موسوعة أصول الفقه

المَبحَثُ الثَّالثُ: أُصولُ الفِقهِ في عَهدِ أئِمَّةِ المَذاهِبِ المَتبوعةِ (عَصرِ التَّدوينِ)


بَدَأ عَصرُ أئمة المذاهب المُجتَهِدينَ في أوائِلِ القَرنِ الثَّاني الهِجريِّ، وانتَهى في أواسِطِ القَرنِ الرَّابعِ الهجريِّ تَقريبًا، ويُسَمَّى هذا العَصرُ بعَصرِ التَّدوينِ والأئِمَّةِ المُجتَهدينَ؛ لأنَّ حَرَكةَ الكِتابةِ والتَّدوينِ نَشِطَت فيه، فدُوِّنَتِ السُّنَّةُ، وفتاوى المُفتينَ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابِعينَ وتابعيهم، ورَسائِلُ في عِلمِ أُصولِ الفِقهِ [173] يُنظر: ((خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي)) لخلَّاف (ص: 57). .
فبَعدَ انقِراضِ عَصرِ التَّابعينَ واتساعِ البلادِ الإسلاميَّةِ، وُجِدَت وقائِعُ كَثيرةٌ، واختَلَطَ العَجَمُ بالعَرَبِ على نَحوٍ لَم يَعُدْ بسَبَبِه اللِّسانُ العَرَبيُّ على سَلامَتِه الأولى، وكَثُرَ الاجتِهادُ والمُجتَهدونَ، وتَعَدَّدَت طُرُقُهم في الاستِنباطِ، واتَّسَعَ النِّقاشُ والجَدَلُ، وكَثُرَتِ الاشتباهاتُ والاحتِمالاتُ؛ فمِن أجلِ ذلك أحَسَّ الفُقَهاءُ بالحاجةِ إلى وَضعِ قَواعِدَ وأُصولٍ وضَوابِطَ للاجتِهادِ، يَرجِعُ إليها المُجتَهِدونَ عِندَ الاختِلافِ، وتَكونُ موازينَ للفِقهِ وللرَّأيِ الصَّوابِ [174] يُنظر: ((الوجيز)) لعبد الكريم زيدان (ص: 15). .
فقد أتى بَعدَ التَّابعينَ فُقَهاءُ الأمصارِ، كَأبي حَنيفةَ، وسُفيانَ، وابنِ أبي لَيلى بالكوفةِ. وابنِ جُرَيجٍ بمَكَّةَ. ومالِكٍ، وابنِ الماجَشونِ بالمَدينةِ. وعُثمانَ البَتِّيِّ، وسَوَّارٍ بالبَصرةِ. والأوزاعيِّ بالشَّامِ. واللَّيثِ بنِ سَعدٍ بمِصرَ. فساروا على نَفسِ الطَّريقةِ، وهيَ أخذُ كُلِّ واحِدٍ مِنهم عنِ التَّابِعينَ مِن أهلِ بَلَدِه ما كان عِندَهم، واجتِهادُهم فيما لَم يَجِدوا عِندَهم [175] يُنظر: ((الإحكام)) لابن حزم (2/128) (5/99، 102). .
ولمَّا جاءَ عَصرُ الأئِمَّةِ المُجتَهدينَ (أبي حَنيفة، ومالكٍ، والشَّافِعيِّ، وأحمَدَ، ومَن في طَبَقَتِهم مِنَ الأئِمَّةِ المَتبوعينَ) أصبَحَ لكُلِّ إمامٍ قَواعِدُ اعتَمَدَها في الفتوى والاجتِهادِ، وقد راعى أولئك الأئِمَّةُ تلك القَواعِدَ في مَعرِفةِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ، وكَيفيَّةِ استِنباطِها مِن أدِلَّتِها التَّفصيليَّةِ، وهذه القَواعِدُ مَوجودةٌ ومُنتَشِرةٌ في كُتُبِهم وكُتُبِ تَلاميذِهم [176] يُنظر: ((المهذب)) لعبدالكريم النملة (1/ 57- 58). ، وبهذا نَجِدُ أنَّ المَناهجَ الأُصوليَّةَ تَمَيَّزَت بشَكلٍ أوضَحَ مِن ذي قَبلُ، ومَعَ تَمَيُّزِ المَناهجِ تَتَبَيَّنُ قَوانينُ الاستِنباطِ، وتَظهَرُ مَعالمُها، وتَظهَرُ على ألسِنةِ الأئِمَّةِ في عِباراتٍ صَريحةٍ واضِحةٍ دَقيقةٍ؛ فأبو حَنيفة يَحُدُّ مَناهجَ استِنباطِه الأساسيَّةَ بالكِتابِ فالسُّنَّةِ ففتاوى الصَّحابةِ، يَأخُذُ ما يُجمِعونَ عليه، وما يَختَلفونَ فيه يَتَخَيَّرُ مِن آرائِهم لا يَخرُجُ عنها، ولَه في القياسِ والاستِحسانِ مِنهاجٌ بَيِّنٌ. ومالِكٌ كان له مِنهاجٌ أُصوليٌّ واضِحٌ في احتِجاجِه بعَمَلِ أهلِ المَدينةِ، وفي اشتِراطِه ما اشتَرَطَه في رِوايةِ الحَديثِ ونَقدِه لَها إلى غَيرِ ذلك [177] يُنظر: ((أصول الفقه)) لأبي زهرة (ص: 12)، ((المدخل إلى مذهب أبي حنيفة النعمان)) لأحمد سعيد حوى (ص:116) وما بعدها، ((المدخل إلى المذهب المالكي)) لمنصور بوجلول (ص:53، 54). .
والشَّافِعيُّ وضَعَ القَواعِدَ ودَوَّنَها، واعتَمَدَ في استِدلالِه على الكِتابِ والسُّنَّةِ، فإن لم يَجِدْ فيهما بَحَث عنِ الإجماعِ، فإن لم يَجِدْ أخذَ بقَولِ الصَّحابيِّ الذي لم يُعلَمْ له مُخالِفٌ، فإن لم يَجِدِ اختارَ مِن أقوالِ الصَّحابةِ ما يَراه أشبَهَ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، ولم يَخرُجْ عن أقوالِهم، فإن لم يَجِدْ لجَأ إلى القياسِ، وأحمَدُ كانت له أُصولٌ بَنى عليها فتاويَه، فإذا وجَدَ النَّصَّ أفتى بموجِبِه، ولَم يَلتَفِتْ إلى ما خالَفه، ولا مَن خالَفه، ولَم يَكُنْ يُقدِّمُ على الحَديثِ الصَّحيحِ عَمَلًا ولا قَولًا، ولا رَأيًا ولا قياسًا، ولا قَولَ صاحِبٍ. ثُمَّ كان يَعتَمِدُ ما أفتى به الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم، فإذا وجَدَ لبَعضِهم فتوى لا يُعرَفُ له مُخالِفٌ مِنهم فيها لَم يَعْدُها إلى غَيرِها، وإذا اختَلَف الصَّحابةُ تَخَيَّرَ مِن أقوالِهم ما كان أقرَبَها إلى الكِتابِ والسُّنَّةِ، ولَم يَخرُجْ عن أقوالِهم، فإن لَم يَتَبَيَّنْ له موافقةُ أحَدِ الأقوالِ حَكى الخِلافَ فيها، ولَم يَجزِمْ بقَولٍ، إلى غَيرِ ذلك مِنَ الأُصولِ التي كان يَسيرُ عليها [178] يُنظر: ((إعلام الموقعين عن رب العالمين)) لابن القيم (1/59، 66) (4/581)، ((البحر المحيط)) للزركشي (8/58،59)، ((الفتح المبين في طبقات الأصوليين)) للمراغي (1/149)، ((أصول مذهب الإمام أحمد)) لعبد الله التركي (ص: 95). .
بدايةُ التَّدوينِ لعِلمِ أُصولِ الفِقهِ:
في الفترةِ التي سَبَقَت تَدوينَ أُصولِ الفِقهِ ظَهَرَ أنَّ الحاجةَ ماسَّةٌ لوضعِ قَواعِدَ لهذا الفنِّ بَعدَ أن تَأسَّسَتِ المَدارِسُ الفِقهيَّةُ في العِراقِ والحِجازِ، واحتَدَمَ النِّزاعُ بَينَها، فأدرَكَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ مَهديٍّ أنَّه لا بُدَّ مِن وُجودِ قَواعِدَ مُدَوَّنةٍ لتكونَ مَرجِعًا لفضِّ النِّزاعاتِ، وقاعِدةً للنِّقاشِ والمُناظَراتِ، ولَم يَكُنْ هذا بالأمرِ الهَيِّنِ؛ فابتِكارُ نِظامٍ وقَواعِدَ ثابتةٍ وأساسٍ مُحَدَّدٍ في غايةِ الأهَمِّيَّةِ والخُطورةِ. وهذا لا يَتَسَنَّى إلَّا لمَنِ اطَّلَعَ اطِّلاعًا واسِعًا على مَصادِرِ التَّشريعِ الإسلاميِّ، وكان مُلِمًّا بشَتَّى المَذاهِبِ بالحِجازِ والمَشرِقِ، وكان حُجَّةً في اللُّغةِ العَرَبيَّةِ، ومَطبوعًا على الذَّكاءِ والقَريحةِ الوقَّادةِ ليَصِلَ لأغوارِ الأشياءِ ومَقاصِدِها وغاياتِها، وأن يكونَ مُتَسَربلًا بلباسِ التَّقوى والإخلاصِ في النِّيَّةِ والعَمَلِ التي بهما تُذَلَّلُ الصِّعابُ؛ فأرسَلَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ مَهديٍّ رِسالةً للشَّافِعيِّ يَسألُه فيها وَضعَ قانونٍ كُلِّيٍّ يَضبِطُ مَناهجَ الاستِنباطِ، ووَضْعَ كِتابٍ جامِعٍ يُبَيِّنُ مَراتِبَ السُّنَّةِ وكَيفيَّةَ الاحتِجاجِ بها، فصادَف هذا الطَّلَبُ رَغبةً في نَفسِ الشَّافِعيِّ، واستَحَثَّه على إجابةِ طَلَبِ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ مَهديٍّ عَليُّ بنُ المَدينيِّ؛ حَيثُ قال: قُلتُ لمُحَمَّدِ بنِ إدريسَ الشَّافِعيِّ: أجِبْ عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ مَهديٍّ عن كِتابِه؛ فقد كَتَبَ إليك يَسألُك وهو مُتَشَوِّقٌ إلى جَوابِك. قال: فأجابَه الشَّافِعيُّ، وكتَب كِتابَ الرِّسالةِ [179] ((الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء)) لابن عبد البر (ص: 72). وهذه الرِّسالةُ التي وضَعَها الشَّافِعيُّ قدِ اندَثَرَت مَعَ ما اندَثَرَ مِن تُراثٍ إسلاميٍّ على مَرِّ العُصورِ، ولَكِنَّها كانت مَوجودةً حَتَّى القَرنِ الثَّامِنِ الهجريِّ، وتوجَدُ مِنها نقولٌ في بَعضِ الكُتُبِ، فنَقَلَ عنها أبو عَمرِو بنُ الصَّلاحِ، والبَيهَقيُّ، والنَّوويُّ، والتَّاجُ السُّبكيُّ، وابنُ القَيِّمِ. والرِّسالةُ المَوجودةُ الآنَ للشَّافِعيِّ هيَ القاهريَّةُ التي وضَعَها بَعدَ أنِ استَقَرَّ في مِصرَ، فأعادَ النَّظَرَ في الأولى، وإن كان تَعديلُه في أبوابِها لا يُعتَقَدُ أنَّه كَثيرٌ. وقد أملاها بَعدَ تَأليفِها على أصحابِه المِصريِّينَ، وعَلى رَأسِهمُ الرَّبيعُ بنُ سُلَيمانَ المُراديُّ المِصريُّ، ورَواها أيضًا أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ. وهذه الرِّسالةُ وَصَلَت إلينا كامِلةً وطُبعَت عِدَّةَ طَبَعاتٍ. يُنظر: مقدمة تحقيق ((التحصيل)) للأرموي (1/ 104)، مقدمة تحقيق ((الرسالة)) للشافعي (ص: 10). ، وهو في مَكَّةَ على الرَّاجِحِ، وأرسَلَها له مَعَ الحارِثِ بنِ سُرَيجٍ النَّقَّالِ الخَوارِزميِّ، وأقبَلَ النَّاسُ على الرِّسالةِ ودَرَسوها ووجَدوا فيها بُغيَتَهم [180] يُنظر: مقدمة تحقيق ((التحصيل)) للأرموي (1/ 104). .
وبذلك تَكونُ أوَّلُ مُحاولةٍ لوضعِ مَباحِثِ الأُصولِ كعِلمٍ هيَ التي قامَ بها الشَّافِعيُّ، ولَم يَكُنْ قَبلَ هذا العَهدِ ثَمَّةَ مُحاولاتٌ لوَضعِ مَنهَجٍ أُصوليٍّ عامٍّ يُحَدِّدُ للفقيهِ الطَّرائِقَ التي يَجِبُ أن يَسلُكَها في استِنباطِ الأحكامِ [181] يُنظر: ((مناهج البحث)) لنشار (ص: 80). .
قال الرَّازيُّ: (النَّاسُ كانوا قَبلَ الإمامِ الشَّافِعيِّ يَتَكَلَّمونَ في مَسائِلِ الفِقهِ، ويَعتَرِضونَ ويَستَدِلُّونَ، ولَكِن ما كان لَهم قانونٌ كُلِّيٌّ يُرجَعُ إليه في مَعرِفةِ الدَّلائِلِ الشَّرعيَّةِ، وفي كَيفيَّةِ مُعارَضاتِها وتَرجيحاتِها، فاستَنبَطَ الشَّافِعيُّ عِلمَ أُصولِ الفِقهِ، ووَضَعَ للخَلقِ قانونًا كُلِّيًّا يُرجَعُ إليه في مَعرِفةِ مَراتِبِ أدِلَّةِ الشَّرعِ) [182] ((مناقب الإمام الشافعي)) (ص: 157). وقدِ ادَّعى الشِّيعةُ الإماميَّةُ أنَّ أوَّلَ مَن دوَّنَ عِلمَ الأُصولِ هو مُحَمَّدٌ الباقِرُ، ومِنَ الحَنَفيَّةِ مَنِ ادَّعى أيضًا أنَّ واضِعَ عِلمِ الأصولِ أبو يوسُفَ، ثُمَّ تابَعَه مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ. ويُنظَرُ في الرَّدِّ على هذا الادِّعاءِ: ((أصول الفقه)) لأبي زهرة (ص: 14)، مقدمة تحقيق ((التحصيل)) للأرموي (1/ 108). .
ولَم يَكُنْ كِتابُ ((الرِّسالةِ)) هو كُلَّ ما كَتَبَه الشَّافِعيُّ في أُصولِ الفِقهِ، بَل كَتَبَ كُتُبًا أُخرى، لَكِنَّها لَم تَكُنْ في شُمولِ ((الرِّسالةِ))، ولا في تَمحُّضِها لمَسائِلِ هذا العِلمِ، ومِن تلك الكُتُبِ: ((اختِلافُ الحَديثِ))، و ((إبطالُ الاستِحسانِ))، و ((جِماعُ العِلمِ))، وكِتابُ ((أحكامِ القُرآنِ))، و ((القياسِ)) [183] يُنظر: مقدمة تحقيق ((التحصيل)) للأرموي (1/ 107)، ((أصول الفقه)) لعياض السلمي (ص: 8)، ((الوجيز)) لمحمد الزحيلي (1/ 55- 60). .
ثُمَّ تَلقَّى الفُقَهاءُ ما وصَلَ إليه الشَّافِعيُّ في تَحريرِ أُصولِه بالدِّراسةِ والفَحصِ، واختَلَفوا مِن بَعدِه على اتِّجاهاتٍ:
فمِنهم مَنِ اتَّجَهَ إلى شَرحِ أُصولِه، مُفصِّلًا لِما أُجمِلَ، ومُخرِّجًا عليها.
ومِنهم مَن أخَذَ بأكثَرِ ما قَرَّرَ، وخالَفه في جُملةِ تَفصيلاتٍ، وزادَ بَعضَ الأُصولِ [184] يُنظر: ((أصول الفقه)) لأبي زهرة (ص: 19). .
قال الزَّركَشيُّ: (وجاءَ مَن بَعدَه -أي الشَّافِعيِّ- فبَيَّنوا، وأوضَحوا، وبَسَطوا، وشَرَحوا، حَتَّى جاءَ القاضيانِ: قاضي السُّنَّةِ أبو بَكرِ بنُ الطَّيِّبُ، وقاضي المُعتَزِلةِ عَبدُ الجَبَّارِ، فوسَّعا العِباراتِ، وفكَّا الإشاراتِ، وبَيَّنا الإجمالَ، ورَفعا الإشكالَ) [185] ((البحر المحيط)) (1/5). .
وبَعدَ الشَّافِعيِّ تَتابعَ التَّأليفُ في هذا العِلمِ؛ فكَتَب أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ كِتابَ (طاعةُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، وكَتَب داوُدُ الظَّاهريُّ: الإجماعَ، وإبطالَ التَّقليدِ، وخَبَرَ الواحِدِ، والخُصوصَ والعُمومَ، وكَتَب عيسى بنُ أبانَ كِتابًا في خَبَرِ الواحِدِ، وكَتَب الكَرخيُّ رِسالةً في أُصولِ الفِقهِ طُبِعَت مَعَ كِتابِ (تَأسيس النَّظَرِ) لأبي زَيدٍ الدَّبُوسيِّ، وهيَ تَقَعُ في ورَقاتٍ قَليلةٍ أشبَهَ بقَواعِدَ فِقهيَّةٍ لعُلَماءِ الحَنَفيَّةِ، ومِن أقدَمِ كُتُبِ الحَنَفيَّةِ المَوجودةِ: الفُصولُ، للجَصَّاصِ [186] يُنظر: ((أصول الفقه)) لعياض السلمي (ص: 8- 9). .

انظر أيضا: