موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الرَّابعةُ: إطلاقاتُ الشَّرطِ


يُطلَق الشَّرطُ على أمورٍ:
أوَّلًا: ما يُقابلُ السَّبَبَ والمانِعَ، وهو ما يَلزَمُ مِن عَدَمِه العَدَمُ، ولا يَلزَمُ مِن وُجودِه وُجودٌ ولا عَدَمٌ لذاتِه، كالطَّهارةِ للصَّلاةِ، والحَولِ لوُجوبِ الزَّكاةِ، والإحصانِ لوُجوبِ رَجمِ الزَّاني، وغيرِ ذلك مِمَّا سَبَقَ بيانُه.
ثانيًا: الشَّرطُ اللُّغَويُّ، والمُرادُ به صيَغُ التَّعليقِ بإنْ ونَحوِها، وهو ما يُذكَرُ في كُتُبِ الأُصولِ مِن مُخَصِّصاتِ العُمومِ، نَحوُ قَولِ اللهِ تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق: 6] ، ونَحوُ: إن دَخَلتِ الدَّارَ فأنتِ طالِقٌ، فدُخولُ الدَّارِ ليس شَرطًا شَرعيًّا ولا عَقليًّا، وإنَّما هو شَرطٌ لُغَويٌّ؛ حيثُ اصطَلَحَ النُّحاةُ على تَسميةِ التَّعليقِ بإنْ ونَحوِها شَرطًا.
وقد قيلَ في تَعريفِه: (هو كُلُّ لَفظٍ يُنبئُ عن تَعَلُّقِ شيءٍ بشيءٍ على مَعنًى، ولا يَصِحُّ المَشروطُ دونَ الوصفِ المَنصوبِ شَرطًا، ثُمَّ هو بَعدَ ذلك صيَغٌ مُختَلفةٌ في مَجاري العاداتِ) [932] ((التلخيص)) للجويني (2/90). .
والشَّرطُ اللُّغَويُّ -كالتَّعاليقِ المَذكورةِ- يَلزَمُ مِن وُجودِه الوُجودُ، ومِن عَدَمِه العَدَمُ لذاتِه، فهو يَرجِعُ في الحَقيقةِ إلى كونِه سَبَبًا وُضِع للتَّعليقِ؛ فهو وإن كان شَرطًا عِندَ اللُّغَويِّينَ لَكِنَّه سَبَبٌ حَقيقةً؛ لذا ذَكرَ عَدَدٌ مِنَ الأُصوليِّينَ أنَّ الشُّروطَ اللُّغَويَّةَ أسبابٌ شَرعيَّةٌ [933] يُنظر: ((التقريب والإرشاد)) للباقلاني (3/159)، ((المستصفى)) للغزالي (ص:261)، ((التحقيق والبيان)) للأبياري (2/265)، ((الإحكام)) للآمدي (2/309)، ((الفروق)) للقرافي (1/61، 63). .
ثالثًا: يُطلَقُ الشَّرطُ على جَعلِ الشَّيءِ قيدًا في شيءٍ آخَرَ، نَحوُ شِراءِ الدَّابَّةِ بشَرطِ كونِها حامِلًا، والبيعِ بشَرطِ كذا، ونَحوِ ذلك مِن شُروطٍ يَذكُرُها الفُقَهاءُ في كُتُبِهم حينَما يَتَكلَّمونَ عنِ الشُّروطِ في العُقودِ، سَواءٌ خالَفت مُقتَضى العَقدِ أو وافقَته [934] يُنظر: ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (1/453-454). .

انظر أيضا: