موسوعة الآداب الشرعية

خامسَ عشرَ: تَهيئةُ العَروسِ وتَزيينُها لزوجِها


يُستَحَبُّ تَهيِئةُ العَروسِ وتَزيينُها لزوجِها عندَ الزفافِ بما ليس فيه مُخالَفةٌ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، قالت: ((تَزَوَّجَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لسِتِّ سِنينَ، وبَنى بي وأنا بنتُ تِسعِ سِنينَ، قالت: فقَدِمنا المَدينةَ، فوُعِكتُ [1280] الوَعْكُ: ألمُ الحُمَّى. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (4/ 573). شَهرًا، فوفى شَعري جُمَيمةً [1281] وفى شَعري جُمَيمةً: أي: بَلغَ إلى أن صارَ جُمَّةً صَغيرةً لتَمَعُّطِه بالمَرَضِ، فالجُمَيمةُ: تَصغيرُ جُمَّةٍ، وهيَ الشَّعرُ النَّازِلُ إلى الأُذُنَينِ ونَحوِهما، واللِّمَّةُ للمَنكِبِ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (4/ 573)، ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (4/ 121)، ((شرح مسلم)) للنووي (9/ 207). ، فأتَتني أمُّ رُومانَ وأنا على أُرجوحةٍ، ومَعي صَواحِبي، فصَرَخَت بي فأتَيتُها، وما أدري ما تُريدُ بي، فأخَذَت بيَدي، فأوقَفَتني على البابِ، فقُلتُ: هَهْ هَهْ، حَتَّى ذَهَبَ نَفَسي! فأدخَلَتني بَيتًا، فإذا نِسوةٌ مِنَ الأنصارِ، فقُلنَ: على الخَيرِ والبَرَكةِ، وعَلى خَيرِ طائِرٍ، فأسلَمَتني إليهِنَّ، فغَسَلنَ رَأسي وأصلَحنَني، فلَم يَرُعْني إلَّا ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضُحًى، فأسلَمْنَني إليه)) [1282] أخرجه البخاري (3894)، ومسلم (1422) واللفظ له. .
قال النَّوويُّ: (قَولُها: "فغَسَلنَ رَأسي وأصلَحنَني" فيه استِحبابُ تَنظيفِ العَروسِ وتَزيينِها لزَوجِها، واستِحبابُ اجتِماعِ النِّساءِ لذلك، ولأنَّه يَتَضَمَّنُ إعلانَ النِّكاحِ، ولأنَّهنَّ يُؤانِسنَها ويُؤَدِّبنَها ويُعلِّمنَها آدابَها حالَ الزِّفافِ وحالَ لِقائِها الزَّوجَ) [1283] ((شرح مسلم)) (9/ 207، 208). .
2- وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعتَقَ صَفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ -رَضيَ اللهُ عنها- وتَزَوَّجَها، قال: ((حَتَّى إذا كان بالطَّريقِ جَهَّزَتها له أمُّ سُلَيمٍ، فأهدَتها له مِنَ اللَّيلِ، فأصبَحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَروسًا)) [1284] أخرجه البخاري (371)، ومسلم (1365). .
قال النَّوويُّ: (جَهَّزَتها أمُّ سُلَيمٍ وهَيَّأتها، أي: زيَّنَتها وجَمَّلَتها على عادةِ العَروسِ بما ليس بمَنهيٍّ عَنه مِن وَشمٍ ووَصلٍ وغَيرِ ذلك مِنَ المَنهيِّ عَنه. وقَولُه: "أهدَتها" أي: زَفَّتها، يُقالُ: أهدَيتُ العَروسَ إلى زَوجِها، أي: زَفَفتُها، والعَروسُ يُطلَقُ على الزَّوجِ والزَّوجةِ جَميعًا) [1285] ((شرح مسلم)) (9/ 222). .
وفي رِوايةٍ: ((دَفعَها إلى أُمِّ سُلَيمٍ تُصَنِّعُها له وتُهَيِّئُها)) [1286] أخرجها مسلم (1365). .
قال عِياضٌ: (قَولُه: "دَفعَها إلى أُمِّ سَليمٍ تُصَنِّعُها له وتُهَيِّئُها"، أي: تُزَيِّنُها وتُصلِحُها. فيه جَوازُ مِثلِ هذا ما لَم يَكُنْ بالوَجهِ المُنهيِّ عَنه؛ مِنَ الوَصلِ والوَشمِ وشِبهِه) [1287] ((إكمال المعلم)) (4/ 593). .

انظر أيضا: