موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: تَوقيرُهم والاستِحياءُ مِنهم وعَدَمُ مُقابَلتِهم بالقَبائِحِ


يَنبَغي تَوقيرُ المَلائِكةِ الأبرارِ واحتِرامُهم، والاستِحياءُ مِنهم، وعَدَمُ مُقابَلتِهم بالقَبائِحِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ:
1-قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار: 10 - 12].
قال ابنُ كَثيرٍ: (يَعني: وإنَّ عليكُم لمَلائِكةً حَفَظةً كِرامًا فلا تُقابِلوهم بالقَبائِحِ؛ فإنَّهم يَكتُبونَ عليكُم جَميعَ أعمالِكُم) [721] ((تفسير القرآن العظيم)) (8/ 344). .
وقال السَّعديُّ: (قد أقامَ اللهُ عليكُم مَلائِكةً كِرامًا يَكتُبونَ أقوالَكُم وأفعالَكُم، ويَعلَمونَ أفعالَكُم، ودَخَل في هذا أفعالُ القُلوبِ، وأفعالُ الجَوارِح، فاللَّائِقُ بكُم أن تُكرِموهم وتُجِلُّوهم وتَحتَرِموهم) [722] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 914). .
2-قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 16 - 18] .
قال السَّعديُّ: (يُخبرُ تعالى أنَّه المُتَفرِّدُ بخَلقِ جِنسِ الإنسانِ، ذُكورِهم وإناثِهم، وأنَّه يَعلَمُ أحوالَه وما يُسِرُّه، ويُوَسوسُ في صَدرِه، وأنَّه أقرَبُ إليه مِن حَبلِ الوريدِ، الذي هو أقرَبُ شَيءٍ إلى الإنسانِ، وهو العِرقُ المُكتَنِفُ لثُغرةِ النَّحرِ، وهذا مِمَّا يَدعو الإنسانَ إلى مُراقَبةِ خالقِه المُطَّلِعِ على ضَميرِه وباطِنِه، القَريبِ منه في جَميعِ أحوالِه، فيَستَحي مِنه أن يَراه حَيثُ نَهاه، أو يَفقِدَه حَيثُ أمَرَه.
وكذلك يَنبَغي له أن يَجعَلَ المَلائِكةَ الكِرامَ الكاتِبينَ مِنه على بالٍ، فيُجِلَّهم ويوقِّرَهم، ويَحذَرَ أن يَفعَلَ أو يَقولَ ما يُكتَبُ عنه مِمَّا لا يُرضي رَبَّ العالَمينَ؛ ولهذا قال: إِذْ يَتَلقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ أي: يَتَلقَّيانِ عنِ العَبدِ أعمالَه كُلَّها، واحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ يَكتُبُ الحَسَناتِ و الآخَرُ عنِ الشِّمالِ يَكتُبُ السَّيِّئاتِ، وكُلٌّ مِنهما قَعِيدٌ بذلك مُتَهَيِّئٌ لعَمَلِه الذي أُعِدَّ له، مُلازِمٌ له. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ خَيرٍ أو شَرٍّ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ أي: مُراقِبٌ له، حاضِرٌ لحالِه) [723] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 805). .

انظر أيضا: