موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّالثُ: الاستِحسانُ بالضَّرورةِ


وهو أن توجَدَ ضَرورةٌ تَحمِلُ المُجتَهِدَ على تَركِ القياسِ والأخذِ بمُقتَضَياتها سَدًّا للحاجةِ أو دَفعًا للحَرَجِ، وذلك عِندَما يَكونُ اطِّرادُ الحُكمِ القياسيِّ مُؤَدِّيًا لحَرَجٍ، أو يوقِعُ في ضيقٍ في بَعضِ المَسائِلِ؛ فيُعدَلُ عنه استِحسانًا إلى حُكمٍ آخَرَ يَزولُ به الحَرَجُ، ويَنفرِجُ به الضِّيقُ [2554] يُنظر: ((أثر الأدلة المختلف فيها)) للبغا (ص:145). .
ومِثالُه: الحُكمُ بطَهارةِ الآبارِ والحياضِ بَعدَ تَنَجُّسِها، والقياسُ يَأبى ذلك؛ لأنَّ الدَّلوَ يَنجَسُ لمُلاقاةِ الماءِ فلا يَزالُ يَعودُ وهو نَجِسٌ، كما أنَّ الحياضَ اختَلطَت فيها النَّجاسةُ بالأوحالِ؛ لأنَّها شاعَت في الكُلِّ، فلا يَطهُرُ الكُلُّ بخُروجِ البَعضِ، فلا يُمكِنُ الحُكمُ بطَهارةِ الماءِ، إلَّا أنَّ الشَّرعَ حَكَم بالطَّهارةِ الضَّروريَّةِ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ غَسلُ البِئرِ ولا الحَوضِ، وإنَّما غايةُ ما يُمكِنُ نَزحُ الماءِ النَّجِسِ، وحُصولُ الماءِ الطَّاهِرِ فيه؛ فاستَحسَنوا تَركَ العَمَلِ بالقياسِ لأجلِ الضَّرورةِ والعَجزِ؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى جَعَل العَجزَ عُذرًا في سُقوطِ العَمَلِ بكُلِّ خِطابٍ [2555] يُنظر: ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص:489)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (2/269). .

انظر أيضا: