موسوعة الآداب الشرعية

تمهيدٌ في الإيمانِ بالملائِكةِ: مكانتِه وما يَتضمَّنُه، وثَمراتِه


الإيمانُ بالمَلائِكةِ الكِرامِ رُكنٌ مِن أركانِ الإيمانِ، لا يَصِحُّ الإيمانُ إلَّا به ؛ قال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة: 285] ، وقال جَلَّ ثَناؤه: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة: 177] ، وقال عَزَّ وجَلَّ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [النساء: 136] ، وقال سبحانه: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [البقرة: 97-98] .
وعن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَومًا بارِزًا للنَّاسِ، إذ أتاه رَجُلٌ يَمشي، فقال: يا رَسولَ اللهِ، ما الإيمانُ؟ قال: الإيمانُ أن تُؤمِنَ باللهِ ومَلائِكَتِه، وكُتُبِه، ورُسُلِه، ولقائِه، وتُؤمِنَ بالبَعثِ الآخِرِ)) الحَديث. [651] أخرجه البخاري (4777) واللَّفظُ له، ومسلم (9).
وفي حَديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ قال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فأخبِرْني عنِ الإيمانِ، قال: أن تُؤمِنَ باللهِ، ومَلائِكَتِه، وكُتُبِه، ورُسُلِه، واليَومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقَدَرِ خَيرِه وشَرِّه، قال: صَدَقتَ)) الحَديث. [652] أخرجه مسلم (8).
والإيمانُ بالمَلائِكةِ يتضَمَّنُ أربعةَ أُمورٍ:
1- الإيمانُ بوُجودِهم إيمانًا جازمًا لا يتطَرَّقُ إليه شَكٌّ.
2- الإيمانُ بما عَلِمْنا من أسمائِهم -كجِبريلَ عليه السَّلامُ-، وأمَّا من لم نعلَمْ أسماءَهم فنُؤمِنُ بهم إجمالًا.
3- الإيمانُ بما عَلِمْنا من صفاتِهم الخِلْقيَّةِ والخُلُقيَّةِ.
4- الإيمانُ بما عَلِمْنا من أعمالِهم [653] يُنظر: ((القول المفيد)) لابن عثيمين (2/410)، ((نبذة في العقيدة- ضمن مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (5/ 116)، ((الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد)) لصالح الفوزان (ص: 167)، ((الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة)) لعبدالله الأثري (ص: 131). .
وللإيمانِ بالمَلائِكةِ ثَمَراتٌ جَليلةٌ؛ منها:
1- العِلمُ بعَظَمةِ اللهِ تعالى، وقُوَّتِه، وسُلطانِه؛ فإنَّ عَظَمةَ المخلوقِ مِن عَظَمةِ الخالِقِ سُبحانَه.
2- شُكرُ اللهِ تعالى على عنايتِه ببني آدَمَ، حيث وكَلَ مِن المَلائِكةِ من يقومُ بحِفْظِهم، وكتابةِ أعمالِهم، وغيرِ ذلك مِن مصالِحِهم.
3- استِشعارُ مُراقَبةِ اللهِ للعَبدِ، وكتابةِ المَلائِكةِ لأعمالِه، وذلك سَبَبٌ للاجتهادِ في العباداتِ، والبُعدِ عن السَّيِّئاتِ.
4- الاعتبارُ بطاعتِهم؛ لأنَّهم لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم: 6] .
5- محبَّةُ المَلائِكةِ على ما قاموا به من عبادةِ اللهِ تعالى.
6- الحِرصُ على ارتيادِ الأماكِنِ الَّتي تحِبُّها المَلائِكةُ؛ كالمساجِدِ وحِلَقِ العِلمِ [654] يُنظر: ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (8/ 344)، ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 914)، ((نبذة في العقيدة- ضمن مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (5/118)، ((عقيدة المؤمن)) لأبي بكر الجزائري (ص: 275)، ((موسوعة العقيدة والأديان)) لمجموعة من الباحثين (5/ 2810). .
وثَمَّ آدابٌ مَعَ المَلائِكةِ المُكرَمينَ، نَذكُرُ بَعضَها فيما يلي:

انظر أيضا: