مشكل الإعراب:
قَوْلُه تعالى: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
أَن يُتِمَّ: مَصدرٌ مُؤَوَّلٌ، وهو في محلِّ نَصبٍ، مَفعولٌ به، والاستثناءُ هنا مُفرَّغٌ- ناقِصٌ مَنفيٌّ- وإنما دَخَلَ الاستثناءُ المفرَّغُ مع الفِعلِ الْمُثْبَتِ يَأْبَى- وشَرطُ الاستثناءِ المُفَرَّغِ أن يكونَ بعد نفيٍ أو شِبْههِ كالاستفهامِ [479] قال الشيخ خالد الأزهري: (ولا يتأتَّى التَّفريغُ في الإيجابِ؛ لأنَّه يؤدِّي إلى الاستبعادِ؛ لا نقولُ: رأيتُ إلَّا زيدًا؛ لأنَّه يلزَمُ منك أنَّك رأيتَ جَميعَ النَّاسِ إلَّا زيدًا، وذلك محالٌ عادةً). يُنظر: ((شرح التصريح)) (1/540). - ولكِنْ أحصى الدكتور: محمد عبد الخالق عضيمة آياتِ الاستثناءِ في القرآنِ الكَريمِ، فوجَدَ ثمانيَ عَشْرةَ آيةً، جاء فيها الاستثناءُ المُفَرَّغُ بعد الإيجابِ، وبعض هذه الآياتِ جاء الإثباتُ فيها مُؤَكَّدًا؛ ممَّا يُبعِدُ تأويلَ هذا الإثباتِ بنَفيٍ، مثلُ قَولِه تعالى: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة: 45] . وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة: 143] . لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ [يوسف: 66] ... ثمَّ قال: فإنَّنا لو سَلَكْنا هذا الطَّريقَ وسَوَّغْنا هذا التَّأويلَ، ما وَجَدْنا في لغةِ العَرَبِ إثباتًا يستعصي على تأويلِه بالنَّفيِ. يُنظر: ((دراسات لأسلوب القرآن الكريم)) (1/7- 266). ويُنظَرُ أيضًا: ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان الأندلسي (8/178). - لأنَّ يَأْبَى في معنى النَّفيِ؛ لأنَّه في معنى (لا يُريِدُ)، والتَّقديرُ: ولا يُريدُ اللهُ إلَّا إتمامَ نُورِه. وقيل: إنَّ المُستثنى منه مَحذوفٌ، وهو مفعولُ يَأْبَى، والتَّقديرُ: ويأبى اللهُ كُلَّ شيءٍ إلَّا إتمامَ نورِه، وعليه فـ أَنْ يُتِمَّ في محلِّ نَصبٍ على الاستثناءِ [480] يُنظر: ((مشكل إعراب القرآن)) لمكي (1/327)، ((التبيان في إعراب القرآن)) للعكبري (2/641)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (6/40-41)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/73). .