غريبُ الكَلِماتِ:
قَائِمًا بِالْقِسْطِ: أي: يَلِي العَدْلَ بينَ خَلقِه، ويُراعيه ويَحفظُه؛ يُقال: قامَ بهذا الأمْر، أي: أجْراه على الاستقامةِ في جميعِ الأمور. والقِسْطُ العَدْلُ، مِن أقْسَط فهو مُقْسِط يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 103)، ((تفسير ابن جرير)) (5/278)، ((التفسير الوسيط)) للواحدي (1/421)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/85)، ((المفردات)) للراغب (ص: 670، 690). .
مُشكِلُ الإعرابِ:
قوله: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ:
قَائِمًا: منصوبٌ على الحالِ، وهي حالٌ مؤكِّدة مِن الضمير هُوَ والعاملُ في الحالِ معنى الجُملة، أي: لا إلهَ إلَّا هو قائمًا بالقِسط، كما يُقال: لا إلهَ إلَّا هو وحْدَه، وقيل: هي حالٌ من اسمِ الجلالةِ اللهُ والعاملُ في الحالِ شَهِدَ، أي: شهِد اللهُ قائمًا بالقسط، وكِلا المعنيين صحيحٌ؛ فعلى الوجه الأوَّل يُعتَبر القِسط في الإلهيَّة؛ فيكون المعنى: "لا إله إلا هو قائمًا بالقسط"، أي: هو وحْدَه الإله قائمًا بالقِسط، كما يُقال: أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله إلهًا واحدًا أحدًا صمدًا، وهذا الوجهُ أرجحُ؛ فإنَّه يتضمَّن أنَّ الملائكةَ وأُولي العِلمِ يَشهدون له مع أنَّه لا إلهَ إلَّا هو وأنَّه قائمٌ بالقسط، والوجهُ الآخَرُ لا يدلُّ على هذا. وفائدةُ الفصْل بين صاحِبِ الحالِ وبينها بالمعطوفِ- حيث جاء مُتوسِّطًا بين صاحبِ الحال وبينها-: أنَّه لو قال: (شهد الله أنَّه لا إله إلَّا هو قائمًا بالقسط والملائكة وأولو العلم); لأَوْهمَ عطْفَ الملائكةِ وأُولي العِلم على الضَّميرِ في قوله: قَائِمًا بِالْقِسْطِ، ولا يحسُن العطفُ لأجْلِ الفصل، وليس المعنى على ذلِك قطعًا، وإنَّما المعنى على خِلافِه، وهو أنَّ قيامَه بالقسطِ مُختصٌّ به، كما أنَّه مختصٌّ بالإلهيَّة؛ فهو وحْدَه الإلهُ المعبودُ المستحقُّ العبادة، وهو وحْدَه المُجازِي المثيبُ المعاقِبُ بالعدْل. وقيل غيرُ ذلك في توجيهِ نَصْب قَائِمًا ينظر: ((مشكل إعراب القرآن)) لمكي (1/152)، ((التبيان في إعراب القرآن)) للعكبري (1/247)، و(3/240- 242)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (14/175)، ((مدارج السالكين)) لابن القيِّم (3/426)، ((تفسير ابن كثير)) (2/24)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (3/75- 81)، ((تفسير السعدي)) (ص: 124). .