موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: الاعتِناءُ بتَحقيقِ ألفاظِ دُعاءِ الاستِخارةِ


يَنبَغي الاعتِناءُ بدُعاءِ الاستِخارةِ والإتيانُ به على وَجهِه كما عَلَّمه الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستِخارةَ كما يُعَلِّمُنا السُّورةَ مِنَ القُرآنِ، يقولُ: إذا هَمَّ أحَدُكم بالأمرِ فليركَعْ رَكعَتَينِ مِن غَيرِ الفريضةِ، ثُمَّ ليقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرَتِك، وأسألُك مِن فضلِك العَظيمِ؛ فإنَّك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أعلمُ، وأنت عَلَّامُ الغُيوبِ، اللَّهمَّ إن كُنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ خَيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِه- فاقدُرْه لي ويَسِّرْه لي، ثُمَّ بارِكْ لي فيه، وإنْ كُنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شَرٌّ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: في عاجِلِ أمري وآجِلِه- فاصرِفْه عنِّي واصرِفْني عنه، واقدُرْ لي الخَيرَ حَيثُ كان، ثُمَّ أرضِني، قال: ويُسَمِّي حاجَتَه)) [2448] أخرجه البخاري (1162). .
فقَولُه: ((مِن غَيرِ الفريضةِ)) بَعدَ قَولِه: ((كما يُعَلِّمُنا السُّورةَ مِنَ القُرآنِ)) يَدُلُّ على الاعتِناءِ التَّامِّ البالغِ بهذا الدُّعاءِ وهذه الصَّلاةِ؛ لجَعلِهما تِلْوَينِ للفريضةِ والقُرآنِ [2449] يُنظر: ((الكاشف عن حقائق السنن)) للطِّيبي (4/ 1245)، ((فتح الباري)) لابن حجر (11/ 185). .
قال ابنُ أبي جَمرةَ: (قَوله: «كما يُعَلِّمُنا السُّورةَ مِنَ القُرآنِ» احتَمَلَ أن يَكونَ الشَّبَهُ مِن جِهةِ حِفظِ حُروفِه وتَرتيبِها، ولا يُبَدَّلُ مِنها شَيءٌ بشَيءٌ... واحتَمَلَ أن يَكونَ أرادَ مَنعَ الزِّيادةِ على تلك الألفاظِ والنَّقصِ مِنها... واحتَمَلَ أن يَكونَ الشَّبَهُ مِن طَريقِ الاهتِمامِ بها والتَّحقيقِ ببَرَكَتِها والاحتِرامِ لَها، واحتَمَلَ أن يَكونَ الشَّبَهُ مِن كَونِها بوَحيٍ مِنَ اللهِ تعالى كما أنَّ السُّورةَ بوَحيٍ مِنَ اللهِ ليس مِن عِندِه عليه السَّلامُ، واحتَمَلَ أن يَكونَ الشَّبَهُ في التَّدريسِ لَها والمُحافَظةِ عليها والمُعاهَدةِ لذلك، كما أخبَرَ عليه السَّلامُ عن حامِلِ القُرآنِ أنَّه مِثلُ صاحِبِ الإبِلِ المُعَقَّلةِ، إن عاهَدَ عليها أمسَكَها، وإن أطلَقَها ذَهَبَت [2450] أخرجه البخاري (5031)، ومسلم (789) مِن حَديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، ولَفظُه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما مَثَلُ صاحِبِ القُرآنِ كمَثَلِ صاحِبِ الإبِلِ المُعَقَّلةِ، إن عاهَدَ عليها أمسَكَها، وإن أطلَقَها ذَهَبَت)). ، واحتَمَلَ مَجموعَ ما وجَّهْناه وأكثَرَ) [2451] ((بهجة النفوس)) (2/ 87). .

انظر أيضا: