موسوعة الآداب الشرعية

ثالثَ عشرَ: إعظامُ الرَّغبةِ والرَّجاءِ وحُسنُ الظَّنِّ


مِن آدابِ الدُّعاءِ: إعظامُ الرَّغبةِ والرَّجاءِ وحُسنُ الظَّنِّ.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- من الكِتابِ
1- قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ * وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 87 - 90] .
2- قال تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [مريم: 2 - 7] .
3- قال تعالى: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [مريم: 47 - 50] .
4- قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 55-56] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا دَعا أحَدُكُم فلا يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لي إن شِئتَ، ولَكِنْ ليَعزِمِ المَسألةَ ولْيُعَظِّمِ الرَّغبةَ؛ فإنَّ اللَّهَ لا يتعاظَمُه شَيءٌ أعطاه)) [2161] أخرجه البخاري (6339)، ومسلم (2679) واللفظ له. .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يقولُ اللهُ تعالى: أنا عند ظَنِّ عَبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرَني؛ فإنْ ذكَرَني في نَفسِه ذكَرتُه في نفسي، وإن ذكَرَني في ملأٍ ذكَرتُه في ملأٍ خَيرٍ منه، وإن تَقَرَّبَ إليَّ بشِبرٍ تَقَرَّبتُ إليه ذِراعًا، وإن تَقَرَّبَ إليَّ ذِراعًا تَقَرَّبتُ إليه باعًا، وإن أتاني يَمشي أتَيتُه هَرولةً)) [2162] أخرجه البخاري (7405) واللفظ له، ومسلم (2675). .
3- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((قال اللهُ تَبارَكَ وتعالى: يا ابنَ آدَمَ، إنَّك ما دَعَوتَني ورَجَوتَني غَفرتُ لك على ما كان مِنك ولا أُبالي. يا ابنَ آدَمَ لو بَلغَت ذُنوبُك عَنانَ [2163] العَنانُ: السَّحابُ، واحِدَتُه: عَنانةٌ، وقيل: هو ما عَنَّ لك مِنها، أي: ما اعتَرَضَ وظَهَرَ لك إذا رَفَعتَ رَأسَك. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (8/ 40)، ((الأذكار)) للنووي (ص: 404). السَّماءِ ثُمَّ استغفَرتَني غَفرتُ لك ولا أُبالي. يا ابنَ آدَمَ لو أتَيتَني بقُرابِ [2164] بقُرابِ الأرضِ: أي: بما يُقارِبُ مَلأَها. يُنظر: ((الغريبين)) للهروي (5/ 1519). الأرضِ خَطايا ثُمَّ لَقِيتَني لا تُشرِكُ بي شَيئًا لأتَيتُك بقُرابِها مَغفِرةً)) [2165] أخرجه الترمذي (3540) واللفظ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (4305)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (2/231). حَسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4338)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((رياض الصالحين)) (442)، وقال ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/400): إسنادُه لا بأسَ به. وأخرجه أحمد (13493)، وأبو يعلى (4226)، والطبراني في ((الدعاء)) (1805) بمعناه. صحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (13493)، ووثق رجال إسناده الشوكاني في ((الفتح الرباني)) (11/5471). .
4- عن أبي ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عنه، ((عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيما رَوى عنِ اللهِ تَبارَكَ وتعالى أنَّه قال: يا عِبادي، إنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ على نَفسي، وجَعلتُه بَينَكم مُحَرَّمًا؛ فلا تَظالَموا، يا عِبادي كُلُّكُم ضالٌّ إلَّا مَن هَدَيتُه، فاستَهدوني أهدِكُم، يا عِبادي كُلُّكُم جائِعٌ إلَّا مَن أطعَمتُه، فاستَطعِموني أُطعِمْكُم، يا عِبادي كُلُّكُم عارٍ إلَّا مَن كَسَوتُه، فاستَكسوني أكسُكُم، يا عِبادي إنَّكُم تُخطِئونَ باللَّيلِ والنَّهارِ، وأنا أغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا، فاستَغفِروني أغفِرْ لَكُم، يا عِبادي إنَّكُم لَن تَبلُغوا ضَرِّي فتَضُرُّوني ولَن تَبلُغوا نَفعي فتَنفَعوني، يا عِبادي لو أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنسَكم وجِنَّكم كانوا على أتقى قَلبِ رَجُلٍ واحِدٍ مِنكُم، ما زادَ ذلك في مُلكي شَيئًا، يا عِبادي لو أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنسَكم وجِنَّكم كانوا على أفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ واحِدٍ، ما نَقَصَ ذلك مِن مُلكي شَيئًا، يا عِبادي لو أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنسَكم وجِنَّكم قاموا في صَعيدٍ واحِدٍ فسَألوني فأعطَيتُ كُلَّ إنسانٍ مَسألَتَه، ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِندي إلَّا كما يَنقُصُ المِخْيَطُ إذا أُدخِلَ البَحرَ، يا عِبادي إنَّما هيَ أعمالُكُم أُحصيها لَكُم، ثُمَّ أوفِّيكُم إيَّاها، فمَن وجَدَ خَيرًا، فليَحمَدِ اللَّهَ، ومِن وَجَد غَيرَ ذلك فلا يَلومَنَّ إلَّا نَفسَه)) [2166] أخرجه مسلم (2577). .

انظر أيضا: