موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: الاجتِماعُ وعَدَمُ التَّفرُّقِ


مِن السنةِ الاجتِماعُ في المَجلِسِ وعَدَمُ التَّفرُّقِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن جابِرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خَرَجَ علينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ما لي أراكُم رافِعي أيديكُم كَأنَّها أذنابُ خَيلٍ شُمُسٍ [1073] الشُّمُسُ: جَمعُ شَموسٍ: وهو مِنَ الدَّوابِّ الذي لا يَكادُ يَستَقِرُّ. يُنظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (1/ 456). ؟! اسكُنوا في الصَّلاةِ. قال: ثُمَّ خَرَجَ علينا فرَآنا حِلَقًا فقال: ما لي أراكُم عِزينَ؟! قال: ثُمَّ خَرَجَ علينا فقال: ألَا تَصفُّونَ كَما تَصُفُّ المَلائِكةُ عِندَ رَبِّها؟ فقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، وكَيف تَصُفُّ المَلائِكةُ عِندَ رَبِّها؟ قال: يُتِمُّونَ الصُّفوفَ الأُوَلَ ويتراصُّون في الصَّفِّ)) [1074] أخرجه مسلم (430). .
وفي رِوايةٍ: ((دَخَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَسجِدَ وهم حِلَقٌ، فقال: ما لي أراكُم عِزينَ؟!)) [1075] أخرجها أبو داود (4823) واللفظ له، وأحمد (20958). صحَّحها الشوكاني في ((الفتح الرباني)) (2/640)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4823)، وصَحَّح إسنادَها شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4823). .
قال الخَطَّابيُّ: (قَولُه: «عِزينَ» يُريدُ فِرَقًا مُختَلِفينَ لا يَجمَعُكُم مَجلِسٌ واحِدٌ) [1076] ((معالم السنن)) (4/ 114). .
2- عن أبي واقِدٍ اللَّيثيِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيْنَما هو جَالِسٌ في المَسْجِدِ وَالنَّاسُ معهُ، إذْ أَقْبَلَ نَفَرٌ ثَلَاثَةٌ، فأقْبَلَ اثْنَانِ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قالَ فَوَقَفَا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّا أَحَدُهُما فَرَأَى فُرْجَةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فأدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فأوَى إلى اللهِ، فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللَّهُ منه، وَأَمَّا الآخَرُ فأعْرَضَ، فأعْرَضَ اللَّهُ عنْه)) [1077] أخرجه البخاري (66)، ومسلم (2176) واللَّفظُ له. .
قال البَغويُّ: (فيه بَيانُ أنَّ مَن حَضَرَ جَماعةً، فوجَدَ في الحَلقةِ فُرجةً، أو حَضَرَ الصَّلاةَ وفي الصَّفِّ فُرجةٌ، فالأَولى أن يَدخُلَ الفُرجةَ، فإن لم يَجِدْ فلا يُزاحِمْهم إلَّا أن يتفَسَّحوا له، بَل يَجلِسُ حَيثُ يَنتَهي به المَجلِسُ) [1078] ((شرح السنة)) (12/ 299، 300). .

انظر أيضا: