موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: حَدُّ الآلةِ قَبلَ الشُّروعِ في الذَّبحِ وعَدَمُ حَدِّها بَينَ يَدَيِ الحَيَوانِ


يُستَحَبُّ أن يُحِدَّ الذَّابحُ آلةَ الذَّبحِ قَبلَ إضجاعِ الحَيَوانِ والشُّروعِ في ذَبحِه، ويُكرَهُ أن يُحِدَّ الذَّابحُ السِّكِّينَ، والحَيَوانُ يُبصِرُه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((مَرَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على رَجُلٍ واضِعٍ رِجلَه على صَفحةِ شاةٍ وهو يُحِدُّ شَفرَتَه وهيَ تَلحَظُ إليه ببَصَرِها، فقال: أفلا قَبْلَ هذا؟! تُريدُ أن تُميتَها مَوتَتَينِ!)) [2642] أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3590) واللفظ له، والبيهقي (19615)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (174). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1090)، وذكر ثبوته ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (23/74) وقال: ورجاله رجال الصحيح، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/161)، والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/36): رجاله رجال الصحيح. .
وفي رِوايةٍ: ((أنَّ رَجُلًا أضجَعَ شاةً يُريدُ أن يَذبَحَها، وهو يُحِدُّ شَفرَتَه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أتُريدُ أن تُميتَها مَوتاتٍ؟! هَلَّا حَدَدَتَ شَفرَتَك قَبلَ أن تُضجِعَها ؟!)) [2643] أخرجها الحاكم (7778). صحَّحه الحاكم وقال: على شرط الشيخين، والألباني في ((غاية المرام)) (40)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (11/220). .
2- عن شَدَّادِ بنِ أوسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ثِنْتانِ حَفِظْتُهما عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ قال: ((إنَّ اللهَ كَتَب الإحسانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذا قتَلْتُم فأحسِنوا القِتْلةَ، وإذا ذبَحتُم فأحسِنوا الذَّبحَ، ولْيُحِدَّ أحَدُكم شَفْرَتَه، فلْيُرِحْ ذَبيحتَه)) [2644] أخرجه مسلم (1955). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كَتَبَ الإحسانَ))، وقَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليُرِحْ ذَبيحَتَه)) يَشمَلُ إحدادَ السِّكِّينِ، وتَعجيلَ إمرارِها، وغَيرَ ذلك مِن عَدَمِ شَحذِ السِّكِّينِ بَعدَ إضجاعِها؛ لِما فيه مِن تَخويفِها وإيذائِها [2645] يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (13/107)، ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 246)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/162). .
ب- مِنَ الآثارِ
عن عاصِمِ بنِ عُبَيدِ اللهِ بنِ عاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ (أنَّ رَجُلًا حَدَّ شَفرةً وأخذَ شاةً ليَذبَحَها، فضَربَه عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه بالدِّرَّةِ، وقال: أتُعَذِّبُ الرُّوحَ؟! ألَّا فعَلتَ هذا قَبلَ أن تَأخُذَها) [2646] أخرجه مالك في ((الموطأ- رواية أبي مصعب الزهري)) (2165)، والبيهقي (19171) واللفظ له. .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الحَيَوانَ يَعرِفُ ما يُرادُ مِنه، فإذا كان يَعرِفُ ذلك وهو يُحِدُّ الشَّفرةَ عِندَه، كان فيه زيادةُ ألَمٍ غَيرِ مُحتاجٍ إليه [2647] يُنظر: ((البناية)) للعيني (11/562). .

انظر أيضا: