موسوعة الآداب الشرعية

ثامِنًا: ألَّا تَسألَ المَرأةُ طَلاقَ أُختِها


لا يَنبَغي لامرَأةٍ أن تَطلُبَ أو تَشتَرِطَ طَلاقَ غَيرِها لتَنفرِدَ بزَوجِها [1228] ينظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (18/ 165) ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 192)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 220). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَبيعَ حاضِرٌ لبادٍ [1229] بَيعُ الحاضِرِ للبادي هو: أن يَقدَمَ البادي (الغَريبُ) إلى المَدينةِ بمَتاعٍ تَعُمُّ الحاجةُ إليه ليَبيعَه بسِعرِ يَومِه جاهلًا بسِعرِه، ويَقصِدَه الحاضِرُ البَلديُّ (مِن سُكَّانِ المَدينةِ) ليَتَولَّى بَيعَه، أو يَقولَ له: اترُكْه عِندي لأبيعَه على التَّدريجِ بأغلى. يُنظر: ((المقنع)) لابن قدامة (ص: 156)، ((التوضيح)) لابن الملقن (14/ 347)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/184). ، ولا تَناجَشوا [1230] النَّجْشُ لُغةً: أصلُه الاستِثارةُ، ومِنه: نَجَشتُ الصَّيدَ أنَجُشُه -بالضَّمِّ- نَجشًا: إذا استَثَرتَه، وسُمِّي النَّاجِشُ في السِّلعةِ ناجِشًا؛ لأنَّه يُثيرُ الرَّغبةَ فيها ويَرفعُ ثَمَنَها، وقيل: أصلُه المَدحُ والإطراءُ. وبيعُ النَّجشِ اصطِلاحًا: أن يَزيدَ في ثَمَنِ السِّلعةِ مَن لا يُريدُ شِراءَها، بَل ليَخدَعَ غَيرَه ويَغُرَّه ليَزيدَ ويَشتَريَها. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (3/1021)، ((شرح مسلم)) للنووي (10/159)، ((تحرير ألفاظ التنبيه)) للنووي (ص: 184)، ((لسان العرب)) لابن منظور (6/351)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/67)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/594)، ((التوضيح)) لابن الملقن (14/ 348، 349)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/284)، ((التاج والإكليل)) للمواق (4/377). ، ولا يَبيعُ الرَّجُلُ على بَيعِ أخيه، ولا يَخطُبُ على خِطبةِ أخيه، ولا تَسألُ المَرأةُ طَلاقَ أُختِها لتَكفَأَ ما في إنائِها [1231] تَكفأُ ما في إنائِها: هو مَن كَفأتُ القِدرَ: إذا كَبَبتَها لتُفرِغَ ما فيها، وهذا مَثَلٌ لإقالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتِها مِن زَوجِها إلى نَفسِها. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (1/ 538)، ((المغرب في ترتيب المعرب)) للمطرزي (ص: 411). ) [1232] أخرجه البخاري (2140) واللفظ له، ومسلم (1413). .
وفي رِوايةٍ: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تُنكَحَ المَرأةُ على عَمَّتِها أو خالتِها، أو أن تَسألَ المَرأةُ طَلاقَ أُختِها لتَكتَفِئَ ما في صَحفتِها [1233] قال أبو عُبَيدٍ: (أصلُ الصَّحفةِ: القَصعةُ، وجَمعُها صِحافٌ. وقَولُه: «لتَكتَفِئَ» إنَّما هو مَثَلٌ، يَقولُ: لا تُمِلْ حَظَّ تلك إلى نَفسِها؛ لتُصَيِّرَ حَظَّ أُختِها مِن زَوجِها كُلَّه لها. وإنَّما قَولُه: «لتَكتَفِئَ»، تَفتَعِلُ، مِن: كَفأتُ القِدرَ وغَيرَها: إذا كَبَبتَها، ففرَغتَ ما فيها). ((غريب الحديث)) (2/ 340، 341). وقال النَّوويُّ: (مَعنى هذا الحَديثِ نَهيُ المَرأةِ الأجنَبيَّةِ أن تَسألَ الزَّوجَ طَلاقَ زَوجتِه وأن يَنكِحَها ويَصيرَ لها مِن نَفقَتِه ومَعروفِه ومُعاشَرَتِه ونَحوِها ما كان للمُطلَّقةِ، فعَبَّرَ عن ذلك باكتِفاءِ ما في الصَّحفةِ مَجازًا... والمُرادُ بأُختِها غَيرُها، سَواءٌ كانت أُختَها مِنَ النَّسَبِ أو أُختَها في الإسلامِ أو كافِرةً). ((شرح مسلم)) (9/ 192). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 220). ؛ فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ رازِقُها)) [1234] أخرجها مسلم (1408). .
وفي رِوايةٍ: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... أن تَشتَرِطَ المَرأةُ طَلاقَ أُختِها)) [1235] أخرجها البخاري (2727). .
وفي رِوايةٍ: ((لا تَسألِ المَرأةُ طَلاقَ أُختِها لتَستَفرِغَ صَحفتَها، ولْتَنكِحْ؛ فإنَّ لها ما قُدِّرَ لها)) [1236] أخرجها البخاري (6601). .
وفي رِوايةٍ: ((لا يَحِلُّ لامرَأةٍ تَسألُ طَلاقَ أُختِها [1237] قال ابنُ حَجَرٍ: (قَولُه: «لا يَحِلُّ» ظاهِرٌ في تَحريمِ ذلك، وهو مَحمولٌ على ما إذا لم يَكُنْ هناكَ سَبَبٌ يُجَوِّزُ ذلك، كَريبةٍ في المَرأةِ لا يَنبَغي مَعَها أن تَستَمِرَّ في عِصمةِ الزَّوجِ، ويَكونُ ذلك على سَبيلِ النَّصيحةِ المَحضةِ، أو لضَرَرٍ يَحصُلُ لها مِنَ الزَّوجِ أو للزَّوجِ مِنها، أو يَكونُ سُؤالُها ذلك بعِوَضٍ، وللزَّوجِ رَغبةٌ في ذلك، فيَكونُ كالخُلعِ مَعَ الأجنَبيِّ إلى غَيرِ ذلك مِنَ المَقاصِدِ المُختَلفةِ). ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 220). ويُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (7/ 272، 273). لتَستَفرِغَ صَحفتَها؛ فإنَّما لها ما قُدِّرَ لها)) [1238] أخرجها البخاري (5152). .

انظر أيضا: