غريبُ الكَلِماتِ:
اقْنُتِي: دَاومِي على الطَّاعةِ، والقُنُوتُ: دوامُ الطَّاعة ولزُومُها مع الخُضوع؛ وأصل (قنت): يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دِين، ثم سُمِّي كلُّ استقامةٍ في طريقِ الدِّينِ قنوتًا يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 382، 473)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 378)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/357) (5/31)، ((المفردات)) للراغب (ص: 684- 685)، ((جامع الرسائل)) لابن تيمية (1/5 وما بعدها)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 702). .
المَعنَى الإجماليُّ:
يَقصُّ الله تبارَك وتعالَى على نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما كان من شأنِ مريم عليها السَّلام؛ إذ نادتْها الملائكةُ فقالت لها: يا مريمُ, إنَّ الله اجتباكِ واختاركِ وطهَّركِ في الخُلق والدِّين, وفضَّلكِ على نِساء العالَمين، يا مريم، إنَّ هذا الاصطفاءَ والتَّطهيرَ نعمةٌ كبيرةٌ من الله تستحقُّ منكِ الشُّكر, فلتكنْ عبادتُكِ خالصةً لله وحده, وداوِمِي عليها, وصلِّي مع المصلِّين العابدين الخاشعين.
ثمَّ قال الله تبارَك وتعالَى لرسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ كلَّ ما تقدَّم ذِكرُه من أَنباءٍ وقَصصٍ هي أخبارٌ خَفيَّة غَيبيَّة، لم تكُن تعلمها أنتَ ولا قومُك, ونحن قَصَصْناها عليك؛ لتكونَ شاهدًا وبرهانًا على صِدْق ما جئتَ به، ولم تكن- يا محمَّدُ- حاضرًا حين اجتمع زكريَّا وقومه واقتَرعوا في شأنِ مريم؛ لينظروا أيُّهم يكفُلُها ويُضمُّها إليه, واختصَموا في أمرها, وإنَّما جاءَك خبرُ هذا بالوحي, وإلَّا لَمَا علمت به، ولا وصَلك نبؤُه.
تفسير الآيات:
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ
أي: واذكُرْ إذ قالتِ الملائكة: يا مريمُ يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (1/433)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/254). والمراد بالملائكة في قوله: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: الجِنس؛ إذ ليس المراد كلُّ الملائكة، بل واحد منهم، وهو في الغالب جبريل. ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/264). .
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ
أي: إنَّ اللهَ اختارَكِ وطهَّركِ في خُلُقِكِ ودِينكِ ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/392)، ((تفسير ابن عطية)) (1/433)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/255). وممَّن قال بهذا القول من السَّلف الصالح: مجاهد. ((تفسير ابن جرير)) (5/396), ((تفسير ابن أبي حاتم)) (2/647). .
وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ
أي: اختارَكِ على نِساءِ العالَمين وهذا الاصطفاء إمَّا على عالَمي زمانها- وعزاه الواحديُّ للأكثر، واختاره ابن جرير- أو مطلقًا، ومشاركة أفراد من النساء في ذلك كخديجة وعائشة وفاطمة، لا يُنافي الاصطفاء المذكور، وقيل: إنْ جعلْنا الْعالَمِينَ عامًّا فيمَن تقدَّم وتأخَّر جعلنا الاصطفاء مخصوصًا في أمر عيسى عليه السلام، وأنَّها اصطفيت لتلدَ من غير فحلٍ، وإنْ جعلنا الاصطفاء عامًّا جعلنا قوله تعالى: الْعالَمِينَ مخصوصًا في عالم ذلك الزمان. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/393)، ((التفسير الوسيط)) للواحدي (1/436)، ((تفسير ابن عطية)) (1/433)، ((تفسير السعدي)) (ص: 130). وفضَّلكِ عليهنَّ ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/393)، ((تفسير السعدي)) (ص: 130). .
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا كان في هذا الاصطفاءِ والتَّطهير لمريمَ من النِّعمة العظيمة، والمِنحةِ الجَسيمةِ، ما يُوجِب لها القيامَ بشُكرها، قالت لها الملائكةُ يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 130). :
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ
أي: قالت الملائكةُ أيضًا: يا مريمُ، أخلِصي الطَّاعة لربِّكِ وحده، وداومِي على عبادتِه ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/397)، ((أعلام الموقعين)) لابن القيِّم (2/295)، ((تفسير ابن عاشور)) (3/244)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/257). وممَّن قال بنحو ذلك من السلف: سعيد بن جُبَير، والحسن، وقتادة والسُّدِّي. ((تفسير ابن جرير)) (5/399، 400), ((تفسير ابن أبي حاتم)) (2/648)، ((الدر المنثور في التفسير بالمأثور)) للسيوطي (2/195). .
وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ
أي: وصَلِّي، وكوني مع الخاشعين العابدين المصلِّين ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/400)، ((تفسير الراغب)) (2/556)، ((التفسير القيم)) لابن القيِّم (ص: 216), ((تفسر السعدي)) (ص: 966). .
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ
أي: هذه الأخبارُ الَّتي تَقدَّم ذِكرُها عن امرأةِ عِمْران وابنتِها مريم وزكريَّا وابنه يحيى عليهما السَّلام من أخبارِ القوم الخفيَّة، الَّتي غابتْ عنكَ وعن قومِك فلم تَطَّلعوا عليها، نقصُّها عليك ونخبرُك بها؛ دليلًا على نُبوَّتِك، وتحقيقًا لصِدْقِك ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/400)، ((التفسير الوسيط)) للواحدي (1/436)، ((تفسير ابن كثير)) (2/42)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/261). .
وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ
أي: وما كنتَ- يا محمَّدُ- عند زكريَّا وقومِه حين اقترَعوا في شأنِ مريمَ بإلقاء أقلامِهم ظاهر القرآن: أنَّ المرادَ بالأقلامِ الأقلامُ حقيقةً التي يكتب بها، وقيل: هي التي كانوا يَكتُبون بها التوراةَ كانوا يَقترِعون بها في المشكلات. يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (4/86)، ((تفسير ابن عاشور)) (3/245)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/262). ؛ ليَنظروا أيُّهم يَكفُلُها ويَضمُّها إليه ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/403)، ((تفسير ابن كثير)) (2/42)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/262). قال ابنُ جرير: (في قوله عزَّ وجلَّ: إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ *آل عمران: 44* دلالةٌ على محذوف من الكلام، وهو: لينظروا أيُّهم يكفُلُ، وليتبيَّنوا ذلك ويَعلموه). .
وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
أي: وما كُنتَ عندَهم حالَ اختصامِهم أيُّهم أحقُّ بها، فلولا أنَّ الله أَوحى إليك ذلك لَمَا كان لك علمٌ به ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/405)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/94)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/263). الظاهر أنَّ الاختصام كان قَبل إلقاء الأقلام، لكن أُخِّر في الذكر؛ قيل: لمناسبة رؤوس الآيات إِذْ يَخْتَصِمُونَ، أو لأنَّ الله سبحانه وتعالى ذكر النتيجة قبل المقدمة وقبل السبب؛ لأنها هي الغاية، فإنَّ إلقاء الأقلام والسهام، هو غاية الاختصام. ينظر ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/263). .
الفوائد التربوية :
1- كلَّما مَنَّ اللهُ سبحانه وتعالى على إنسانٍ بشيءٍ مِن نِعَمه كان مُطالَبًا بالعبادة أكثرَ؛ شُكرًا على ما أنعم اللهُ عليه به يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/260). ؛ كما قال تعالى: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي... بعدَ إخبارِها بالاصطفاءِ والتَّطهير.
2- يُؤخذُ من قوله تعالى: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ... أنَّ مَن اعتقد أنَّه مكرَّمٌ اجتهدَ في المحافظةِ على كرامتِه، وتَباعَد أشدَّ التَّباعُدِ عن كلِّ ما ينقص منها يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (3/246). .
الفَوائدُ العِلميَّةُ واللَّطائِف:
1- في أمر الله نبيَّه أنْ يَذكرَ قصَّة مريم لهذه الأمَّة تعظيمٌ لشأنها يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/258). .
2- في قوله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ، ذَكَرَ اللهُ الاصطفاء مرَّتين؛ فالأوَّل يَرجِع إلى الصِّفات الحميدة، والأفعال السَّديدة؛ فهو اصطفاء ذاتيٌّ، وهو جعَلها منزَّهة زكيَّة، والثَّاني: يرجع إلى تفضيلها على سائر نساءِ العالَمين، سواءٌ على عالَمِي زمانها، أو مطلقًا، وإن شارَكها أفرادٌ من النِّساء في ذلك؛ فلذلك لم يُعدِّ الأوَّلَ إلى متعلِّق، وعدَّى الثَّاني يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/217), ((تفسير ابن عاشور)) (3/244), ((تفسير السعدي)) (ص: 130). وقيل: كرَّر الاصطفاء؛ لأنَّ معنى الأول الاصطفاء لعبادته، ومعنى الثاني لولادة عيسى. ينظر ((تفسير القرطبي)) (4/82). .
3- الإشارةُ إلى الطُّهر في قوله: وَطَهَّرَكِ إشارةٌ ذات مغزًى؛ وذلك لِما لابَس مولدُ عيسى- عليه السَّلام- من شُبهاتٍ لم يَتورَّعِ اليهودُ أنْ يُلصقوها بمريم الطَّاهرة يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/259). .
4- الرُّبوبيَّة في قوله: لِرَّبِكِ ربوبيَّة خاصَّة، تختصُّ بمن خصَّها اللهُ به، وتُفيد تربيةً واعتناءً واختصاصًا أكثرَ من الرُّبوبيَّة العامَّة يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/257). .
5- قيل لَمَّا قدَّم الإخلاص الَّذي هو روحُ العبادة في قوله: اقْنُتِي لِرَبِّكِ, أتبَعَه السُّجود الَّذي هو أشرفُها يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (4/372). .
6- في النَّصِّ على السُّجودِ والرُّكوع رغمَ دُخولِهما تحت القنوت: بيانٌ لفضيلتِهما, ولدلالتهما على غاية الخضوعِ لله تعالى، كما قال تعالى: وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران: 43] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 130), و((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/261). .
7- في قوله: واسْجُدِي وَارْكَعِي، دليلٌ على جوازِ ترْكِ التَّرتيبِ؛ للمصلحةِ، أو لمراعاةِ شيء آخِر؛ حيث قدَّم السُّجود على الرُّكوع؛ قيل لأنَّه أبلغُ في القنوت يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/261). .
وقيل: لأنَّ المقامَ هنا مقامُ شُكر، والسُّجود أدخلُ في الشُّكر, ولأنَّ السُّجود مختصٌّ بنوعٍ من الرُّتبة والفضيلة، وهي كونُ العبد فيه أقرَبَ ما يكون من ربِّه يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (3/244), و((تفسير الرازي)) (8/218). .
8- في قوله: وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ، ولم يقل: مع الرَّاكعات؛ قيل إشارةً إلى أنَّ الكمالَ في الرِّجال، وكثرة العمل في الرِّجال أظهرُ منها في النِّساء, وأنَّ العُبَّاد من الرِّجالِ أكثرُ من العُبَّاد من النِّساء، أو لأنَّ قوله: الرَّاكِعينَ أعمُّ إذ يشمل الرجال والنساء على سبيل التغليب يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/149)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/261). .
9- في قوله: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إيماءٌ إلى خلوِّ كتبِهم عن بعض ذلك, وإلَّا لقال: وما كنتَ تتْلو كُتُبَهم يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (3/245). .
بلاغة الآيات:
1- في قوله تعالى: يا مَرْيَمُ: تكريرُ التذكير؛ للإشعارِ بمزيدِ الاعتناءِ بما يُحكَى من أحكامِ الاصطفاءِ، والتنبيهِ على استقلالها وانفرادِها عن الأحكامِ السَّابقة؛ فإنَّها من أحكامِ التربيةِ الجُسمانيَّة اللائقةِ بحال صِغَر مريمَ، وهذا من بابِ التربيةِ الرُّوحانيَّة بالتكاليف الشرعيةِ المتعلِّقة بحال كِبَرها يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/34). .
- وتكريرُ النداءِ؛ للإيذان بأنَّ المقصودَ بكلِّ نداء ما يرِدُ بعدَه؛ فالنِّداءُ الأوَّل تذكيرٌ بالنِّعمة، وكان ذِكره بمنزلةِ التَّمهيد للنِّداء الثاني، الذي هو للتكليف؛ ترغيبًا في العملِ بموجبِه يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/35)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (1/508). .
- وفي تَكرارِ أوصافِ مريمَ في قوله: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ... بيانُ أنَّه كلَّما كُرِّرتْ أوصافُ الكمال، ظهَر من كمالِ الموصوفِ ما لم يكُنْ معلومًا من قبلُ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (1/260). .
- وإعادةُ النِّداء في قولِ الملائكة: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي.. لقصدِ الإعجاب بحالها؛ لأنَّ النِّداءَ الأوَّل كفَى في تحصيلِ المقصودِ من إقبالها لسماعِ كلامِ الملائكة، فكان النِّداءُ الثَّاني لمجرَّد التَّنبيهِ الَّذي يُنتقل منه إلى لازمِه، وهو التَّنويهُ بهذه الحالةِ، والإعجاب بها يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (3/244). .
2- قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وطَهَّرَكَ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ: فيه التأكيدُ بـ(إنَّ). وكَرَّر الاصطفاءَ رفعًا من شأنِها؛ للتوكيدِ، أو ليُبيِّن مَن اصطفاها عليهنَّ، أو كرَّر الاصطفاءَ؛ لأنَّ كِلا الاصطفائَينِ يَختلِفُ معناهما يُنظر: ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (3/169-170)، ((تفسير ابن عاشور)) (3/244). .
3- قوله تعالى: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ: فيه نفيُ المعلومِ بغير شُبهة (المشاهدة)، وترْكُ نفْيِ الموهوم (الاستماع)؛ وفائدة ذلك: التقريرُ والتحقيقُ لكونِ تلك الأنباءِ وحيًا على طريقة التهكُّم بالمنكِرين للوحي؛ لأنَّه كان معلومًا عندَهم علمًا يقينيًّا أنَّه ليس من أهل السَّماع والقراءة، وكانوا مُنكِرين للوحي، فلم يَبقَ إلَّا المشاهدة، وهي وإنْ كانتْ في غايةِ الاستبعادِ إلَّا أنَّها نُفِيت تهكُّمًا بهم يُنظر: ((تفسير الرازي)) (7/219)، ((تفسير القاسمي)) (2/318). .