موسوعة الآداب الشرعية

رابعَ عشرَ: اختيارُ الجليسِ


يَنبَغي أن يَختارَ المَرءُ جَليسَه، وأن يَجلِسَ مَعَ أهلِ الصَّلاحِ والمُروءةِ والتَّقوى، ويَترُكَ مُجالَسةَ أهلِ الفُجورِ ومَن تَضُرُّه مُجالَسَتُهم.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي موسى رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّما مَثَلُ الجَليسِ الصَّالحِ والجَليسِ السُّوءِ كَحامِلِ المِسكِ ونافِخِ الكِيرِ [1109] الكيرُ: شَيءٌ يَنفُخُ فيه الحَدَّادُ في النَّارِ؛ ليَزولَ خَبَثُ الحَديدِ عنِ الحَديدِ. ((المفاتيح)) للمظهري (2/ 398). ؛ فحامِلُ المِسكِ إمَّا أن يُحذيَك [1110] يُحذِيَك: أي: يَهَبَ لك الشَّيءَ مِن ذلك. يُقالُ: أحذَيتُ الرَّجُلَ أُحذيه: إذا أعطَيتَه الشَّيءَ وأتحَفتَه به، والحَذيَّةُ والحُذَيَّا: العَطيَّةُ. يُنظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (1/ 408)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (6/ 543). ، وإمَّا أن تَبتاعَ مِنه، وإمَّا أن تَجِدَ مِنه ريحًا طَيِّبةً، ونافِخُ الكيرِ إمَّا أن يُحرِقَ ثيابَك، وإمَّا أن تَجِدَ ريحًا خَبيثةً)) [1111] أخرجه البخاري (5534)، ومسلم (2628) واللفظ له. .
في الحَديثِ النَّهيُ عن مُجالسةِ مَن يُتَأذَّى بمُجالسَتِه في الدِّينِ والدُّنيا، والتَّرغيبُ في مُجالسةِ مَن يُنتَفَعُ بمُجالسَتِه فيهما [1112] ((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 324). ويُنظُر لأقسامِ النَّاسِ في المُخالَطةِ: ((بدائع الفوائد) لابن القيم (2/ 274). .
2- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((... مَثَلُ الجَليسِ الصَّالحِ كمَثَلِ صاحِبِ المِسكِ، إن لم يُصِبْك مِنه شَيءٌ أصابَك مِن ريحِه، ومَثَلُ جَليسِ السُّوءِ كمَثَلِ صاحِبِ الكِيرِ، إن لم يُصِبْك مِن سَوادِه أصابَك مِن دُخَانِه)) [1113] أخرجه أبو داود (4829)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (1381). صححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4829)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4829). .
3- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((لا تُصاحِبْ إلَّا مُؤمِنًا، ولا يَأكُلْ طَعامَك إلَّا تَقيٌّ)). [1114] أخرجه أبو داود (4832)، والترمذي (2395) واللَّفظُ لهما، وأحمد (11337) باختلافٍ يسيرٍ. حَسَّنه الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (6/468)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4832)، وصَحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (7365)، وحَسَّنه شُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((سنن أبي داود)) (4832). وذهب إلى تصحيحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (554)
4- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الرَّجُلُ على دينِ خَليلِه، فليَنظُرْ أحَدُكُم مَن يُخالِلُ)). [1115] أخرجه أبو داود (4833)، والترمذي (2378) واللَّفظُ لهما، وأحمد (8417) باختلافٍ يسيرٍ. حَسَّنه ابنُ حجر في ((الأمالي المطلقة)) (151)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4833)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1288) ذهب إلى تصحيحه الحاكم في ((المستدرك)) (7526)، ابنُ باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/306).

انظر أيضا: