موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّالِثةُ: تَقسيمُ المُفرَدِ باعتِبارِ أنواعِه


يَنقَسِمُ المُفرَدُ باعتِبارِ أنواعِه إلى ثَلاثةِ أقسامٍ [49] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/225)، ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (1/159)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/534)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (1/112)، ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (3/1073). :
1- الحَرفُ: وهو اللَّفظُ المُفرَدُ الذي لا يَستَقِلُّ بمَعناه، مِثلُ: لا، وفي، وعلى؛ فإنَّ كُلًّا منها لا يُفهَمُ مَعناه إلَّا باعتِبارِ لَفظٍ آخَرَ دالٍّ على مَعنًى هو مُتَعَلِّقُ مَعنى الحَرفِ.
2- الفِعلُ: وهو اللَّفظُ المُفرَدُ الذي يَستَقِلُّ بمَعناه -أي: يُفهَمُ مَعناه الذي وُضِعَ اللَّفظُ له بدونِ اعتِبارِ لَفظٍ آخَرَ دالٍّ على مَعنًى- ويَدُلُّ على أحَدِ الأزمِنةِ الثَّلاثةِ: الماضي، والمُستَقبَلِ، والحالِ، مِثلُ: قَرَأ، واقرَأْ، ويَقرَأُ.
3- الاسمُ: وهو اللَّفظُ المُفرَدُ الذي يَستَقِلُّ بمَعناه، ولا يَدُلُّ على أحَدِ الأزمِنةِ، وهو:
- إمَّا ألَّا يَدُلَّ على زَمانٍ أصلًا، مِثلُ: السَّماءِ، والأرضِ، وزَيدٍ.
- أو دَلَّ ولَكِن لا بهَيئَتِه بَل بذاتِه، وهذا إمَّا أن يَكونَ مَدلولُه نَفسَ الزَّمانِ، مِثلُ: اليَومِ، والأمسِ، والآنَ، والمُستَقبَلِ. أو يَكونَ الزَّمانُ جُزءَ مَدلولِه، مِثلُ: الصَّبوحِ، وهو أوَّلُ النَّهارِ، والغَبوقِ، وهو آخِرُ النَّهارِ.
أقسامُ الاسمِ:
يَنقَسِمُ الاسمُ إلى: جُزئيٍّ، وكُلِّيٍّ:
1- الجُزئيُّ: وهو الذي يَمنَعُ نَفسُ تَصَوُّرِ مَعناه مِن وُقوعِ الاشتِراكِ في مَفهومِه؛ لأنَّ مَفهومَه غَيرُ صالِحٍ لاشتِراكِ كَثيرينَ فيه، مِثلُ: زَيدٍ، وغَيرِه مِنَ الأعلامِ؛ فإنَّه لا يُشارِكُه فيه غَيرُه [50] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/221)، ((الإحكام)) للآمدي (1/17)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (1/400)، ((الغيث الهامع)) لأبي زرعة العراقي (ص: 149). .
ويَنقَسِمُ الجُزئيُّ إلى: عَلَمٍ، ومُضمَرٍ.
فالعَلَمُ: هو الاسمُ الظَّاهرُ الذي يَستَقِلُّ في دَلالَتِه على المَعنى الجُزئيِّ، مِثلُ: زَيدٍ.
والمُضمَرُ: لا يَستَقِلُّ في دَلالَتِه على المَعنى الجُزئيِّ، بَل يَحتاجُ إلى قَرينةِ تَكَلُّمٍ أو خِطابٍ أو غَيبةٍ، مِثلُ: أنا، وأنتَ، وهو [51] يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/542)، ((البحر المحيط)) للزركشي (2/291). .
2- الكُلِّيُّ: وهو الذي لا يَمنَعُ تَصَوُّرُ مَعناه مِن وُقوعِ الاشتِراكِ فيه، مِثلُ: الحَيَوانِ، والإنسانِ [52] يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/535)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (1/400). .
ويَنقَسِمُ الكُلِّيُّ إلى عِدَّةِ أقسامٍ، وذلك باعتبارَينِ:
الاعتِبارُ الأوَّلُ: أقسامُ الكُلِّيِّ بحَسَبِ حُصولِ المَعنى في أفرادِه.
يَنقَسِمُ الكُلِّيُّ بهذا الاعتِبارِ إلى: مُتَواطِئٍ، ومُشَكِّكٍ:
1- المُتَواطِئُ: هو الذي يَحصُلُ مَعناه في أفرادِه على التَّساوي، ولا يوجَدُ اختِلافٌ في مَدلولِه بشِدَّةٍ ولا ضَعفٍ، ولا تَقدُّمٍ وتَأخُّرٍ، مِثلُ: دَلالةِ لَفظِ (الإنسانِ) على زَيدٍ وعَمرٍو ونَحوِه؛ إذ كُلُّ فَردٍ مِن أفرادِه لا يَزيدُ على الآخَرِ في الإنسانيَّةِ؛ فإنَّ الإنسانيَّةَ التي في زَيدٍ مَثَلًا ليست بأسدَّ ولا أَولى ولا أقدَمَ منها في عَمرٍو. وسُمِّيَ بذلك؛ لموافَقةِ كُلِّ واحِدٍ مِن أفرادِه لمَعناه [53] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/17)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (1/137)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (1/400). .
2- المُشَكِّكُ: هو الذي يَكونُ حُصولُ ذلك المَعنى في بَعضِ أفرادِه بتَفاوُتٍ في مَفهومِه؛ لشِدَّةٍ أو ضَعفٍ، أو تَقدُّمٍ أو تَأخُّرٍ، مِثلُ: إطلاقِ لَفظِ (الأبيَضِ) على الثَّلجِ والعاجِ ونَحوِهما؛ فإنَّ البَياضَ الذي في الثَّلجِ أشَدُّ منه في العاجِ. وسُمِّيَ مُشَكِّكًا؛ لأنَّ النَّاظِرَ في مَفهومِه يَشُكُّ فيه: هَل هو مُتَواطِئٌ؛ لوَحدةِ الحَقيقةِ فيه، أو مُشتَركٌ؛ لاستِواءِ الأفرادِ في حُصولِ مَعناه لها، وتَفاوُتِها في مَفهومِه بالأولَويَّةِ وغَيرِها [54] يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/536)، ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (1/157)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (1/402)، وذَهَبَ ابنُ التِّلِمسانيِّ إلى أنَّه لا حَقيقةَ للمُشَكِّكِ في وَضعِ الألفاظِ؛ لأنَّ ما حَصَلَ به التَّفاوُتُ إن دَخَلَ في التَّسميةِ فاللَّفظُ مُشتَرَكٌ، وإن لَم يَدخُلْ بَل وُضِع للقَدرِ المُشتَرَكِ فهو المُتَواطِئُ. يُنظر: ((شرح المعالم)) (ص: 161). وأجابَ القَرافيُّ عنه بأنَّ كُلًّا مِنَ المُتَواطِئِ والمُشَكِّكِ مَوضوعٌ للقَدرِ المُشتَرَكِ، ولَكِن ما وقَعَ به الاختِلافُ: إن كان بأمرٍ مِن جِنسِ المُسَمَّى فهو المُشَكِّكُ، وإن كان بأُمورٍ خارِجيَّةٍ عن مُسَمَّاه كالذُّكورةِ والأُنوثةِ والعِلمِ والجَهلِ، فهو المُتَواطِئُ. فالمُختَلِفُ بجِنسِه هو المُشَكِّكُ، والمُختَلِفُ بغَيرِ جِنسِه هو المُتَواطِئُ. يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) (ص: 31)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/538)، ((الغيث الهامع)) لأبي زرعة العراقي (ص: 150). ؟
الاعتِبارُ الثَّاني: أقسامُ الكُلِّيِّ بحَسَبِ دَلالَتِه على الماهيَّةِ وصِفتِها
يَنقَسِمُ الكُلِّيُّ بهذا الاعتِبارِ إلى: اسمِ جِنسٍ، ومُشتَقٍّ [55] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (1/135)، ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (1/160)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/539). :
1- اسمُ الجِنسِ: هو أن يَدُلَّ على الماهيَّةِ، مِثلُ: الإنسانِ، والفرَسِ، إذا كانتِ الألِفُ واللَّامُ لتَعريفِ الماهيَّةِ.
2- المُشتَقُّ: هو دَلالةُ الاسمِ على مَوصوفيَّةِ الماهيَّةِ بصِفةٍ، ويُسَمَّى بالصِّفةِ في اصطِلاحِ النُّحاةِ، مِثلُ: الأسودِ؛ فإنَّه يَدُلُّ على ذاتٍ مُتَّصِفةٍ بالسَّوادِ.

انظر أيضا: