موسوعة الآداب الشرعية

عاشرًا: التَّزَوُّجُ في شَوَّالٍ


يُستَحَبُّ التَّزَوُّجُ والدُّخولُ في شَوَّالٍ ما أمكَنَ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عُروةَ، عن عائِشةَ، قالت: ((تَزَوَّجَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في شَوَّالٍ، وبَنى بي في شَوَّالٍ، فأيُّ نِساءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أحظى عِندَه مِنِّي؟ [1249] قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (هذا إنَّما قالته عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها لتَرُدَّ به قَولَ مَن كان يكرَهُ عَقدَ النِّكاحِ في شَهرِ شَوَّالٍ، ويَتَشاءَمُ به مِن جِهةِ أنَّ شَوَّالًا مِنَ الشَّولِ، وهو الرَّفعُ. ومِنه: شالَتِ النَّاقةُ بذَنَبِها. وقد جَعَلوه كِنايةً عَنِ الهَلاكِ؛ إذ قالوا: شالَت نَعامَتُهم، أي: هَلَكوا. فـشَوَّالٌ مَعناه: كَثيرُ الشَّولِ؛ فإنَّه للمُبالَغةِ، فكَأنَّهم كانوا يَتَوهَّمونَ أنَّ كُلَّ مَن تَزَوَّج في شَوَّالٍ مِنهنَّ شال الشَّنَآنُ بَينَها وبَينَ الزَّوجِ، أو شالَت نُفرتُه، فلَم تَحصُلْ لَها حُظوةٌ عِندِه؛ ولذلك قالت عائِشةُ رادَّةً لذلك الوَهمِ: "فأيُّ نِسائِه كان أحظى عِندَه مِنِّي؟!" أي: لَم يَضُرَّني ذلك، ولا نَقصَ مِن حُظوتي. ثُمَّ إنَّها تَبَرَّكَت بشَهرِ شَوَّالٍ، فكانت تُحِبُّ أن تُدخِلَ نِساءَها على أزواجِهنَّ في شَوَّالٍ؛ للَّذي حَصَلَ لَها فيه مِنَ الخَيرِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَ الحُظوةِ عِندَه، ولمُخالفةِ ما يَقولُ الجُهَّالُ مِن ذلك. ومِن هذا النَّوعِ كَراهةُ الجُهَّالِ عِندَنا اليَومَ عَقدَ النِّكاحِ في شَهرِ المُحَرَّمِ، بَل يَنبَغي أن يُتَيَمَّنَ بالعَقدِ والدُّخولِ فيه؛ تَمَسُّكًا بما عَظَّمَ اللهُ ورَسولُه مِن حُرمَتِه، ورَدعًا للجُهَّالِ عن جَهالاتِهم). ((المفهم)) (4/ 123). وقال النَّوويُّ: (فيه استِحبابُ التَّزويجِ والتَّزَوُّجِ والدُّخولِ في شَوَّالٍ، وقد نَصَّ أصحابُنا على استِحبابِه، واستَدَلُّوا بهذا الحَديثِ، وقَصَدَت عائِشةُ بهذا الكَلامِ رَدَّ ما كانتِ الجاهليَّةُ عليه وما يَتَخَيَّلُه بَعضُ العَوامِّ اليَومَ مِن كَراهةِ التَّزَوُّجِ والتَّزويجِ والدُّخولِ في شَوَّالٍ، وهذا باطِلٌ لا أصْلَ له، وهو مِن آثارِ الجاهليَّةِ، كانوا يَتَطَيَّرونَ بذلك؛ لِما في اسمِ شَوَّالٍ مِنَ الإشالةِ والرَّفعِ). ((شرح مسلم)) (9/ 209). )، قال: (وكانت عائِشةُ تَستَحِبُّ أن تُدخِلَ نِساءَها في شَوَّالٍ) [1250] أخرجه مسلم (1423). .

انظر أيضا: