موسوعة أصول الفقه

تَمهيدٌ: نَظرةٌ إجماليَّةٌ حَولَ تاريخِ التَّقليدِ


لم يَكُنِ التَّقليدُ بصورَتِه المَعروفةِ في زَمَنِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، فلَم يَكُنْ في زَمانِهم وعَصرِهم مَذهَبٌ لرَجُلٍ مُعَيَّنٍ يُدرَكُ ويُقَلَّدُ، وإنَّما كانوا يَرجِعونَ في النَّوازِلِ إلى الكِتابِ والسُّنَّةِ، أو إلى ما يتمَحَّضُ بَينَهم مِنَ النَّظَرِ عِندَ فقدِ الدَّليلِ، وكذلك تابِعوهم أيضًا يَرجِعونَ إلى الكِتابِ والسُّنَّةِ، فإن لم يَجِدوا نَظَروا إلى ما أجمَعَ عليه الصَّحابةُ فإنْ لم يَجِدوا اجتَهَدوا، وبَعضُهم يَختارُ قَولَ صَحابيٍّ يَراه الأقوى، ثُمَّ كان القَرنُ الثَّاني، وفيه كان أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشَّافِعيُّ وابنُ حَنبَلٍ؛ فإنَّ مالِكًا توُفِّيَ سَنةَ تِسعٍ وسَبعينَ ومِائةٍ، وتوُفِّيَ أبو حَنيفةَ سَنةَ خَمسينَ ومِائةٍ، وفي هذه السَّنةِ وُلِدَ الشَّافِعيُّ، ووُلِدَ ابنُ حَنبَلٍ سَنةَ أربَعٍ وسِتِّينَ ومِائةٍ، ثُمَّ حَدَثَ التَّقليدُ بَعدَ هؤلاء الأئِمَّةِ بتَقليدِ مَذاهبِهم، فبَدَأ التَّقليدُ بشَكلٍ واضِحٍ في مُنتَصَفِ القَرنِ الثَّاني الهجريِّ، كَما سَبَقَ، ثُمَّ ظَهَرَ التَّقليدُ للمَذهَبِ بمَعناه الكامِلِ في أوائِلِ القَرنِ الرَّابِعِ الهِجريِّ، واستَمَرَّ إلى اليَومِ [392] يُنظَر: ((القول المفيد)) للشوكاني (ص: 43- 45)، ((التفسير والمفسرون)) للذهبي (2/ 320)، ((الوجيز)) لمحمد الزحيلي (2/ 357). .

انظر أيضا: