موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ السَّادِسُ: الاستِحسانُ بالعُرفِ


وهو العُدولُ عن مُقتَضى القياسِ إلى حُكمٍ آخَرَ يُخالفُه لجَرَيانِ العُرفِ عَمَلًا بما اعتادَه النَّاسُ [2559] يُنظر: ((أثر الأدلة المختلف فيها)) للبغا (ص: 143). .
ومِن أمثِلتِه: ما لو حَلف ألَّا يَأكُلَ الطَّبيخَ، فإنَّه يُحمَلُ على ما يُطبَخُ مِنَ اللَّحمِ استِحسانًا بالعُرفِ؛ لأنَّ التَّعميمَ في كُلِّ طَبيخٍ مُتَعَذِّرٌ، فيُصرَفُ إلى خُصوصِ ما تَعارَف عليه النَّاسُ، وهو اللَّحمُ المَطبوخُ بالماءِ -إلَّا إذا نَوى غَيرَ ذلك- فلا يَحنَثُ بأكلِ السَّمَكِ المَطبوخِ، ولا اللَّحمِ المَقليِّ [2560] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (5/127)، ((الجوهرة النيرة)) لأبي بكر الحدادي (2/204)، ((أثر الأدلة المختلف فيها)) للبغا (ص: 143). .
وأيضًا لوِ استَعارَ دابَّةً مِن مالكِها فرَدَّها إلى إصطَبلِ مالِكِها فهَلكَت، فإنَّه لا يَضمَنُ استِحسانًا، والقياسُ أنَّه يَضمَنُ؛ لأنَّه لم يَرُدَّها إلى مالِكِها قياسًا على الغَصبِ والوديعةِ؛ حَيثُ لا يُقبَلُ فيهما إلَّا الرَّدُّ إلى المالكِ، ولكِن وجهُ الاستِحسانِ هنا أنَّه أتى بالتَّسليمِ المُتَعارَفِ، وهو المُعَوَّلُ عليه؛ لأنَّ الرَّدَّ إلى دارِ المالكِ مُعتادٌ جَرَت به العادةُ، ولو رَدَّها إلى المالكِ فالمالكُ سَيَرُدُّها إلى الإصطَبلِ عادةً، فكان الرَّدُّ إلى الإصطَبلِ كالرَّدِّ إلى المالِكِ؛ فاستَحسَنوا ذلك استِنادًا إلى العادةِ [2561] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (3/221)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/89)، ((أثر الأدلة المختلف فيها)) للبغا (ص: 144). .

انظر أيضا: