740). ؛ وذلك لسَلامَتِه عنِ الِاضطِرابِ وبُعدِه عنِ الخِلافِ [891] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (4/279)، ((التحبير)) للمرداوي (8/4262)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (4/740). .

انظر أيضا: