موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الخامِسُ: الفرقُ بَينَ الظَّاهرِ والنَّصِّ


الفُروعُ الفِقهيَّةُ التي استَنبَطَها الفُقَهاءُ توجِبُ الأخذَ بالتَّفرِقةِ بَينَ نَوعَينِ مِنَ العِباراتِ:
الأوَّلُ: عِباراتٌ قَويَّةُ الدَّلالةِ في الأحكامِ، بحَيثُ لا يَتَطَرَّقُ إليها الاحتِمالُ.
الثَّاني: عِباراتٌ يَتَطَرَّقُ إليها الاحتِمالُ، ولَكِنَّها ظاهرةٌ في مَعنًى، ولا يَخطُرُ على الذِّهنِ عِندَ سَماعِها سِواه، وإن كانت هيَ في ذاتِها تَحتَمِلُ غَيرَه.
وكُلٌّ مِنهما له مَرتَبتُه في الاستِدلالِ؛ لذلك أطلَقَ الأُصوليُّونَ على كُلٍّ مِنهما اسمًا يُنبِئُ عن مَرتَبَتِه، ويوضِّحُ مَوضِعَه مِنَ الآخَرِ، فأطلَقوا على الأوَّلِ اسمَ النَّصِّ، وعلى الثَّاني اسمَ الظَّاهِرِ [400] يُنظر: ((دراسات أصولية في القرآن الكريم)) للحفناوي (ص: 266). .
وكُلٌّ مِنَ الظَّاهرِ والنَّصِّ واضِحُ الدَّلالةِ على مَعناه، فلا يَتَوقَّفُ فهمُ المُرادِ مِن كُلٍّ مِنهما على أمرٍ خارِجيٍّ، وحُكمُ الظَّاهرِ وحُكمُ النَّصِّ واحِدٌ، وهو وُجوبُ العَمَلِ بهما [401] يُنظر: ((دراسات أصولية في القرآن الكريم)) للحفناوي (ص: 266)، ((الوجيز)) لمحمد الزحيلي (2/89). .
أوجُهُ الاختِلافِ بَينَهما:
1- دَلالةُ النَّصِّ على مَعناه أوضَحُ مِن دَلالةِ الظَّاهرِ على مَعناه؛ إذ إنَّ النَّصَّ أكثَرُ وُضوحًا وبَيانًا مِنَ الظَّاهرِ، فمَرتَبةُ الظُّهورِ في النَّصِّ أعلى منها في الظَّاهرِ.
2- النَّصُّ لَم يَتَوجَّهْ إليه احتِمالٌ، والظَّاهِرُ يَتَوجَّهُ إليه احتِمالٌ.
3- أنَّ مَعنى النَّصِّ هو المَقصودُ الأصليُّ مِن سَوقِ الكَلامِ، بخِلافِ الظَّاهرِ؛ فمَعناه مَقصودٌ تَبَعًا لا أصالةً مِن سَوقِ الكَلامِ.
4- عِندَ التَّعارُضِ بَينَها يُقدِّمُ النَّصَّ على الظَّاهرِ [402] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (2/207)، ((دراسات أصولية في القرآن الكريم)) للحفناوي (ص: 266)، ((الوجيز)) لمحمد الزحيلي (2/89). .

انظر أيضا: