موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّالثةُ: شُروطُ الاحتِجاجِ بالتَّقريرِ


يَكونُ التَّقريرُ حُجَّةً بشُروطٍ، هيَ:
الشَّرطُ الأوَّلُ: أن يَعلمَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
سَواءٌ سَمِعَه أو رَآه مُباشَرةً، أو حَصَل في غَيبَتِه ونُقِل إليه، فإن لم يَعلَمْ به لا يَكونُ حُجَّةً، وهو ظاهِرٌ مِن لفظِ التَّقريرِ [285] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (6/ 56)، ((التحقيقات على شرح الجلال للورقات)) لفضل مراد (ص: 219)، ((أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم)) لمحمد الأشقر (2/ 104). ويُنظر أيضًا: ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (2/ 124). .
الشَّرطُ الثَّاني: أن يَكونَ قادِرًا على الإنكارِ
أي: لم يَكُنْ ثَمَّ مانِعٌ مِن الإنكارِ بسَبَبِ انشِغالِه أو لغَيرِ ذلك [286] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (6/ 57)، ((أفعال الرسول وتقريراته)) لأبي عمشة (ص: 129). والفِعلُ إذا كان قابلًا للنَّسخِ ولم يَسبِقْ تَحريمُه، دَلَّ السُّكوتُ على جَوازِه. وإن سَبقَ تَحريمُه كان السُّكوتُ ناسِخًا، وإلَّا لزِمَ ارتِكابُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِعلًا مُحَرَّمًا؛ لأنَّ تَركَ إنكارِه ما هو مُحَرَّمٌ مَعَ القُدرةِ حَرامٌ لا يَصدُرُ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. يُنظر: ((الردود والنقود)) للبابرتي (1/ 502). .
الشَّرطُ الثَّالثُ: ألَّا يَكونَ الفِعلُ مِمَّا يَفعَلُه الكُفَّارُ؛ فإنَّه لا أثَرَ له
فلا يَدُلُّ سُكوتُه على إقرارِه لهم، كذَهابِ كافِرٍ إلى كَنيسةٍ، فلا أثَرَ لسُكوتِه، ولا دَلالةَ فيه على الجَوازِ [287] يُنظر: ((شرح العضد على مختصر ابن الحاجب)) (2/ 300)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير حاج (2/ 307)، ((مفتاح الوصول)) للتلمساني (ص: 584- 585). ، وحَكى الاتِّفاقَ على ذلك ابنُ الحاجِبِ [288] قال: (إذا عَلِمَ بفِعلٍ ولم يُنكِره قادِرًا فإن كان كمُضيِّ كافِرٍ إلى كَنيسةٍ، فلا أثَرَ للسُّكوتِ اتِّفاقًا، وإلَّا دَلَّ على الجَوازِ). ((شرح العضد على ابن الحاجب)) (2/ 300). والمرداويُّ [289] قال: (ومَحَلُّ هذه الأحكامِ في غَيرِ الكافِرِ؛ ولذلك قُلنا: "إلَّا مِن كافِرٍ فيما يَعتَقِدُه" كَذَهابِه إلى كَنيسةٍ ونَحوِها، فإنَّه لا أثَرَ له اتِّفاقًا). ((التحبير)) (3/ 1493). . أمَّا المُنافِقُ فيُعامَلُ ظاهرًا على ما تَقتَضيه الشَّريعةُ في أهلِ الإسلامِ، إلَّا إذا ثَبَتَ أنَّه سَكَتَ عنهم إعراضًا أو لوُضوحِ قُبحِ ما يَفعَلونَ، أو خَوفَ فِتنةٍ، أو نَحو ذلك [290] يُنظر: ((البرهان)) للجويني (1/ 187)، ((البحر المحيط)) للزركشي (6/ 58)، ((الإحكام)) للآمدي (1/ 188)، ((التحبير)) للمرداوي (3/ 1493)، ((تيسير الوصول)) لابن إمام الكاملية (4/ 36)، ((التحقيقات على شرح الجلال)) لفضل مراد (ص: 219). .

انظر أيضا: