موسوعة الآداب الشرعية

حادي عشرَ: الخُطبةُ قَبلَ عَقدِ النِّكاحِ


يُستَحَبُّ أن يُقدِّمَ بَينَ عَقدِ النِّكاحِ خُطبةً، وأفضَلُها خُطبةُ الحاجةِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((عَلَّمنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطبةَ الحاجةِ: إنَّ الحَمدَ للَّهِ نحمَدُه ونَستعينُه ونَستَغفِرُه، ونعوذُ به مِن شُرورِ أنفُسِنا، مَن يَهدِه اللَّهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، يا أيُّها الذين آمَنوا اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1] ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102] ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 71] )) [1251] أخرجه أبو داود (2118) واللفظ له، والنسائي (1404)، وأحمد (3720). صحَّحه الذهبي في ((المهذب)) (3/1142)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/530)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2118)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (3720). .
وفي رِوايةٍ: عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((أوتيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَوامِعَ الخَيرِ وخَواتِمَه -أو قال: فواتِحَ الخَيرِ- فعَلَّمنا خُطبةَ الصَّلاةِ، وخُطبةَ الحاجةِ؛ خُطبةُ الصَّلاةِ: التَّحيَّاتُ للَّهِ والصَّلَواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُه، السَّلامُ علينا وعَلى عِبادِ اللهِ الصَّالحينَ، أشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، وخُطبةُ الحاجةِ: إنَّ الحَمدَ للَّهِ نَحمَدُه ونَستعينُه ونَستَغفِرُه، ونعوذُ به مِن شُرورِ أنفُسِنا، مَن يَهدِه اللَّهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، ثُمَّ تَصِلُ خُطبَتَك بثَلاثِ آياتٍ مِن كِتاب اللهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران: 102] إلى آخِرِ الآيةِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ [النساء: 1] إلى آخِرِ الآيةِ، اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الأحزاب: 70 - 71] إلى آخِرِ الآيةِ)) [1252] أخرجها الترمذي (1105)، والنسائي (3277)، وابن ماجه (1892) واللفظ له. صحَّحها ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/27)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (6/264)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1892). .
قال السِّنديُّ: (قَولُه: "وخُطبةَ الحاجةِ" الظَّاهِرُ عُمومُ الحاجةِ للنِّكاحِ وغَيرِه، ويُؤَيِّدُه الرِّواياتُ فيَنبَغي أن يَأتيَ الإنسانُ بهذا ويَستَعينَ به على قَضائِها وتَمامِها... ويُحتَمَلُ أنَّ المُرادَ بالحاجةِ النِّكاح؛ إذ هو الذي تَعارَف فيه الخُطبةُ دونَ سائِرِ الحاجاتِ) [1253] ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (1/ 585)، ((حاشية السندي على سنن النسائي)) (3/ 105). والحديثُ بوَّب عليه الدَّارميُّ وابنُ ماجه وأبو داود والطبراني: (بابٌ في خُطبةِ النِّكاحِ). يُنظر: ((سنن الدارمي)) (3/ 1413)، ((سنن ابن ماجه)) (1/ 609)، ((سنن أبي داود)) (2/ 238)، ((الدعاء)) للطبراني (ص: 289). وبوَّب عليه البغَويُّ: (بابُ خُطبةِ النِّكاحِ والحاجةِ). يُنظر: ((شرح السنة)) للبغوي (9/ 49). وبوَّب عليه الترمذيُّ: (بابُ ما جاء في خُطبةِ النِّكاحِ)، ثمَّ قال بعد أن أخرج الحديثَ: (وقد قال أهلُ العِلمِ: إنَّ النِّكاحَ جائزٌ بغيرِ خُطبةٍ، وهو قولُ سُفيانَ الثَّوريِّ وغيرِه من أهلِ العِلمِ). يُنظر: ((سنن الترمذي)) (3/ 405، 406). ويُنظر: ((مستخرج أبي عوانة)) (11/ 286). .
وقال الشَّوكانيُّ: (استُدِلَّ بحَديثِ ابنِ مَسعودٍ هذا على مَشروعيَّةِ الخُطبةِ عِندَ عَقدِ النِّكاحِ وعِندَ كُلِّ حاجةٍ) [1254] ((نيل الأوطار)) (6/ 157). .
ب- من الآثارِ
عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ، قال: (خَطَبتُ إلى ابنِ عُمَرَ ابنَتَه، فقال: ابنُ أبي عَبدِ اللهِ لأهلٌ أن يُنكَحَ! نَحمَدُ اللَّهَ، ونُصَلِّي على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد زَوَّجناك على ما أمَرَ اللَّهُ إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة: 229] ) [1255] أخرجه سعيد بن منصور في ((السنن)) (689)، وابن أبي شيبة (17802) واللفظ له، والبيهقي (14205). .

انظر أيضا: